Search Icon

بري يستعجل الإعمار: لا تفاوض مباشر ولا حرب... "اشتباك المغتربين": كل الاحتمالات واردة

منذ ساعتين

من الصحف

بري يستعجل الإعمار: لا تفاوض مباشر ولا حرب... اشتباك المغتربين: كل الاحتمالات واردة

الاحداث-  كتبت صحيفة "الجمهورية": يتجاذب المشهد اللبناني مساران يعدمان الشعور بالأمن والاستقرار، تعتريهما توترات وإرباكات بلا ضوابط، ومفتوحان على احتمالات مجهولة؛ الاول هو المسار السياسي، الذي تدرّج من المراوحة التي أسرت العمل الحكومي، وضعف الإنتاجية الذي تمّ التسليم به كأمر واقع، إلى الثبات الكلّي على خط التصعيد، حيث تضافرت انقساماته واصطفافاته السياسية وغير السياسية في إطلاق ما يبدو أنّه العدّ التنازلي لمواجهة كبرى باتت محسومة على حلبة الاستحقاق الانتخابي المفخخ بصاعق «تصويت المغتربين»، وكل اللاعبين على هذه الحلبة يحشدون قدراتهم ويستنفرون شعبوياتهم، لمعركة يُراد لها أن تكون «معركة كسر عظم» بين رافعي شعار إشراك المنتشرين في الخارج، في الاقتراع لكلّ اعضاء المجلس النيابي، وبين المتمسكين بإجراء الانتخابات في ايار المقبل وفق أحكام القانون الانتخابي النافذ. وأما الثاني، فهو المسار الأمني المزنّر بمناخات حربية يراكمها تكثيف إسرائيل لاعتداءاتها واغتيالاتها اليومية، بالتوازي مع ضخّ خبيث لسيناريوهات خطيرة، تضع لبنان وكأنّه على وشك أن يتعرّض لعدوان إسرائيلي واسع النطاق.

خلاف .. فاشتباك

سياسياً، وكما كان متوقعاً، فإنّ اللجنة الوزارية المكلّفة دراسة التعديلات المقترحة على القانون الانتخابي، التي لا خلاف أصلاً بين أعضائها على حسم بعض الامور المصنّفة تقنية في القانون الانتخابي، لم تتمكن من تجاوز الخلاف الحاد حول موضوع المغتربين، وبالتالي لم تصل إلى صيغة مشتركة توفّق بين الاقتراحات المطروحة، ولاسيما حول إلغاء البند المتعلق بتصويت المغتربين لستة نواب في الخارج، وايضاً حول النص في القانون الانتخابي النافذ على إشراك المنتشرين في الاقتراع لكل المجلس النيابي، كما يطالب وزراء «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب، او عدم العمل بالأمرين معاً، كما يطالب وزراء ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله»، ويصرّان على العمل بالقانون النافذ.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، إنّ الأمور لا تبشّر بأي تفاهم ممكن حول الملف الانتخابي، في ظل افتراقات سياسية جوهرية يستحيل التوفيق في ما بينها.

ولفتت المصادر إلى انّ «الحكومة، التي ستقارب هذا الملف في جلسة مجلس الوزراء، ككرة نار، عوامل اشتعالها متعددة الجوانب، ما يضعها أمام حرج كبير، ومحشورة في كيفية اتخاذ القرار بين أطراف متصلّبة بطروحاتها، وذاهبة في خياراتها إلى المدى الأبعد، وخصوصاً انّ بعض الأطراف لوّحت برفع اعتراضها إلى حدّ الانسحاب من جلسة مجلس الوزراء، وربما خطوات أبعد، ما لم يؤخذ بطرحها، وتمّ الأخذ بطرح الطرف الآخر، ما يعني أنّ المشكل قائم في الحالين بين وزراء «القوات» و«الكتائب» من جهة، ووزراء الثنائي من جهة ثانية».

ورداً على سؤال عمّا إذا كان الأمر سيُحسم بالتصويت في مجلس الوزراء، قالت المصادر: «هذا الأمر قانوني ودستوري، ولكن في مثل هذه الحالة قد يؤدّي إلى مزيد من التعقيد وتأزيم الامور اكثر مما هي معقّدة حالياً، وهو ما لا يريده رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون. والأكثر ترجيحاً في هذا السياق، هو أن تبعد الحكومة كرة النار الانتخابية عنها، بأن تتبنّى طرحاً بأن تُحال الطروحات التعديلية المعروضة امامها إلى المجلس النيابي، ليتخذ في شأنها القرار المناسب، باعتباره المرجعية الصالحة لحسم مثل هذه الامور».

الاستقالة احتمال وارد

وسط هذه الأجواء، قالت مصادر الثنائي لـ«الجمهورية»، انّ كل الاحتمالات واردة.

