Search Icon

بين الاستثمار والفوضى: Airbnb يتحوّل إلى مصدر إزعاج ومخالفة في البترون وكفرعبيدا

منذ 4 ساعات

أقلام حرة

الاحداث- خاص

تخيّل أن تعيش في حيّ هادئ، وفجأة، يتحوّل إلى مكان يعجّ بالضجيج، حفلات كل ليلة، موسيقى صاخبة، وناس غرباء لا تعرفهم يتوافدون كل يوم إلى شقق بجانب منزلك. لم تعد تعرف من يحيط بك، ولا متى يمكنك أن تنام بهدوء. أطفالك، كبار السن، وحتى أنت... لم يعد أحد بمنأى عن هذا الإزعاج المستمر. كل ذلك يحصل في قلب حيّك، حيث يفترض أن تشعر بالأمان والراحة.

في الوقت الذي يشهد فيه لبنان نموًا ملحوظًا في قطاع التأجير قصير الأمد عبر منصات مثل Airbnb، تتكشّف في بعض المناطق سلبيات صارخة تهدّد راحة السكان وخصوصيتهم، وتطرح علامات استفهام حول دور البلديات في الرقابة والمتابعة.

ففي بلدتي البترون وكفرعبيدا تحديدًا، بات من الواضح أن عددًا متزايدًا من المستثمرين يعمدون إلى استئجار أو شراء شقق داخل أحياء سكنية هادئة، وتحويلها إلى أماكن لإقامة حفلات صاخبة ومستمرة. وتشير التقديرات إلى أنّ ما لا يقل عن 100 شخص يستثمرون في هذا النوع من التأجير، ما أدى إلى تشويه الطابع السكني للمناطق وتحويلها إلى ساحات فوضى ليلية.

لا تقتصر هذه الظاهرة على مجرّد الحفلات، بل تتخلّلها موسيقى مرتفعة، قرع طبل، وإطلاق مفرقعات نارية في أوقات متأخرة جدًا من الليل – أحيانًا عند الثانية أو الثالثة فجرًا، وحتى في ليالي الآحاد والأعياد. هذا الواقع يقضّ مضاجع العائلات والمسنّين والأطفال، ويحرم السكان من حقهم في الهدوء، في بيوت اشتروها أو استأجروها للعيش بسلام.

من الاستثمار إلى الانتهاك

الأخطر من ذلك، أنّ بعض هذه الشقق، بحسب إفادات أهالي وأوساط مطلعة، تحوّلت إلى بؤر للدعارة، تُستخدم بشكل منتظم بعيدًا عن أعين الرقابة، ما يسيء إلى سمعة البلدتين السياحيتين، ويهدّد الأمن الاجتماعي، خاصة في ظل غياب الضوابط وتراخي بعض البلديات عن أداء واجبها في الرقابة والمحاسبة.

أين دور البلديات؟

في بلدات كالبترون وكفرعبيدا، حيث تُبذل جهود لجذب الزوار والسياح، من غير المقبول أن يُسمح بتحويل الأحياء السكنية إلى أماكن مفتوحة لكل أنواع الإزعاج والتعدّي على القوانين والأخلاق العامة. ولا يمكن للبلديات التذرّع بالحرية الفردية أو بعدم الاختصاص، فـحفظ الأمن الاجتماعي والسكني يقع في صلب مسؤولياتها، وهي مطالبة بالتالي بـ:
    •    وضع نظام واضح لتأجير الشقق القصيرة الأمد، ومنع تحويلها إلى صالات حفلات أو أوكار مشبوهة.
    •    فرض تراخيص مسبقة على الشقق المؤجرة بشكل متكرر.
    •    محاسبة المالكين والمستثمرين المخالفين، واتخاذ إجراءات رادعة بحقهم.
    •    تنظيم دوريات ليلية في الأحياء السكنية المتضرّرة لضبط المخالفات.

الحاجة إلى تشريع وتنظيم

إن تفلّت الأمور بهذا الشكل لا يهدد فقط راحة السكان، بل يضرب مصداقية المناطق كوجهات سياحية عائلية راقية. وإذا لم تتدخّل البلديات والجهات الرسمية لوضع حد لهذه الفوضى، فسنكون أمام مزيد من التدهور في نوعية الحياة، وتسرب العائلات من أحيائها، وارتفاع مستوى التوتر الاجتماعي.

الاستثمار مرحّب به حين يحترم حدود القانون وحقوق الجوار. أما حين يتحوّل إلى تعدٍّ على كرامة الناس وراحتهم وأمنهم، فالمطلوب وقفة حازمة، وإجراءات فورية. فـالبترون وكفرعبيدا تستحقان أن تبقيا بلدتين نابضتين بالجمال والهدوء، لا مرتعًا للفوضى و”الربح السريع” على حساب الناس.