Search Icon

لا "وقف للنار " في غزة ولبنان!؟

منذ ساعة

من الصحف

لا وقف للنار  في غزة ولبنان!؟

الأحداث - كتب  جورج شاهين في صحيفة الجمهورية يقول:"لم تحل الملاحظات دون مجموعة الأخطاء المرتكبة على مختلف المستويات السياسية والإعلامية، عند الحديث عن اتفاق لوقف إطلاق النار، لا في لبنان ولا في غزة. ذلك انّ ما أُعلن عنه لا يعدو كونه "وقفاً للعمليات العدائية" في لبنان، بالعودة إلى مضمون تفاهم 27 تشرين الثاني 204" و"وقف فوري للحرب" في غزة، على أن تؤدي البنود اللاحقة إلى وقف النار. وإن فُقدت الأسباب حول عدم التنبّه لهذه الملاحظة الدقيقة، يمكن الإشارة إلى الملاحظات التالية.
لم يتوقف سيل الشكاوى التي يطلقها قادة وشخصيات ومحللون لبنانيون، ومعهم عدد من قادة الدول والمسؤولين العرب، من عدم التزام العدو الإسرائيلي بمسلسل ما يسمّونه "اتفاقات وقف إطلاق النار"، سواء في لبنان او في غزة، وعلى الساحات التي انتقلت إليها الحروب، على رغم من فقدان هذه العبارة في كل الاتفاقيات التي تمّ التوصل إليها. فقد تلاحقت التفاهمات التي واكبت الحروب المتنقلة، وتوسعت من ساحة إلى أخرى دون التوصل إلى أي اتفاق لوقف النار. ولم تحل دون توسعها حتى شملت بقعة كبيرة من شرق البحر المتوسط وصولاً إلى عمقه في العراق ومنه إلى إيران. كما بالنسبة إلى ما جرى في اليمن منذ دخول الحوثيين على خط الإسناد لمقاتلي "حزب الله" في لبنان و"حماس"، والفصائل التي انضمّت إليها في قطاع غزة منذ إطلاق عملية "طوفان الأقصى" وما تلاها، بدءاً بحرب "الإلهاء والإسناد" في لبنان وصولاً إلى مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقاطها العشرين وتوقيع الوثائق الخاصة بها في مؤتمر "شرم الشيخ للسلام".
على هذه الخلفيات، طُرحت الأسئلة في كثير من المناسبات، عن مغزى الإشارة إلى أي من الخروقات المستمرة التي واظبت عليها إسرائيل في أكثر من جبهة، بعدما أحصت 7 منها تخوض فيها كل أشكال المواجهات العسكرية والسيبرانية والإستخبارية، بعدما قدّمت عروضاً غير مسبوقة. وهي من النماذج المُحدثة التي لم تكن تحتسبها مراجع مختلفة. فهي استهدفت بالإضافة إلى قادة "حماس" ومنظمات حليفة في غزة والضفة الغربية، شخصيات مؤثرة في "حزب الله" وصولاً إلى أمينيه العامين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، بعد تفجيرات "البيجر" و"الووكي توكي"، كما بالنسبة إلى استهداف قادة الحرس الثوري الإيراني وضباط الأركان في الجيش الإيراني في طهران ومدن إيرانية أخرى، وصولاً إلى رئيس حكومة الحوثيين وعدد من وزرائها ورئيس الأركان والضباط الكبار، عدا عن الأهداف النووية والمرافق الاقتصادية ومنشآت للطاقة الكهربائية ومخزوناتها المختلفة.
وتعتبر مراجع عسكرية واستخبارية وديبلوماسية في تقييمها للاتهامات التي أطلقتها القيادات المختلفة، في اعتبار انّ إسرائيل ماضية في خرقها لاتفاقات وقف إالنار، انّها غير مبرّرة من خارج وجهة النظر السياسية، والتي لا تتلاقى والمنطق العسكري. ذلك أنّ الاتفاقات الأخيرة لم تلحظ أي وقف شامل ونهائي وثابت لإطلاق النار. لا بل إنّها تحدثت عن وقف العمليات العدائية والعسكرية، ووضعت برامج ومحطات عدة لجمع الأسلحة من "حزب الله" و"حماس" وانسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ولمن فاتته أهمية هذه الملاحظات يمكن العودة إلى تفاهم 27 تشرين الثاني العام الماضي، الذي تحدث من ضمن فقراته الأولى على ما حرفيته "إعلان وقف الأعمال العدائية والالتزامات المتعلقة بترتيبات أمنية معززة نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701"، وهو ما يطلق مساراً قد يطول ويقصر قياساً على قدرة الأطراف ورعاة التفاهم على تنفيذ المراحل المتعددة التي نص عليها.
هذا في لبنان، أما في غزة، فقد تحدثت وثيقة ترامب بنقاطها العشرين في مجموعة فقراتها وأولاها الفقرة الثالثة، عن "وقف فوري للحرب في حال وافق الطرفان على المقترح، وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية". وقالت الرابعة "خلال 48 ساعة من إعلان إسرائيل قبولها الاتفاق، تتمّ إعادة جميع الأسرى من الجانبين، سواء أحياء أو جثامين". ومما جاء في الخامسة "مقابل إطلاق الأسرى، تُفرج إسرائيل عن مئات السجناء الفلسطينيين المحكومين بالسجن المؤبد، إضافة إلى أكثر من 1000 معتقل من غزة منذ بداية الحرب، وتسليم جثامين مئات الشهداء".
واستناداً إلى ما تقدّم، يبدو واضحاً لأي خبير او مراقب عسكري، انّ كل ما تمّ التوصل إليه من تفاهمات واتفاقيات لم يلحظ أي اتفاق او موعد لوقف النار، سوى الموعد الخاص بوقف العمليات العسكرية من دون فوارق أساسية. وفي الوقت الذي سمح تفاهم 27 تشرين الثاني 2024 للطرفين أي "حزب الله" وإسرائيل بالردّ على أي من الخروق المرتكبة بطريقة موازية، فإنّ تمادي تل أبيب في إرتكاباتها اليومية واغتيال المئات من عناصر الحزب، لم يردّ الأخير يوماً على أي من الآلاف من الخروقات البرية والبحرية والجوية ولو بطلقة رصاص واحدة. اما في غزة فقد خرق الطرفان الاتفاق، وقد برّرت بعض العمليات العسكرية الفلسطينية التي استهدفت ضابطاً او جندياً إسرائيلياً أو التأخير بتسليم جثة أسير مثلاً، بعد الإعلان عن تجميد العمليات العسكرية بردّ إسرائيلي عنيف، أضاف إلى لائحة الشهداء والجرحى المئات منهم.
وإلى هذه الأسباب وغيرها، فإنّ المنطق العسكري يشير إلى صعوبة تأمين التزام الطرفين معاً بالاتفاقات المعلن عنها. ذلك انّ فارق القوة يفيض من كل الجوانب السياسية والاقتصادية قبل العسكرية لمصلحة العدو، الذي يتكئ ايضاً من خارج ما نصّت عليه وثائق تجميد العمليات العسكرية على شكل ومضمون ومستوى كتب الضمانات الأميركية لإسرائيل في لبنان كما في غزة. ولذلك يرفق العدو أي بيان عن أي اعتداء يقوم به بالإشارة إلى إستشارة او موافقة واشنطن المسبقة على أي منها، وهو أمر لا يمكن ضبطه في ظل فقدان القدرة على الردع وبسبب اختلال موازين القوى إلى درجات يفتقد فيها أي جهاز لقياسها بين الطرفين.