ندوة في جامعة سيدّة اللويزة بعنوان:" كيف ننهي الكابوس الاقتصادي في لبنان"
الأحداث - اسْتَضافَت كليَّة إدَارة الأعْمَال والاقتِصاد في جَامِعة سيّدة اللويزة، يَوم الثُلاثَاء 14 تشرين الثاني 2023، البروفسور ستيف هانكي، من جَامعة جونز هوبكنز، في نَدوة عَبر الإنترنَت بِعنوان "كيف نُنْهي الكابوس الاقتصادي في لبنان".
يُواجه لُبنان تَراجعًا اقتصاديًا منذ عام 2018 بارتفاع الدَين العَام والتَضَخُم المُفْرَط وتَدهور للعُمْلة اللُبنانيَّة إضافَة الى القِطاع المَالي الذي أُصُيب بالشلَل بِسَبَب ضَوابِط رأس المَال غير الرَسميَّة التي تَفْرُضها البنوك، مِمَا يَحُد بِشدة من عَمَليات السَحِب والتَحويلات، وبالتالي يُقلل مِن إمكانيَّة العَيش لحوالى 80 في المِئَة مِن السُكان ويَدْفعهم إلى حَالة الفُقِر. وعَلاوة على ذَلك، فإنَّ عَدَم الاسْتقرار السِيَّاسي يَخْلُق بيئة مَليئة بِعَدم الأمَان وعَدَم اليَقين على نَطَاق وَاسِع.
بناءً على هذه الخَلفية، وقبل تَقْدِيم أي تَوصِيات للخُروج مِن هذا الكَابوس الاقتِصَادي، يرى البروفِيسور هَانكي أنَّ الاسْتقرَار، وفي شَكلّ خَاص النَقدي، يُشَّكل مُفتاحاً لِتعافي لُبنان. فقد كانَت العُمْلَة اللُبنانيَّة مُتقلبة للغَاية، مِمَّا يَجْعَلُها غير مَوثوقة كوسِيلة لتَخْزِين القِيمة ووحدة للحِسَاب.
يَبدأ بالتَدقيق في دَور البُنوك المَرْكَزيَّة، ويُشير في شَكلٍ خَاص إلى أنَّ وظيفَتَهُ غالبًا مَا تُسْهِم في عَدَم الاسْتقرار الاقتِصَادي وعَدَم المُسَاواة في الدَخْل في الأسْوَاق النَاشِئة مِثْل لُبنان.
يَعود المَصْدَر الحَقيقي لِعَدَم الاسْتقرار مِنْ حَقيقَة أنَّ مَصْرِف لُبنان يَلجأ إلى السُلْطَة التقديريَّة النقديَّة و ويُسِيء باسْتِخدامِهَا كَمَا يَتَجَاوز العَمليات السِياسيَّة العاديَّة مِن خِلال تَمْديد الائتمَانَات للسُلُطات الماليَّة، بَدَلاً مِنْ فَرِض قُيود مِيزَانيَّة صَارِمَة تَحُد مِن الإنفاق المَالي. ويُؤدي سوء إدَارة العَمليَّات هذا إلى تَورُط مَصْرِف لُبنان والسُلطات الماليَّة في نِظام يُشْبِه مُخَطط بونزي الكَبير، مِمَا يُزيد مِن حِدَّة الأزْمَة.
لِمَواجَهة هذه التَحْديَّات، يَقترِح البروفيسور هَانكي حُلولا بَدِيلة عدَّة:
- اعْتِمَاد عُمْلَة أَجْنَبيَّة: يُقترح اسْتبدَال الليَّرة اللبنانيَّة بعملة أجنبيَّة أكثر استقرارًا، كالدُولار الأميركي، مِمَا يُشكل إجراءً يَهدف إلى وضع قيودًا صَارِمَة على المِيزانيَّة ويلغي قدرة البنك المَركزي على تَمديد الائتمان للحُكومة.
- إنشاء مجلس للعُملة: يَدعم هانكي تنفيذ مجلس العُملة حيث يتم دَعم العُملة المَحليَّة بنسبة 100 في المئة من الاحتياطيات الأجنبيَّة. وهذا من شَأنه أنْ يوفر قدرًا أكبر من الاستقرار ويُعيد الثقة في العُملة الوطنيَّة.
- إصلاح البنك المركزي: يقترح تعديل عَمليات البنك المَركزي لتشغيلها بشكل يشبه أكثر مَجلس العُملة مما يضمن دعم الليرة اللبنانيَّة باحتياطيات أجنبيَّة وتداولها بسعر ثابِت مع عُملة الارتكاز، مِمَا يثبت قيمتها.
-نظام العملة الموازيَّة: يقدم هانكي فكرة نِظام العُملة الموازية حيث يتم تداول الليرة اللبنانيَّة الجديدة، المتوافقة مع العملة الثابتة، إلى جَانب الليرة القديمة لتحرير الودائع من النِظام المَصْرفي، مما يؤدي إلى اختفاء الليرة القديمة تدريجيًا، وتقديم مَسَار انتقالي للاستقرار الاقتصادي.
-تنفيذ القاعدة الماليَّة: يوصي بفرض الانضباط المالي من خِلال قاعِدة تتطلب تصويت الأغلبيَّة المطلقة في البرلمان لأي زيادة في الدَين الحُكومي وتغييرات في الهياكل الضريبيَّة. وهذا مِن شَأنه أنْ يقيد الإنفاق الحُكومي والاقتراض، وبالتالي الحد من انعدام المسؤوليَّة الماليَّة.
في اختِصَار، يُقدم تَحليل هانكي ومُقترحاته خَارِطة طَريق واضِحة ومُنظمة للُبنان للخُروج من كابوسِه الاقتصادي. ومن خِلال التَركيز على الإصلاحات النقديَّة والانضباط المَالي وتبني نَماذج البنوك الَمركزية البديلة، يُقدم هانكي منظورًا عمليًا ومتفائلاً.