متفرقات

"الهيئة الدائمة لتاريخ جبّة بشـرّي": الشعب اللبناني معنيٌّ بالدفاع عن واقعه التراثي وبيئته الطبيعية

الأحداث - صدر عن "الهيئة الدائمة لتاريـخ جـبّة بشـرّي" البيان الاتي:
 
"إزاء الجريمة البيئية والتراثية التّي حصلت في وادي قاديشا، يهمّنا توضيح النقاط التالية:
أوّلاً، في الوقائع:
يتمتّع وادي قاديشا بحماية وزارة الثقافة، عبر قراريها الوزاريين (رقم ١٣/١٩٩٥ ورقم ٦٠/١٩٩٧) وبحماية وزارة البيئة عبر القرار ١٥١/١٩٩٥، بالإضافة إلى قانون الآثار رقم ١٦٦/١٩٣٣، والقانون ٨/٧ الصادر في العام ١٩٣٩ والقرار ٤٣٤/ N من قانون ٢٨/٣ في العام ١٩٤٢. وقد صدر قرار عن منظمة الأونيسكو لتسجيل الوادي على قائمة التراث العالمي (رقم ٨٥٠) العام ١٩٩٨. إذ ينطلق من تحديد الملكية بالبطريركية المارونية والرهبانيّات والبلديّات المحلّيّة، ويربط أيّ عمل في نطاق الوادي بموافقة مسبقة من الأونيسكو، وموافقة من مديرية الآثار اللبنانيّة.
إنّ ذلك القرار يضبط المراقبة على الوادي، ويحافظ على دروب المشاة، ويربط حماية هذا الموقع بجهد مشترك بين البطريركية المارونية والجيش اللبناني وبلدية بشرّي.
قام القيّمون على دير مار مطانيوس قزحيا، بما يناقض هذه القرارات والقوانين المحلّيّة والدوليّة، وذلك بشقّ طريق بمعدّل عرض من ٨ إلى ١٠ أمتار، وبطول ٢٥٠٠ متر تقريباً. وقد استحصل الدير على رخصة "تشحيل" أشجار السنديان (٤٣٠ شجرة) في المساحة المعنيّة بالطريق، ما يشكّل أصلاً مخالفة لقانون هذه المحميّة من قبل وزير الزراعة، ولكن تمّ تجاوُز الرخصة واقتلاع وقطع كامل للمئات من الأشجار المعمّرة في المكان. وقد تسبّب شق الطريق المذكور بتخريب جزء من طريق المشاة التاريخي، والمعروف بدرب الجبل اللبناني، كما أدّت الحفريات واقتلاع الأشجار إلى انهيارات في التربة والصخور، وإلى تشويه قاسٍ للمنظر الطبيعي، بِلا أيّ احترام أو اعتبار لقيمة المكان البيئيّة والتراثيّة والثقافيّة والدينيّة، ولا للقرارات والقوانين المحلية والدولية، ما يرفع الشكوك في نوايا استثماريّة مشبوهة خلف هذه الجريمة.
 
ثانياً، في المجامع المارونيّة:
نصَّ المجمع الماروني، المنعقد في العام ١٧٣٦ على ما يلي: (قانون ٥١٩) "لا تُقطع الأشجار المثمرة والنامية إلّا إذا وجب قطعها ورخّص الرئيس المكاني فيه، وحينئذٍ فلتستنفد في نفع الكنيسة". (قوانين المجمع اللبناني، الخوري الياس الزيناتي، ١٩٢٦، ص ٢٠٦)
أدان المجمع البطريركيّ المارونيّ (بكركي، ٢٠٠٦، ص ٨٣٧) موجة التصحّر الناتجة عن قطع الأشجار من دون زرع مكانها، فأفقدت لبنان والموارنة تراثاً طبيعياً نادراً.
وفي مجال آخر (ص ٨٤٣)، "أوصى المجمع: إنّ تنمية الثروة الحرجية من شأنها أن تسهم مساهمة فعّالة في الحفاظ على بيئة سليمة، كما تشجّع السياحة والإصطياف. هناك مساحات خضرٌ ينبغي الحفاظ عليها ومساحات أخرى أصبحت جرداً ينبغي تحريجها. فتعاوُن الدولة والكنيسة ضروري هنا أيضاً لإنماء هذه الثروة الطبيعية وزيادة عدد المحميّات والأحراج المصانة."
(ص ٨٤٨) "يؤكّد المجمع على ارتباط الماروني بأرضه ارتباطاً مقدّساً وحيويّاً، فهو ارتباطٌ بالقيم والتراث المادّيّ والمعنويّ والروحيّ." وبذلك يكون رئيس دير مار مطانيوس قزحيا قد خالف التعاليم الدينية قبل مخالفته لأنظمة الأونيسكو.
 
 
ثالثاً، في الموقف:
إزاء هذه المخالفات الجسيمة، التّي ارتكبها رئيس دير مار مطانيوس قزحيا، نطالب بما يلي:
 
أ - على صعيد الرهبانية: إقالة رئيس الدير فوراً.
 
ب - على صعيد البطريركية: تحمُّل مسؤولية حماية الوادي المقدّس والتراجُع عن كل العمليّات التي تسبّب تشويها أو ضرراً في طبيعة المكان.
 
ج - على صعيد السلطات الرسمية:
 
١- قيام النيابة العامة البيئية بإجبار القيّمين على دير مار مطانيوس قزحيا، على إقفال الطريق التّي تمّ شقّها وإلزامهم بإعادة تشجيرها، على نفقتهم، بضعفَي عدد الأشجار المقطوعة والمقتلَعة.
٢ - إعادة تأهيل طريق المشاة التّي تمّ هدمُها في المكان.
٣ - توثيق ملفّ كامل عن هذه الجريمة البيئية والتراثية وتقديمه إلى الجهات القضائية والرسمية، وترجمته إلى اللغة الفرنسية، وتسليمه إلى مسؤول التراث العالمي في منظّمة الأونيسكو.
٤ - إرسال مذكّرة إلى رئيسة مؤسسة I COMOS في لبنان حول الجريمة البيئية والتراثية.
٥ - الحرص على إبعاد هذه القضية عن الإستغلال والتجاذبات السياسية، ومعالجتها بروحيّة الحفاظ على التراث الوطني والبيئة، والحيلولة دون تشويه جغرافية الوطن.
٦ - في حال تقاعُس الجهات الرسمية والروحية عن تحمّل مسؤولياتها في حماية الوادي، وفي حال إمعانها في جريمة التشويه، نجد أنفسنا مُجبَرين على دعوة كل الهيئات الشعبية والبيئية إلى الإستعداد للإعتصام في مسرح الجريمة، إلى حين إنفاذ القانون ومحاسبة المخرّبين.
 
إنّ الحفاظ على وادي قاديشا، استناداً إلى وصف الأونيسكو، كجزء من التراث العالميّ، يعني حمايتَه ابتداءً من غابة أرز الرب في بشرّي حتّى ضواحي كوسبا في قضاء الكورة.
إنّ الشعب اللبناني بأجمعه معنيٌّ بالدفاع عن واقعه التراثي وبيئته الطبيعية، وسنعمل بكافة أساليب الضغط الديموقراطي المنظم في هذا المجال".