ورداً على سؤال قالت: «المطلوب النظر بعمق إلى حساسية الموضوع، هناك مبدأ اسمه تكافؤ الفرص، وهو مبدأ ليس متوفراً في بعض الاقتراحات المطروحة، كمثل اقتراح منح المغتربين حق الاقتراع لكل المجلس. ففي هذا الأمر بعض الأطراف فرصهم متوفرة ومتاحة بصورة كبيرة، سواء بالاقتراع او الترشيح او بالحملات الانتخابية في الخارج، وهو ما ليس متوفراً او ممكناً لأطراف اخرى تعادل او تزيد عن نصف اللبنانيين، ومن هذه الزاوية يجب النظر بدقة إلى هذه المسألة. الّا إذا كان هناك توجّه آخر وإصرار على اخذ الأمور إلى تصعيد كبير، ففي هذه الحالة يصبح الباب مفتوحاً ليس فقط على اعتراض في مجلس الوزراء او الانسحاب من الجلسة، بل على خطوات أبعد تصل إلى حدّ الاستقالة الجماعية من الحكومة».

ولفتت المصادر إلى «انّ معدن البعض سيتبيّن على حقيقته، في جلسة مجلس الوزراء، وتبعاً لذلك سيبنى بالتأكيد على الشيء مقتضاه».

بري: لا حرب

أمنياً، أبقت إسرائيل المنطقة الجنوبية ميداناً مفتوحاً لاستمرار اعتداءاتها واغتيالاتها، كما حصل في برج رحال بالأمس، حيث سقط شهيد وعدد من الجرحى، فيما استمرت غرف التوتير والتهويل في بث سمومها في الأجواء اللبنانية، وإشاعة جو تصعيدي يوحي وكأنّ العدوان الإسرائيلي على لبنان بات قاب قوسين وأدنى، دحضه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بقوله رداً على سؤال لـ«الجمهورية»: «ما استطيع أن اقوله هو: لا حرب..». متسائلاً: «هل انّ إسرائيل قد أوقفت حربها على لبنان؟»، راداً الجو المشحون في الداخل إلى المواقف الأخيرة التي اطلقها الموفد الأميركي توم برّاك.

وإذ ذكّر بري بالتزام لبنان الكلي باتفاق وقف إطلاق النار المعلن في تشرين الثاني من العام الماضي، شدّد على الالتزام ايضاً بالآلية المعتمدة في لجنة «الميكانيزم»، مكرّراً انّ «في الإمكان الاستعانة بمدنيين اختصاصيين عندما تدعو الحاجة إلى ذلك».

وعندما قيل للرئيس بري أنّ هناك تفسيرات أطلقها البعض بأنّ كلامه عن إشراك اختصاصيين، قد يكون مقدّمة للموافقة على إشراك مدنيين في أي شكل من المفاوضات مع إسرائيل، استغرب هذا التفسير وقال: «ما قصدته بالاختصاصيين لا يحتاج إلى تفسير او تأويل او تحريف، اختصاصيين يعني اختصاصيين، وهو ما يُعتمد في كثير من الحالات، اما في ما يُحكى عن المفاوضات، فلا مفاوضات مباشرة، وانا شخصياً دخلت بمفاوضات مع آموس هوكشتاين وغيره، على مدى سبع سنوات ونصف السنة في موضوع الغاز البحري، وفي النتيجة وصلنا إلى اتفاق الإطار الذي وصلنا اليه مع إسرائيل. وكما سبق وقلت، هناك آلية معتمدة في «الميكانيزم»، ونحن ملتزمون بها».

ورداً على سؤال، أعرب بري عن ارتياحه لانعقاد مؤتمر إعادة الإعمار في المصيلح، مشدداً على انّ «هذا الامر يتطلّب متابعة من الجهات المعنية في الدولة، وإيلاءه الأهمية القصوى، وتوفير المستلزمات والإمكانات لإطلاق عجلة إعمار المناطق المتضرّرة جراء العدوان الإسرائيلي بصورة عاجلة».

جهود للحل

إلى ذلك، جزم مصدر ديبلوماسي عربي لـ«الجمهورية»، انّ «احتمالات التصعيد على جبهة لبنان ليست بالمستوى الذي يمكن ان يبعث على القلق من تدهور كبير»، وقال: «لا ارى في الأفق تطورات خطيرة، بل أرى جهداً متواصلاً يجري بين جهات صديقة للبنان عربية وأجنبية لبلورة تسوية وحل سياسي، وأكاد اقول استنساخ اتفاق غزة في لبنان، ولا أعزل زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى بيروت عن هذا المسار».

ورداً على سؤال عمّا تردّد عن امتعاض جهات عربية من الحضور المصري في لبنان، قال: «لست أملك ما يؤكّد ذلك، إنما التعارض في الرأي في بعض الأحيان امر طبيعي، فما يهمّنا ان تتحقق مصلحة لبنان ببلوغ حل ديبلوماسي يُخرجه من هذه الأزمة التي نتفق مع أخوتنا اللبنانيين على الحاجة اليه في اسرع وقت ممكن».

