ما هي خلفيات قرار اعتكاف الحريري؟ ومن هو البديل؟
الاحداث - كتب إيلي صعب
قرار عزوف الرئيس سعد الحريري عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة لم يكن مفاجئاً خصوصاً بعد غياب طويل عن الساحة السياسية. وهذا ”التغييب“ للحريرية السياسية عن الساحة، وخصوصا بعد طلب الحريري من زملائه في تيار "المستقبل" بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، لا يمكن إلا أن يكون مدروسًا إقليميا ودوليا.
فالقرار في مُواجهة "حزب الله" قد إتخذ على أعلى المُستويات، إقليميًا وأميركيًا، وهذا يعني أنّ المرحلة المُقبلة في لبنان ليست مرحلة تسوية، وشخصية الحريري ليست مؤهلة لتكون شخصية مواجهة وخصوصاً ان المواجهة ستكون شرسة .
فالأزمة الاقتصادية والانهيار المالي الحاصل في لبنان لن يتم حلهما مع حصول الاستحقاقين الانتخابيين النيابي والرئاسي بل هي ستستمرّ وتشتدّ .
لذلك، توصل المجتمع الدولي ومن بينها دول الخليج الى قناعة أنه لا يمكن الاتكال على تيار "المستقبل" ورئيسه سعد الحريري لحل الأزمة خصوصًا في ظل سيطرة "حزب الله" على القرار اللبناني، وعلى إنهاء عمليات التهريب الى دولها، ولاسيما أنه لا من حزب سياسي لبناني يتحدث عن مرحلة حل "حزب الله" ما بعد الانتخابات النيابية، فما هي الخطة والرؤية وطريقة إدارة هذه الأزمة؟
وحتى إن كان هناك إرادة لدى الأطراف الوازنة في لبنان لمواجهة هيمنة "حزب الله " وسلاحه، فبات معروفاً أن ليس هناك لدى الحريري أي رغبة فعلية وتنفيذية لهذا المشروع، فمن المعروف أن هذه المواجهة لن تمر مرور الكرام، و "حزب الله" لن يسلم سلاحه ويتخلى عن مشروعه في لبنان بهذه السهولة، لذلك لبنان مُقبل على مطبّات سياسيّة غير سهلة على الاطلاق، بحيث سيكون مصير تنظيم الإنتخابات النيابيّة كلّه على المحك. وإن حصلت هذه الإنتخابات النيابيّة، قد تفرز النتائج تيّارات وقوى مَقسومة بحدّة، بين مؤيد لسلاح "حزب الله" وبين رافض له ومُستعد لمُواجهته، في المقابل، يُخطّط "حزب الله " للفوز بغالبية نيابيّة تُخوّله إحكام قبضته أكثر فأكثر على مزيد من مفاصل الدولة اللبنانية، ما يعني أنّ المعركة مفتوحة على مصراعيها!.
باعتزال الحريري العمل السياسي لن يترك فراغًا سياسيًا سنيًا ،خصوصًا ان هناك أصواتًا سنية جريئة تطالب بإنهاء سلاح "حزب الله" وأبرزها فؤاد مخزومي، نائب بيروت، وهو مرشح لان يحصد أكثر من مقعد في بيروت والمناطق.
الأمور في لبنان مَفتوحة على كل الإحتمالات، والمُشكلة الكبرى أنّ ملفّ "حزب الله"، لم يعد ملفًّا داخليًا يُمكن التوصّل إلى حله عبر تدوير الزوايا على الطريقة اللبنانية، بل أصبح ملفًا إقليميًا-دوليًا مُتداخلا مع ملفّات المنطقة كلّها، الأمر الذي ربط الوضع اللبناني بجملة من الملفّات المُعقّدة والتي قد يستغرق حلّها سنوات طويلة.
معظم الدول العربية اليوم تبحث وتعمل على التطور والازدهار، وتطمح لإزالة كل خطر يهدد أمنها القومي والاقليمي، والهدف الدولي اليوم ليس بنيل أكثرية نيابية موالية في لبنان، ولكن بإنهاء هيمنة السلاح والمشروع الايراني في لبنان والمنطقة، مما يضع لبنان بدوامة خطرة بالأشهر والسنوات المقبلة، التي يمكن أن تحرره وتعيده الى الازدهار، أو الى الدمار البنيوي.
وهنا يطرح السؤال: هل من حل للبنان في المستقبل القريب اذا ما حصلت تسوية جديدة بين الغرب وإيران، وهل سيعود لبنان الى مرحلة الاغتيالات فندخل بعدها مرحلة الاستقلال الثالث؟