Search Icon

هل يفعلها “الحزب” بعد الاستفتاء الشعبي؟

منذ يوم

من الصحف

هل يفعلها “الحزب” بعد الاستفتاء الشعبي؟

الاحداث- كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:

انتهت الانتخابات البلدية في بعلبك الهرمل، وأسدلت الستارة عن معركة لم تكن متكافئة من حيث التنظيم والإمكانيات، لكنها كشفت ما هو أعمق من الأرقام: حالة الترقب الشعبي لما سيلي نتائج صناديق الإقتراع، لا ما دار فيها. فـ “الاستفتاء الشعبي الذي منحه “حزب الله” لنفسه في معظم البلديات، لم يكن بيعة جديدة بمقدار ما كان مهلة مشروطة بثقة محدودة.

أنهى “الحزب” الانتخابات البلدية في محافظة بعلبك الهرمل محققاً فوزاً كاملاً في البلديات التي يملك فيها نفوذاً سياسياً وشعبياً، وخاض معارك صعبة في أخرى حيث الشراكة الطائفية والمناصفة، وإن حقق فيها انتصاراً لم يكن يتوقعه بتلك الفوارق، كحال مدينة بعلبك حيث كانت الماكينة الانتخابية والتحليلات تشير إلى فارق بين اللائحتين لا يتعدى ألف وخمسمئة صوت، لتخلُصَ النتيجة النهائية عند الفرز إلى بحبوحة عددية وصلت إلى أكثر من ستة آلاف صوت.

ذلك الفوز الذي لم يكن مفاجئاً نظراً لعدة عوامل، أبرزها غياب المنافسة الجدية في بعض المدن، حيث شُبه للبعض أنهم قادرون على تحريك الشارعين السني والشيعي لمنافسة الثنائي، إضافةً إلى حالة الالتفاف على “الحزب” بعد الحرب الأخيرة والخسائر العسكرية والبشرية الجسيمة، ناهيك عن خروجه من سوريا وسقوط نظام الأسد وما تبع ذلك من حالات نزوح لعدد كبير من أبناء الطائفة الشيعية في سوريا هرباً من النظام الجديد، ليعودوا مجدداً إلى منازلهم من جديد دون أن يتعرض لهم أحد. كلها عوامل صورّ خلالها “الحزب” الطائفة على أنها مستهدفة وتتعرض لعملية اغتيال سياسي داخلي استكمالاً للاغتيال العسكري، فقطف ثمار ذلك تضامناً شعبياً ونزوحاً إلى صناديق الاقتراع كُلّل انتصاراً في غالبية البلديات لولاية جديدة.

منذ أكثر من عشرين عاماً يمسك “حزب الله” ومعه حركة “أمل” بزمام المجالس البلدية واتحاداتها في المنطقة، لم يكن ينقصهما شيء: لا غطاء سياسي، ولا تمويل خارجي، ولا امتدادٌ إداري، ولا علاقات بالدولة اللبنانية، ورغم ذلك، بقي الإنماء هشاً، والمشاريع عشوائية، والإدارة البلدية معظمها شكلية، أو محكومة بالعائلات والمصالح. ومع النتائج الجديدة وإعطاء الثقة في ظل الظروف الآنفة الذكر، وما سبق على مدى سنوات من النقد والانتقاد للبلديات وأدائها، يطرح السؤال الذي بدأ يتردد في أوساط الناس: هل يفعلها “حزب الله” هذه المرة ويضع الإنماء نصب أعين البلديات؟ وهل يخرج من إطار المحاصصة العائلية التي بدأ يعيد توزيعها كما في السابق، إلى الدائرة التنموية الأوسع؟

بعبارة أخرى ووفق مصادر متابعة لـ “نداء الوطن”، هل يستثمر “حزب الله” الاستفتاء الشعبي، أي حجم الأصوات التي نالها في الانصراف إلى الإنماء الحقيقي بدل التلهي مجدداً بتقاسم المجالس والاتحادات؟ وتابعت المصادر أن قسماً كبيراً من الناس أعاد التصويت للوائح “الحزب” لا عن قناعة كاملة، بل لغياب البديل، أو خوفاً من الفراغ، أو لاعتبارات شخصية ومحلية. أي أن التصويت لم يكن شيكاً على بياض، بل كان أقرب إلى تفويض مشروط، أو حتى فرصة أخيرة، ونسبة الاقتراع لم تكن مرتفعة، لكنها لم تكن كارثية أيضاً، وهذا يعني أن “الحزب” لا يزال يحتفظ بقاعدة شعبية، لكنها أقل حماسة وأكثر انتقاداً وأشدّ مطالبة.

وأكدت المصادر أن على “الحزب” التقاط الإشارة هذه المرّة، ويتوقف عن سياسة المحاصصة، ويتخلى عن ذهنية الإدارة البلدية المغلقة، ولتكن الشفافية والمحاسبة في العمل البلدي هي الأساس. فالفرصة متاحة اليوم، وإذا كانت الصناديق قد منحت “الحزب” ثقة جديدة، فعليه أن يسمع إلى الناس التي لا تطلب المعجزات، يريدون بلدية تشبههم، تسمعهم وتخدمهم، لا أن تمثل عليهم دون “المحررّ الأبدي” أو “الزعيم المطلق”.