أقلام حرة

حزب الله وإيران ومستقبل المواجهة مع إسرائيل

خاص | الاحداث - كتب إبراهيم منصور

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد الضربات الإسرائيلية، يبدو أن "حزب الله" يجد نفسه في وضع معقد غير مسبوق. فعلى الرغم من الهجوم الأخير الذي استهدف مدينة حيفا داخل الأراضي المحتلة، فإن الرد الذي أتى من الحزب بدا متواضعًا مقارنة بحجم الضربات الإسرائيلية المتتالية مستهدفة قيادات حزبية بدأت بالاغتيالات بمسيرات، مروراً بتفجير أجهزة "بيجير" و" الوكي توكي" وصولاً إلى غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت  مستهدفة قادة في الحزب.

الضغوط الإيرانية وتأثيرها على حزب الله
من اللافت للنظر أن التطورات الأخيرة جاءت في وقت أعلنت فيه القيادة الإيرانية، وعلى لسان رئيسها مسعود بزشكيان ، تصريحات تصف الأمريكيين بـ"الأخوة". هذه التصريحات جاءت في سياق إشارة إلى تغيرات محتملة في موقف طهران تجاه الغرب وتحديداً تجاه الولايات المتحدة، ما أثار تساؤلات حول مدى استمرار الدعم الإيراني ل"حزب الله " بالقوة  نفسها التي كان يتمتع بها سابقاً.

من جهة أخرى، يبدو أن عملية الإغتيال التي تعرض لها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية  في غرفة نومه على الأراضي الإيرانية، والضربات التي طالت قيادات" حزب الله" في لبنان مثل فؤاد شكر، تعكس صورة جديدة من التعامل الإيراني مع الفصائل الموالية لها. هذه الضربات جاءت من دون ردود فعل قوية من إيران أو من "حزب الله"، ما يطرح تساؤلات عدة حول مدى "تخلي" إيران عن حلفائها، خصوصاً في ظل تغير التوجهات الدبلوماسية الإيرانية على المستوى الإقليمي.

القدرات العسكرية المحدودة لحزب الله
أظهرت التطورات الميدانية الأخيرة محدودية القدرات العسكرية ل"حزب الله في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية". وعلى الرغم من التصعيد الإعلامي والتهديدات التي يطلقها الحزب، فإن الضربات المتتالية على الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية لبيروت لم تقابل برد مكافئ يرقى إلى مستوى الهجمات الإسرائيلية. بل، بدا أن الحزب يتجنب الانخراط في حرب شاملة، وهو ما يعكس تراجعه عن موقعه العسكري التقليدي لصالح الانخراط في اللعبة السياسية.

سوريا وإسرائيل: سياسة التهدئة
في المقابل، لا تزال سوريا تلعب دورًا معقدًا في هذا الصراع. لم تصدر أي بيانات رسمية تؤكد امتناع الجيش السوري عن استهداف الطائرات الإسرائيلية رغم الهجمات على الحدود، إلا أن الموقف السوري يتماشى مع سياسة التهدئة التي تتبعها دمشق في ظل توازنات إقليمية دقيقة. فالنظام السوري لا يريد الانخراط في مواجهة مباشرة مع إسرائيل قد تؤثر على استقراره الداخلي، وبخاصة بعد مرسوم العفو الأخير الذي أصدره الرئيس بشار الأسد، والذي يسعى من خلاله إلى توحيد الجبهة الداخلية.
وهنا يطرح السؤال هل يدفع "حزب الله" اليوم فاتورة تدخله بسوريا بالفعل؟ ولماذا تبدو صورته الآن على الصعيد الشعبي مغايرة للحرب التي خاضها في عام 2006؟

نتنياهو والأجندة الانتخابية
على الجانب الآخر، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو المستفيد الأكبر من التصعيد الحالي، حيث يستخدم الضربات العسكرية كوسيلة لتعزيز موقفه السياسي في الداخل الإسرائيلي. ومع اقتراب الانتخابات الأميركية، قد يسعى نتنياهو إلى استغلال هذا التصعيد للبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، مع علمه أن نهاية الحرب ستعني مباشرةً محاسبته على الأوضاع الداخلية في إسرائيل.

انتخابات أميركا وتأثيرها على المنطقة
من المرجح أن تلعب الانتخابات الأميركية القادمة دورًا كبيرًا في تهدئة الأوضاع، حيث قد تسعى الإدارة الديمقراطية برئاسة جو بايدن ونائبته كامالا هاريس إلى وقف التصعيد قبيل الانتخابات، مما يزيد من فرصهم في تحقيق مكاسب سياسية داخلية. ورغم أن الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل على لبنان قد تكون أصعب من الحرب العسكرية، إلا أن كل المؤشرات تشير إلى أن نهاية هذه الحرب، سواء الفعلية أو النفسية، قد تكون وشيكة قبل الانتخابات الأميركية.

نهاية حقبة السلاح؟
في ضوء هذه التطورات، يبدو أن "حزب الله" أمام مفترق طرق. فهل يتجه نحو التخلي عن دوره العسكري لصالح التحول إلى حزب سياسي صرف؟ هذا السؤال لا يزال مطروحًا بقوة في ظل الضغوط المحلية والدولية. ومع تراجع قدرته على الرد بشكل قوي على الهجمات الإسرائيلية، قد يجد الحزب نفسه مضطرًا لإعادة تقييم استراتيجيته على المدى الطويل.