تكنولوجيا وعلوم

متى سيكون عيد الفطر الجمعة أو السبت؟

الاحداث- أصدر 25 متخصصاً في علم الفلك بياناً مشترك يوضحون فيه أسباب ترجيح عدم رؤية هلال شهر شوال مع غروب يوم الخميس التاسع والعشرين من رمضان.

وقال المتخصصون بالفلك في بيانهم:"بيان مشترك بتوقيع 25 متخصصا بعلم الفلك من 13 دولة حول رؤية هلال عيد الفطر

لماذا يقول المتخصصون بأن رؤية الهلال يوم الخميس غير ممكنة بالعين المجردة من العالم العربي والإسلامي؟

لا يخفى على أحد اللغط الحاصل حاليا في الحديث عن رؤية هلال العيد مساء يوم الخميس القادم 20 نيسان 2023، ما بين مؤكد بأنه سيرى ويكون العيد يوم الجمعة وآخر يؤكد أن الهلال لن يرى، وليس الهدف من هذا التصريح تحديد اليوم المتوقع لعيد الفطر إذ أنه مرتبط بعوامل متعددة ما بين فقهي وعلمي، إنما غاية هذا التصريح هو بيان بعض الحقائق العلمية المتعلقة بمسألة رؤية الهلال.

فوجود الهلال في السماء لمدة قصيرة بعد غروب الشمس لا يكفي للقول بإمكانية رؤيته، بل حتى مدة مكثه وعمره هي عوامل غير كافية للتنبؤ برؤيته، وقد كتب المتخصصون المسلمون وغير المسلمين العديد من الأبحاث حول هذه المسألة، كان من أهمها أبحاث العالم الأمريكي "شيفر" والذي كان يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، حيث بيّن في أحد أبحاثه المدعمة بالأرصاد بأنه لا يمكن الاستناد على عمر القمر ومكثه لإعطاء توقع مقبول حول إمكانية رؤية الهلال.

ومن أهم العوامل المحددة لإمكانية رؤية الهلال هو بعد القمر عن الشمس بالدرجات، وقد بحث هذه المسألة العديد من العلماء، حيث توصل العالم الفرنسي "دانجون" في ثلاثينيات القرن الماضي، أي قبل حوالي مئة سنة، توصل إلى أن رؤية الهلال غير ممكنة إذا كان بعد القمر عن الشمس أقل من حد معين، وجد بأنه يبلغ ست درجات. ويعتبر هذا الحد، والذي يقبله ويأخذ به كل المختصين عبر العالم، مسلمين وغيرهم، من أهم العوامل للبدء بالنظر بإمكانية رؤية الهلال.

ولا يتوهم أحد بأن مسألة رؤية الهلال لم تبحث من قبل علمائنا العظام، فقد وضع أجدادنا المسلمون العديد من معايير رؤية الهلال أيضا، ومنهم يعقوب ابن طارق والخوارزمي وأبو جعفر الخازن وابن أيوب الطبري والفهّاد وغيرهم الكثير، وهؤلاء الأفذاذ ما وضعوا معاييرهم إلا بعد بحث واستقصاء ومقارنة مع الأرصاد العملية، وما زالت معاييرهم حتى زماننا الحاضر تتسم بالصرامة والدقة، فهي تعطي إمكانية رؤية الهلال بالعين المجردة، إذ لم توجد تلسكوبات في عصرهم، والعين هي ذاتها العين.

واستمر الباحثون بدراسة مسألة رؤية الهلال وتجميع مزيد من الأرصاد لتنقيح المعايير إلى أن وصلت في زماننا الحالي إلى مستوى عال من الدقة ومطابقة الواقع. ومن هذه المعايير معيار "محمد إلياس" وهو فلكي ماليزي متخصص برؤية الهلال، ومعيار "يالوب" وهو مدير مرصد غرينتش السابق والرئيس السابق للجنة الأزياج الفلكية في الاتحاد الفلكي الدولي، ومعيار "مرصد جنوب أفريقيا الفلكي"، وهو معيار أنتجه اثنان من علماء الفلك في الولايات المتحدة، ومعيار "عودة"، وهو المعيار الأحدث حاليا.

