Search Icon

آلية إنقاذ الأرواح والممتلكات..."الميكانيزم" نموذجاً

منذ 16 ساعة

من الصحف

آلية إنقاذ الأرواح والممتلكات...الميكانيزم نموذجاً

الاحداث -  كتب جورج شاهين في صحيفة الجمهورية تقول:"تكاد الأيام الفاصلة عن نهاية السنة خالية من تلك التي لا تحمل محطات مهمّة ترسم خريطة جديدة لمستقبل المنطقة. ولترث السنة المقبلة باقة من الإنجازات السياسية، إن انتهت الجهود المبذولة إلى خطوات تلجم الخيارات العسكرية. وعليه، بُنيت الرهانات على بعض مما يتصل منها باستكمال تنفيذ "تفاهم غزة"، أو إن حققت "الميكانيزم" شيئاً مما أُريد منها بلجم الانتهاكات الإسرائيلية وإنقاذ الأرواح والممتلكات، على غرار ما حصل في يانوح، انتظاراً لإنهاء الجيش مهمّته جنوب الليطاني. وعليه، ما الذي يقود إلى هذه الحصيلة؟
قبل دخول البلاد مدار عيدي الميلاد ورأس السنة، تتلاحق الاستحقاقات الكبرى، بوجوهها المختلفة الديبلوماسية منها والسياسية، المحلية، الإقليمية والدولية، بطريقة تؤكّد حجم الترابط والتشابك القائم بين مختلف الأزمات الإقليمية والدولية على مساحة العالم. فالمتحاربون على مختلف الساحات المشتعلة من أوكرانيا إلى غزة ولبنان وسوريا وطهران وربما إلى بحر الصين، ينتمون إلى حلفين كبيرين. ونادراً ما تتلاقى قوة إقليمية أو دولية انخرطت في أي معركة، من دون أن تكون من خلفها إحدى القوتين اللتين تتحكّمان بالمعادلات الدولية، والذين تتقدّمهم الولايات المتحدة الأميركية في معظمها، تاركة للقوى الأخرى أدواراً إقليمية تُقاس بأحجامها وقدراتها العسكرية، أياً كان موقعها من حلفائها او من الخصوم.
على هذه الخلفيات تتطلع الأوساط السياسية اللبنانية بكثير من القلق الممزوج بالأمل، إلى ان تحمل الاستحقاقات المقبلة بعضاً من الخطوات الاستراتيجية التي تعزز تلك التي اتخذتها الحكومة، خصوصاً على مستوى إحياء السلطات الدستورية، لتستعيد المؤسسات كل أدوارها، وتمسك بزمام الأمور وتساهم في الإسراع في اتخاذ الاصلاحات الإدارية والاقتصادية والمالية المطلوبة بإلحاح من الداخل، قبل أن تكون شروطاً إقليمية او دولية كما يعتقد البعض. هذا بالإضافة إلى ملف حصر السلاح غير الشرعي في لبنان وإيداعه الجيش وبقية المؤسسات العسكرية والأمنية، وضمان المساواة بين اللبنانيين الذين ينتظرون الفرج من أحد الأبواب المتعددة التي يطرقونها بحثاً عن حل سحري، وقد تحول حلماً مستحيلاً، إلّا إذا نزل البعض عن السقوف العالية التي امتطاها في لحظات غي انتهت إلى عكس ما ادّعى.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، دعت المراجع المعنية بالمبادرات المتعددة، للنظر إلى التجربة التي عاشتها بلدة يانوح، لما شكّلته في توقيتها وشكلها ومضمونها الغاية الأساسية من تشكيل "الميكانيزم"، للتثبت من قدرتها على لجم الخروقات لمرحلة "تجميد العمليات العدائية" توطئة للانتقال إلى مرحلة وقف النار، وهي محطة لا يمكن بلوغها ما لم تعالج الظروف التي تدفع بالإسرائيليين إلى وقف تذرعها بالظروف التي تجعلها على تماس مع الرضى الدولي على استمرارها في عملياتها العسكرية، وإفساح المجال امام اللجنة لتخوض التجربة الديبلوماسية والسياسية التي بدأتها بتسمية رئيسين مدنيين للوفدين اللبناني والإسرائيلي، ورفع مستوى المشاركة الأميركية فيها، بإصرار الموفدة الأميركية المستشارة لدى بعثة الأمم المتحدة مورغان أورتاغوس على المشاركة في اجتماعاتها، وتفرّغ أحد ضباط القيادة الأميركية الوسطى الكبار لإدارتها من مقرها في الناقورة بوجوده الدائم فيها، من دون ان تكون له اي مهمّة أخرى قد يكون مكلّفاً بها في أي منطقة من ضمن تلك التي تديرها هذه القيادة وتشرف على هندسة أمنها، بعدما توسعت قبل سنوات قليلة وضمّت إسرائيل اليها منذ ان اندلعت أحداث قطاع غزة، لتستطيع الدفاع عنها في مواجهة "حماس" في الداخل و"حزب الله" و"الحوثيين"، انطلاقاً من الساحتين اللبنانية واليمنية.
