الكل لا يريدون الانتخابات... وهروب من "لغم" بيروت
الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:"كانت كل المؤشرات في الأسابيع الأخيرة تتجه الى تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية للمرة الثالثة على التوالي في مشهد لا يدعو الى انتظام المؤسسات واحترام خيارات الناخبين والقفز فوق القواعد الدستورية. ولا يمكن وضع هذا الاستحقاق من دون ربطه بالخلفيات والتوجهات السياسية للمواطنين في اختيار مجالسهم ومن دون التقليل من حالة شبه الحرب في البلد.
ويلتقي النواب في جلسة عامة الخميس المقبل لدرس اقتراح القانون الذي قدّمه النائب جهاد الصمد للسير في التمديد لسنة. صحيح أن هذا الملف يبقى مسألة داخلية على عكس اهتمام الخارج بالانتخابات الرئاسية، إلا أن البلديات تبقى أيضاً محل متابعة ديبلوماسية. واستفسرت السفيرة ليزا جونسون من المعنيين عن مدة التمديد. ويدخل ملف البلديات من بابه الواسع في حلقة الخلافات المستفحلة بين الافرقاء.
وبغض النظر عن قدرة وزارة الداخلية على إجراء الانتخابات وتأمين النفقات المالية لها، لا يبدو أن الأحزاب الكبرى تريد هذه الاستحقاق الآن وهي غير متحمسة لها مع تمايز لدى "القوات اللبنانية" حيث تعتقد أنها قادرة على تسجيل نقاط في مرمى غريمها "التيار الوطني الحر" وتعرية شعبيته في عمق البلديات المسيحية وخصوصاً في كسروان - جبيل وصولاً الى البترون وزحلة وجزين، مع التذكير بأن إحدى المرجعيات ردّدت قبل التطورات العسكرية في الجنوب أن من الصعب إجراء هذه الانتخابات قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
ويقول الصمد إن "جهات معروفة تتعاطى بشعبوية مع هذا الملف لا أكثر". وتختلف قراءة الكتل النيابية حيال التعاطي مع انتخابات البلديات من موقع كل فريق وحساباته، مع التذكير بأن النكهة السياسية لهذا الاستحقاق لو حصل كانت ستنحصر في البلدات المسيحية. وتوجد معطيات عند كل فريق:
- ترى "القوات" أن الظرف السياسي مؤاتٍ لها لخوض هذه الانتخابات من دون التقليل من حسابات العائلات الكبرى في أكثر من بلدة. وتريد هنا "التعليم" على "التيار" وإظهار الأخير أنه لا يحترم المواعيد الدستورية ويتهرب من الوقوف عند خيارات الناخبين. ولذلك لن تسير في خيار التمديد وستخرج على اللبنانيين وتقول إن "القوات" من أشد الحرصاء على احترام المواعيد الدستورية وعدم تخطي مندرجاتها.
- لن يسير حزب الكتائب باقتراح التمديد وهذا ما يشدد عليه، علماً بأن شعاع حضوره في البلديات لن يتخطى مساحة بلديات المتن الشمالي حيث سيظهر الفارق الكبير بين حجم تمثيل الكتائبيين مع "القوات" في العمق المسيحي.
- لن يكون "التيار" منزعجاً من التمديد ولو ربط موقفه من هذا الأمر بالتوقف عند إمكانيات وزارة الداخلية علماً بأن نوابه يعترفون بعدم استعدادهم الآن لخوض مثل هذه المواجهات في أكثر من بلدية حساسة. وإن كانت البلديات تعني الأطراف المسيحية الكبرى فلا حاجة عند "تيار المردة" للغوص في هذا الكباش في البلدات الزغرتاوية في وجه "القوات" والنائب ميشال معوّض. ولا يبدو أن للمستقلين و"التغييريين" المسيحيين من نواب وناشطين التأثير الكبير في هذا الاستحقاق مع تذكير الجهات التي تدعو الى فصل الجنوب عن كل انتخابات لبنان، بأن البلدات المسيحية على الحدود لا يستطيع ناخبوها انتخاب مجالسهم شأن كل جاراتها الأخرى.