في الحقيقة إن جميع المعايير السابقة، قديمها وحديثها، تبيّن أن رؤية الهلال يوم الخميس غير ممكنة بالعين المجردة من العالم العربي، فهذا التوقع ليس رأيا لشخص أو جهة، بل هو إجماع من قبل متخصصين أشبعوا هذه المسألة بحثا، ونشروا فيها أبحاثا في دوريات علمية محكمة، وممن ذكر أسماؤهم رؤساء للجان علمية في الاتحاد الفلكي الدولي، ومنهم مدراء لمراصد أحدهم هو واحد من أعظم مراصد العالم، ألا وهو مرصد غرينتش! وقد بنى هؤلاء المختصون الكبار أبحاثهم ومعاييرهم على أرشيف كبير من رصد الأهلة، يمتد من العام 1859م وحتى العام 2023.

إلا أن اللغط يحصل بسبب شهادات برؤية الهلال بالعين المجردة يعلم المختصون أنها خاطئة، بل توجد دراسات كثيرة تبيّن إحصائيات تلك الأخطاء عبر العالم العربي، وفي سنوات سابقة كانت تأتي في أوقات لا وجود للهلال في السماء حينها أصلا. فعلى سبيل المثال، عام 2007م شهد 10 أشخاص ومن أربع مناطق برؤية هلال عيد الفطر، رغم أن القمر في ذلك اليوم غرب قبل الشمس بثلاث دقائق!، وفي شهر ذي الحجة 1428 هـ تقدم عدد من الشهود برؤية الهلال يوم الأحد 09 كانون الاول  2007 وبدأ شهر ذو الحجة في اليوم التالي، إلا أن القمر يومها غرب قبل الشمس بـ 25 دقيقة!، وهناك أمثلة أخرى كثيرة لمثل هذه الحالات، وبسبب تكرار هذه الشهادات المغلوطة، فقد شك البعض بدقة الحسابات الفلكية، وصار يستدل بتلك الشهادات للقدح في الحسابات الفلكية بشكل عام وبالمعايير الفلكية لرؤية الهلال بشكل خاص، إذ يشيرون الى تلك "المشاهدات" التي "حدثت مرارًا" بقيم أدنى مما تنص عليه المعايير، وبعدد كبير من الشهود، وهذا استشهاد لا يصح، كما أشرنا (بسبب خطأ تلك "المشاهدات").

والحالات التي أوردناها لا يجادل أحد في وقتنا الحاضر بخطئها، فالقمر لم يكن موجودا في السماء وقت الشهادة، ولو تقدم ذات الشهود في يومنا هذا لردت شهادتهم لأن معظم الجهات الرسمية الآن لم تعد تقبل الشهادة إن غرب القمر قبل الشمس، فالمشكلة ليست بتوفر شهادات -وإن كثرت- تتعارض مع المعايير، المشكلة في أن كثيرًا منها يخرق القواعد المتفق عليها فلكيًا (مثل حد دانجون)، بل أحيانا يخرق نواميس الكون (كرؤية هلال غرب قبل الشمس)!.

وهناك من يحتج بأن المعايير الفلكية والأرقام القياسية أمور يمكن خرقها، وهذا صحيح بالطبع، ولكن العقل السليم يعلم أن خرق معايير بنيت اعتمادا على سجلات امتدت لمئات السنين لا يكون بمقدار كبير، بل بمقدار بسيط لا يؤثر على دقتها، ويكون من قبل أهل الاختصاص ويجب أن تمتاز بالتكرار ومن قبل أطراف مختلفة وأماكن مختلفة، وليس نفس الأشخاص ومن ذات المنطقة وبمقادير تنسف أرشيف الأرصاد الحديثة الممتد الى قرابة 150 سنة بشكل كامل.