ورداً على سؤال آخر، لفت إلى أنّ المواقف الإسرائيلية سواء السياسية او الأمنية، تصبّ في الاتجاه التصعيدي، وتواكبها بتجاوز مندرجات اتفاق وقف الأعمال العدائية، الّا انّه اشار إلى انّ واشنطن، وإن كانت تعتبر انّ المخاطر على استقرار لبنان سببها «حزب الله»، واستمراره في إعادة بناء قدراته وترسانته من الأسلحة، فإنّها في هذه الفترة، أكثر تركيزاً على الاستقرار الأمني في لبنان، ومنع إسرائيل من أي تصعيد غير منضبط، بمعنى اوضح هي لا تمانع التصعيد ضدّ «حزب الله»، الّا انّها ليست مع تصعيد متفلت، واكثر من ذلك تشجّع لبنان على التفاوض مع إسرائيل، كخيار من شأنه ان يوقف التصعيد بشكل نهائي.

الّا انّ اللافت في كلام الديبلوماسي، تأكيده بأنّه لا توجد اي ضمانات في شأن إقدام إسرائيل على اي خطوة تصعيدية في اي وقت، وقال: «مع تأكيدي انّ احتمالات الحرب الواسعة لا تزال ضعيفة، الّا انّ إسرائيل قد تلجأ إلى رفع منسوب التوتير كأكثر، كوسيلة قد تستخدمها كورقة تفاوضية بالنار، فإسرائيل التي تشعر بأنّها مطلقة اليدين في لبنان، تعتقد انّ الضغوط العسكرية تمثل وسيلة فعّالة لدفع لبنان نحو قبول ترتيبات أمنية تضمن أمن حدودها الشمالية وتقّلص نفوذ «حزب الله».

إسرائيل تراقب

إلى ذلك، وبالتزامن مع الترويجات التصعيدية، تركيز لافت من قبل الإعلام الإسرائيلي على «حزب الله» وإعادة بناء قدراته، وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة «معاريف» العبرية أنّ «حزب الله سرّع محاولاته لإعادة التسلّح وإعادة البناء عسكريًا في الأسابيع الأخيرة، لكنه واجه عقبات تُعيقه: طرق التهريب في سوريا مغلقة، وبالبحر - البحرية تُغلقها، وبالجو - سلاح الجو الإسرائيلي والحكومة اللبنانية يراقبون ويمنعون وصول الطائرات الشراعية إلى مطار بيروت».

وأشارت الصحيفة إلى «أنّ «حزب الله يحاول التحايل على الحصار عبر محاولة تهريب بضائع باستخدام السعاة، مع التركيز على المكونات الصغيرة المستخدمة في ضبط الصواريخ بدقة». وقالت: «التقدير الحالي أنّ لدى التنظيم آلاف الصواريخ، معظمها قصيرة المدى وغير دقيقة. الجيش الإسرائيلي ينفّذ حاليًا سحبًا لقوة «حزب الله»، في حين يتسبب بأضرار لتشكيلاته وبنيته التحتية ومراكز معرفته وقدراته البشرية. تقدّر إسرائيل أنّ «حزب الله» يبعد عدة أشهر عن الخط الأحمر الذي رسمته إسرائيل بشأن قدرات المنظمة الهجومية».

وأشارت الصحيفة إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي قلق من سيناريو آخر يتعلق بـ«حزب الله»، وهو محاولته مهاجمة أحد المواقع الخمسة للجيش الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية أو العمل في قطاع جبل الدّوف ضدّ القوات الإسرائيلية، بهدف الضغط على الحكومة اللبنانية، التي تحاول نزع سلاح «حزب الله». تذكّر قيادة الشمال القوى باستمرار بمسألة هذا الإطار التهديدي، الذي يتطلّب من المقاتلين والقوات المتمركزة أن يكونوا في حالة تأهّب ويقظة، خصوصًا في وقت تنتقل فيه المنطقة إلى فصل الشتاء مع الضباب والمطر وهبوط درجات الحرارة، ما يمنح الجانب الآخر ميزة في مهاجمة المواقع. وفي مثل هذه الحالة، لا يتهيأ الجيش الإسرائيلي للدفاع فقط، بل يروّج أيضًا لخطط هجوم، ومع وقوع حادث محلي، سيكون ردّ الجيش الإسرائيلي في الضاحية وبقاعاً وخطوط الدفاع التي بناها «حزب الله» شمال الليطاني قويًا وغير متناسب، بحيث لا يدفع ثمنه «حزب الله» وحده، بل قاعدته كلها».

إعمار الجنوب

في سياق متصل بالإعمار، اكّد رئيس الحكومة نواف سلام أمام وفد من أبناء البلدات الجنوبية الحدودية «أنّ إعادة الإعمار تمثّل أولوية وطنية للحكومة برمّتها». وقال: «الحكومة أنجزت لائحة بمشاريع البنى التحتية والخدمات الأساسية في المناطق الجنوبية، وهي جاهزة للانطلاق فور تأمين التمويل المرتقب، لا سيما من البنك الدولي»، واعلن انّه «سيقوم بزيارة جديدة إلى الجنوب عند بدء تنفيذ هذه المشاريع، آملاً أن يكون ذلك في أقرب وقت ممكن». ولفت إلى «أنّ الحكومة لا تنتظر القرض الخارجي فحسب، بل تواصل العمل بجهودها الذاتية من خلال مشاريع تنفّذها الوزارات المعنية».