- إن كان ثنائي "حركة أمل "و"حزب الله" في مقدم الساعين لخيار التمديد للمجالس البلدية لأسباب عدة يحضر في مقدمها عدم الاستقرار الأمني في الجنوب وصولاً الى مناطق عدة في البقاع من جراء الاعتداءات الإسرائيلية مع التوقف عند نزوح الجنوبيين من عشرات البلدات الحدودية. ولكل هذه الأسباب لا يقبل "الثنائي" بفصل الجنوب عن الانتخابات مع تذكيره "القوات" بأنه إبان انتخابات البلديات عام 1998 كانت أعداد كبيرة من بلدات الجنوب تحتلها إسرائيل.
ويقول النائب علي حسن خليل إن الثنائي استعدّ لهذا الاستحقاق منذ ما قبل عدوان إسرائيل في غزة، وإن الحركة والحزب لا يخشيان من هذه الانتخابات وهما من أكثر الأفرقاء اطمئناناً في الحفاظ على تمثيلهما في المجالس البلدية والاختيارية، وإن تهديدات إسرائيل في الجنوب تستدعي التمديد للبلدبات و"نحن لا نخشى من نتائجها".
- يسير الحزب التقدمي الاشتراكي بالتمديد ولو أنه كان يضمن حصوله على أكثر البلديات الدرزية في الجبل وصولاً الى راشيا مع توقع حصول مواجهات مع الحزب الديموقراطي اللبناني والوزير السابق وئام وهاب في عدد من البلديات.
- لا تبدو الحماسة المطلوبة في المدن والبلدات السنية من بيروت الى مناطق أخرى بفعل جملة من الأسباب منها انكفاء "تيار المستقبل" مع التوقف عند التنوّع لدى هذا المكوّن حيث لا يغيب التأثير العائلي في أكثر من بلدة سنية.
- وإن كانت البلدات المسيحية تشكل ميداناً لأي مواجهة في المستقبل، فإن أركان هذا المكوّن ولا سيما من طرف "التيار" و"القوات" الى الكتائب وغيرها من القوى، لا يلتفتون الى لغم انتخابات بيروت في ظل عدم توافق سياسي في العاصمة يضمن المحافظة على المناصفة بين أعضاء المحلس البلدي الـ24 رغم القيام بأكثر من محاولة لتقسيم بيروت الى قسمين أو بالأحرى مسيحي وآخر مسلم، الأمر الذي لاقى موجة رفض سنّية واسعة. وتحسّباً من الوقوع في تكرار تجربة بلدية وطرابلس التي ليس في مجلسها أي عضو مسيحي مع الخشية من تكرار هذا المشهد في بيروت، أي بمعنى أن يستفيق المسيحيون مثلاً على حصولهم على 4 أعضاء بدل 12 وذهاب المقاعد الـ20 الأخرى للمسلمين. وكان رئيس "التيار" النائب جبران باسيل قد تلقى أكثر من رسالة من وزراء وشخصيات مسيحية طلبت منه تفادي أي أزمة انتخاب على مستوى التمثيل في العاصمة على أن يُجرى تعديل في قانون انتخاب البلديات بمعنى تثبيت المقاعد للمسيحيين للفائزين الـ12 الأوائل بغضّ النظر عمّن يتقدمهم في الأصوات من المرشحين المسلمين أي بمعنى تثبيت حصة المسيحيين على غرار المقاعد النيابية في دائرتي بيروت الأولى والثانية، على أن يكون هذا الاستثناء في العاصمة فقط بغية الحفاظ على المناصفة وعلى مجلس بلدي واحد في بيروت وعدم التوجّه الى تقسيمها. ولا يلقى هذا الطرح قبولاً عند شرائح السنة على مختلف تلاوينهم وجمعياتهم واتحاد عائلاتهم حيث يردّدون أن مثل هذا الطرح لن يمرّ وسيتصدّون له مع تذكيرهم بأن مجلسهم البلدي يبقى "أسير" محافظ العاصمة.