وعودة لهلال يوم الخميس 20 نيسان ، فلننظر إلى وضعه في بعض المدن العربية والإسلامية عند غروب الشمس: في جاكرتا يبعد القمر حينها عن الشمس 2.7 درجة (وحد "دانجون" المتفق عليه عالميًا هو 6 درجات). وفي أبو ظبي يبعد عن الشمس 4.7 درجة. وفي مكة المكرمة يبعد عن الشمس 5.1 درجة. وفي القدس يبعد القمر عن الشمس 5.4 درجة. وفي القاهرة يبعد القمر عن الشمس 5.5 درجة. وفي داكار (السينغال) يبعد القمر عن الشمس 8.0 درجات، ويمكن أن يرى بالأجهزة.

فبالنظر لجميع المعايير العلمية المعتبرة للهلال والمنشورة في دوريات محكمة، نود أن ننبه إلى أن رؤية الهلال غير ممكنة بالعين المجردة في العالم العربي أو الإسلامي، وغير ممكنة حتى باستخدام التلسكوب في معظمه، وجلها أقل من حد "دانجون".

وبالنسبة للدول التي تكتفي بغروب القمر بعد الشمس حسابيا ولا تشترط رؤية الهلال، أو تكتفي بإمكانية الرؤية من أي مكان في العالم يشترك معها بليل، فيصح تمامًا أن يكون عيد الفطر فيها يوم الجمعة 21 نيسان.

أما بالنسبة للدول التي تشترط الرؤية المحلية (الصحيحة) بالعين المجردة فقط، أو الدول الواقعة في آسيا وتقبل الرؤية المحلية بالتلسكوب، فيفترض أن تكون عدة رمضان فيها 30 يوما وأن يكون عيد الفطر فيها يوم السبت 22 إبريل.

هذا، وإن إعلان بدايات الأشهر الهجرية هي طبعًا من اختصاص الجهات الشرعية في الدول الإسلامية.

الموقعون على البيان (ترتيبا هجائيا):

1-  إبراهيم الجروان، رئيس جمعية الإمارات للفلك.

2-  الدكتور إلياس محمد فرنيني، نائب المدير العام لأكاديمية الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك، جامعة الشارقة، الإمارات.

3-  بسمة ذياب، أمينة سر الجمعية الفلكية الأردنية، وعضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك.

4-  الدكتور جلال الدين خانجي، خبير في الفلك الشرعي، والمدير السابق لجامعة إيبلا في حلب، سوريا.

5-  الدكتور جمال ميموني، مدير برنامج الدراسات العليا في فيزياء الفلك بجامعة قسنطينة، الجزائر، والرئيس الأسبق للجمعية الفلكية الإفريقية.

6-  الدكتور حسن بيلاني، خبير مواقيت الصلاة ورؤية الهلال، أستاذ الجيوديزيا في كلية الهندسة، جامعة الملك سعود، السعودية.

7- الدكتور خالد عبد الله تركي السبيعي، مدير معهد قطر للطاقة والبيئة سابقا، ومكتشف كواكب قطر النجمية (1-10)، قطر.

8- الدكتور زياد علاوي، باحث فلكي، كلية الهندسة، جامعة بغداد، العراق.

9- الدكتور سفيان كمون، رئيس الجمعية التونسية لعلوم الفلك.

10-  صالح الصعب، المشرف سابقا على المركز الوطني للفلك بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، السعودية.

11-  الدكتور صبيح الساعدي، أستاذ علوم الفضاء والفلك والخبير الفلكي في سلطنة عُمان.

12-  عادل السعدون، رئيس الجمعية الفلكية الكويتية.

13-  الدكتور عبد الخالق الشدادي، أستاذ علم الفلك بالمدرسة المحمدية للمهندسين، الرباط، المغرب.

14-  الدكتور عبد السلام غيث، أستاذ الفيزياء والفلك، الرئيس السابق للجمعية الفلكية الأردنية.

15-  عدنان قاضي، باحث فلكي في عبادات إسلامية، السعودية.

16- الدكتور علي الشكري، أستاذ فيزياء فلكية، عضو هيئة تدريس متقاعد، السعودية.