ولمّا بلغت المناقشات في إحدى الجلسات الديبلوماسية هذه المرحلة، أكّدت المراجع المعنية انّ من واجبات "الميكانيزم" التي كُلّفت لجم أي خروج على تفاهم "تجميد العمليات العسكرية"، أن تحول دون أي خرق من أي من الطرفين، ولا يمكنها المضي في التستر على الانتهاكات الإسرائيلية المرتكبة من طرف واحد. وهي التي تتسلّح منذ اللحظة الاولى بـ "وثيقة الضمانات الأميركية" التي نالتها على هامش موافقتها على تفاهم 27 تشرين الثاني 2024 لتشجيعها على التزام هذه المرحلة، في وقت كانت تستعد واشنطن ومعها قوى أخرى لإدارة أزمات اخرى. وإن كانت أولى الاستحقاقات التي آن أوانها في الساحة السورية، بحيث جاء سقوط النظام السوري اول المحطات المستحقة التي كان الجميع ينتظرها، لتكون الخطوة التالية على الطريق إلى تغيير وجه الشرق الأوسط.
وانطلاقاً مما تقدّم، قالت المصادر إنّ الآلية التي اعتمدتها "الميكانيزم" عند معالجتها لملف المبنى السكني المشكو منه في وسط بلدة يانوح الجنوبية بالتعاون والتنسيق مع الجيش، كانت ويجب أن تبقى من اولى مهماتها الأساسية، والتي كان عليها القيام بها في أي لحظة منذ تشكيلها، وخصوصاً إن شكت امامها أي جهة من المعنيين بالتفاهم، باعتبارها المرجع الصالح الوحيد لمنع تكرار العمليات الحربية. وهي عملية لو التزم بها جميع الأطراف لوفّرت كثيراً من الخروقات الإسرائيلية التي استهدفت مباني مدنية في أكثر من قرية جنوبية في الفترة الاخيرة، وقد ثبت لاحقاً انّها خالية من أي نوع من أنواع الاسلحة. فكيف إن تمّ التثبت من عقم الشكوى إن تمّ التفتيش في خطوة مسبقة كما حصل في الأمس وقبله، في بعض مباني الضاحية الجنوبية لبيروت.
وإلى هذه الملاحظات التي لا يرقى اليها أي شك، فإنّ تجاوب الأهالي مع إجراءات الجيش يبقى خطوة مطلوبة بإلحاح، وإنّ اي توجّه يعوق تحرك قوة دولية او الجيش، سيصبّ في مصلحة الطرف الآخر تلقائياً. وخصوصاً انّ بعض الممارسات الشعبية المخالفة كانت سبباً للتشكيك بأنّ إعاقة اي تحرّك من هذا النوع لـ "اليونيفيل" او للجيش تعني انّها كانت تستهدف مخزناً للأسلحة او مدخلاً إلى نفق او مخزن ذخيرة، وهو أمر ممنوع الاحتفاظ به، ويجب ان يكون الجنوب خالياً هذه المرّة من أي أسلحة ممنوع اقتناءها. وإنّ التجربة الخطيرة التي تمّ غضّ النظر فيها عن نقل الأسلحة إلى الجنوب على مدى 17 عاماً منذ صدور القرار 1701 في 12 آب 2006 وحتى الثامن من تشرين الاول 2023 تاريخ إعلان "حزب الله" حرب "الإلهاء والإسناد"، كانت جريمة كبرى، بعدما بلغ مجموع ما تمّ جمعه عدا عن أطنان من الصواريخ والذخائر المختلفة ومنها 477 قاعدة صاروخية، واكتشاف نحو 177 نفقاً. وهي امور لا يجب ان تتكرّر إن قرّر الجنوبيون جدّياً العيش في أمن وسلام في عهدة الجيش اللبناني والقوى الأمنية الاخرى دون غيرها، أياً كانت الظروف التي عاشتها المنطقة في مراحل مختلفة، منذ أن نشأت منطقة "فتح لاند" والنماذج الشبيهة المختلفة التي تلتها حتى الأمس القريب.
وبناءً على ما تقدّم، تدعو المراجع السياسية والديبلوماسية إلى ترقّب الحراك المقبل، من لحظة وصول رئيس الحكومة المصرية إلى بيروت، متزامناً مع اللقاء الرباعي الخاص بتسليح الجيش في باريس في 18 الجاري عشية الاجتماع الخامس عشر "للميكانيزم" وصولاً إلى لقاء ترامب – نتنياهو في 29 الجاري. لعلّ في مثل هذه المحطات ما يوحي بإمكان أن يصدق ترامب في وعده بتعميم السلام في الشرق الأوسط بعد ترتيبات غزة.
 

Link Whatsapp