من الصحف

العقوبات حرّكت مسلّة برّي فردّ مذكّراً: المجلس مفتوح للمرشّحين الجدّيين

الاحداث- كتبت سابين عويس في صحيفة النهار تقول:"لم يكد الشغور الرئاسي يدخل البلاد في شهره الثامن، حتى تحركت الإدارة الأميركية مجدداً ملوّحة بإنزال #العقوبات في حق من يعطل إنجاز الانتخابات. والموقف ليس جديداً، إذ إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أصدرت بياناً شديد اللهجة في مناسبة مرور ستة أشهر على الشغور، محذرة المعطلين من الاستمرار في عرقلة انتخاب الرئيس، من دون أن يكون لذلك التحذير أية مفاعيل على المشهد السياسي المحلي الذي ظل يدور في حلقة المراوحة المفرغة.

في كل مرة، كان الوسط السياسي يتعامل مع التهديد الأميركي على أنه عامل حث وضغط، ما دامت تلك العقوبات لم تصل بعد الى الرؤوس الكبيرة، ولا تزال تدور في فلك الأقلّ شأناً، على نحو يترجمها بأنها تصبّ في سياق توجيه الرسائل لا أكثر. بالنسبة الى البعض، لا يخرج موقف الرئيس بايدن الأخير عن هذا السياق، إذ إنه لم يفصح عن الجهة المقصودة، أو يحدد المعايير التي على أساسها سيوجه الاتهام بالتعطيل الى فريق دون آخر أو العكس. أما الكلام الأخير الصادر أول من أمس لمساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف فقد حمل في طيّاته تهديداً مباشراً يشير الى أن الإدارة الأميركية تعتزم تسريع القرار في حق المعطلين، إذ هي قالت في شكل صريح إن الإدارة تنظر في فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين بسبب عرقلتهم انتخاب رئيس، كاشفة خلال جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة العلاقات الخارجية الفرعية في مجلس الشيوخ أن الإدارة مستاءة جداً من الوضع الراهن في لبنان، متهمة ممثلي الشعب المنتخبين بالفشل في القيام بعملهم. وكان لافتاً تسمية ليف رئيس المجلس نبيه بري بالاسم واتهامها إياه بالفشل في عقد جلسات منذ كانون الثاني الماضي للسماح للنواب بطرح مرشحين للرئاسة والتصويت لاختيار رئيس، مؤكدة أن التواصل مستمر مع الجالية اللبنانية في #الولايات المتحدة ومع الوفود النيابية اللبنانية التي تزور واشنطن باستمرار للتعبير عن موقف الولايات المتحدة في هذا الشأن.

أمام هذا الكلام، يمكن فهم المعايير التي تلجأ إليها واشنطن لفرض عقوباتها، مستندة الى ما يمكن وصفه بالشكاوى أو الضغط الذي تمارسه الجالية اللبنانية أو النواب الوافدون الى العاصمة الأميركية.

لعل هذا ما يفسّر تلقف الداخل لاسم رئيس المجلس لتوقع أن تصيبه السهام الأميركية قريباً. ولعله أيضاً السبب الذي دفع بري نفسه الى الرد، حتى وان كان هذا الكلام ليس جديداً، وقد تعرّض له بري بالمباشر او غير المباشر أكثر من مرة.

بدا واضحاً أن بيان المكتب الإعلامي لحركة "أمل" جاء أمس ليرد على الاستهداف الذي يتعرض له بري، بصفته رئيس الحركة، لا بصفته الدستورية رئيساً للبرلمان، رغم أن اتهامه بالتعطيل جاء على خلفية مسؤوليته على رأس السلطة التشريعية.

فقد حرص مكتب رئيس "أمل" على تجديد تأكيده "أن أبواب المجلس لم ولن تكون موصدة أمام جلسة انتخاب رئيس للجمهورية إذا أعلن عن مرشحَين جدّيين على الأقل للرئاسة وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع ولا سيما مع رئيس المجلس".

لا يخفى على أي متابع أن التهديد الحركي يهدف الى التذكير بما ومن يمثله بري. كما أن ما ورد في البيان يسعى الى تصحيح الالتباس الذي رافق الكلام المنقول عن بري حيال اعتبار الوزير السابق جهاد أزعور مرشح مواجهة يرمي الى عرقلة انتخاب مرشح الثنائي سليمان فرنجية. فكان تأكيد على أن بري جاهز لفتح أبواب المجلس امام المرشحين الجديين.

وفي استيضاح لمغزى هذا الكلام والمقصود به، قالت أوساط رئيس المجلس إن بري لا يستهدف أزعور الذي لم يعلن ترشّحه بعد، كما لم تعلن القوى المتوافقة على اسمه ترشيحها له أو دعمها لترشحه. وهذا الكلام ينطبق أيضاً على المرشح فرنجية الذي لا يزال يتريّث في إعلان ترشحه رغم إعلان الثنائي دعمه وتأييده.

أما التهديد بالعقوبات على المعطلين، فتدعو أوساط بري كل من هناك "مسلة" تحت إبطه لأن يتذكر مواقفه السابقة حيال تعطيل نصاب الجلسات والامتناع عن الحضور الى المجلس. وهذا الكلام يستهدف نوّاباً وكتلاً من مختلف المشارب، وقد صدر عن أصحابه في لبنان كما من واشنطن. وتذكر هذه الأوساط بالمبادرات المتكررة لرئيس المجلس، إن عبر الدعوات الى الحوار أو عبر عقد ١١ جلسة انتخاب، مؤكدة أن بري لن يتوانى عن الدعوة الى جلسة جديدة عندما يلمس جدية عند المرشحين في تقديم ترشيحاتهم، أو لدى الكتل في الإعلان الجدي عن مرشحيها.

يضرب بري في الخاصرة الضعيفة للمعارضة التي لا تزال حتى الساعة عاجزة عن إعلان اتفاقها، معيقة المرشح أزعور عن الإقدام على الترشح.

فهل تأتي العقوبات على من يؤخر الدعوة الى جلسة أم على من يعطل النصاب؟ كلاهما سيان ما دام التعطيل لعبة تُلعب بالمداورة بين فريقي السلطة والمعارضة، وكل بحسب ما تقتضيه أجندته وحساباته الداخلية والخارجية!