17- المهندس علي العمراوي، خبير الحساب الفلكي في المملكة المغربية.

18-  الدكتور عمّار سكجي، رئيس الجمعية الفلكية الأردنية.

19-  الدكتور مجيد محمود جراد، أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة الأنبار سابقا، العراق.

20-  محمد بلقاسم الخنجاري، عضو لجنة تحديد مواقيت الصلاة وباحث في الأهلة، ليبيا.

21- المهندس محمد شوكت عودة، ماجستير في الفلك وعلوم الفضاء، مدير مركز الفلك الدولي، عضو مؤسس في الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، الإمارات.

22-  الدكتور نضال قسّوم، أستاذ الفيزياء والفلك في الجامعة الأمريكية في الشارقة، الإمارات.

23-  الدكتور هيمن زين العابدين متولي، أستاذ علوم الفلك والفضاء، جامعة القاهرة، مصر.

24- المهندس ياسين زروقي، متخصص في علم الفلك، تونس.

25-  يوسف الرحبي، خبير فلكي، سلطنة عمان.

 

الجمعية الفلكية في جدة

وكانت الجمعية الفلكية السعودية في جدة، ذكرت، أن "الحسابات الفلكية تشير إلى أن،
 يوم الجمعة المقبل، سيكون غرة شهر شوال"، بحسب ما نقلت عنها في بيان وكالة الأنباء السعودية (واس).

وأوضحت الجمعية أن "الحسابات الفلكية تشير إلى أن القمر سيصل منزلة الاقتران لشهر شوال يوم الخميس (يوم التحري) 29 رمضان 1444 هجرية، الموافق 20 أبريل/نيسان 2023 عند الساعة 07:12 صباحاً بتوقيت مكة المكرمة، بالتزامن مع كسوف للشمس غير مشاهد في الوطن العربي"، بحسب البيان.


وأفاد رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة، بأن "الاقتران بعد أحد منازل القمر ويعني اجتماع الشمس والقمر على ارتفاع واحد في السماء، عندما يكونان على خط طول سماوي واحد، ويكون القمر منتقلاً من غرب الشمس إلى شرقها، وهو حدث عالمي يتم في لحظة واحدة بالنسبة لجميع أرجاء الأرض" بالتوقيت المحلي، حسب البيان.

وأوضح أبو زاهرة: "ستغرب الشمس من أفق مكة في (يوم التحري) عن هلال شوال عند الساعة 06:42 مساءً وفي ذلك الوقت سيكون القمر فوق الأفق على ارتفاع (04) درجات، والزاوية التي تفصله عن الشمس "الاستطالة" (05) درجات، وستكون إضاءته (0.2%) وسيغرب عند الساعة 07:06 مساءً بعد 24 دقيقة من غروب الشمس وبذلك ستتحقق شروط دخول شهر شوال فلكياً (حسابياً)".

وأضاف: "أما رؤية القمر (الهلال) بالعين المجردة أو أجهزة الرصد فهي غير ممكنة، باستثناء (كاميرا سي سي دي)، بسبب عمره الصغير، وإضاءته الضئيلة ووجوده في وهج ضوء شمس الغروب ومدة بقائه القصيرة فوق الأفق".

وأشار المهندس أبو زاهرة إلى أنه "سيتبع ذلك منزلة أخرى من منازل القمر تسمى (الإهلال)، وتعني رؤية هلال القمر الجديد بسهولة بعد اقترانه مع الشمس وخروجه من درجة (المحاق) وابتعاده مسافة كافية عن الشمس لظهور النور على سطحه وسيكون ذلك متحقق في اليوم التالي".

وانتهى أبو زاهرة إلى القول إنه في "يوم الجمعة 21 أبريل/نيسان 2023 ستغرب الشمس من أفق مكة المكرمة عند الساعة 06:43 مساءً، وستكون رؤيته بالعين المجردة في غاية السهولة إن كانت السماء صافية، وسيغرب بعد 1 ساعة و22 دقيقة من غروب الشمس