Search Icon

هل يتنحّى "الملك" برّاك... لتحيا "الملكة" أورتاغوس!؟

منذ 5 أيام

من الصحف

هل يتنحّى الملك برّاك... لتحيا الملكة أورتاغوس!؟

الاحداث  - كتب جورج شاهين في صحيفة الجمهورية يقول:"ممّا لا شك فيه أنّ زيارة الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك الرابعة، جاءت بأول صك براءة للبنان، لمجرد اعترافه بأنّ ما كان مطلوباً منه في ورقته الأخيرة الملبننة في شأن حصرية السلاح قد نُفّذ، وإنّ على إسرائيل "أن تبادله بخطوة مقابلة". وليكتمل مسلسل مفاجآته، أعلن عن عودة مورغان أورتاغوس "كجزء من فريقنا"، لتكون "النجمة" التي تلمع في هذه المنظومة الكبيرة في الشرق الأوسط بتوصية من الرئيس دونالد ترامب. وعليه، هل انتهت مهمّة برّاك بجزئها اللبناني لتستعيد أورتاغوس الصدارة؟ وهذه بعض المؤشرات إلى ما هو متوقع.
على عكس كثير من مجموعة السيناريوهات المتداولة، ولا سيما منها تلك التي تنادي بالاحتفاظ بالسلاح غير الشرعي، ما بين زيارتي برّاك الثالثة والرابعة، فقد جاءت مواقفه لتقدّم مؤشرات كثيرة توحي بالإيجابية ويمكن البناء عليها. فهو استوعب بقدرة قادر المستجدات على الساحة اللبنانية، وتحديداً ما اتخذته الحكومة من قرارات الأسبوع الماضي، مقدّراً جرأتها في مقاربة الأهداف التي تحدثت عنها ورقته الأخيرة.
وما زاد من إقتناعه بحسب أحد أقرب القريبين إلى ملف المفاوضات الجارية بينه والمسؤولين اللبنانيين، أنّه أنجز ما كان قد تعهّد به من ضمن مهلة الشهرين اللذين تولّى فيهما مسؤولية الملف اللبناني، إلى جانب الملف السوري المكلّف به اصلاً، إلى جانب مهمّته كسفير لبلاده في انقرة. فهو كان واضحاً بعد ضمّ الورقة اللبنانية إلى الملف السوري المكلّف به، انّ مهمته يجب ان تنتهي في شهرين من تاريخ زيارته الأولى للبنان وهو ما تحقق عشية انتهاء هذه المهلة اليوم. فلا ينسى أحد انّه زار بيروت للمرّة الاولى في 19 حزيران الماضي بالصفات الجديدة التي حملها وليس بصفته من أصل لبناني.
على هذه الخلفيات، توسعت مراجع سياسية وديبلوماسية في قراءة الأجواء الإيجابية التي تميّزت بها الزيارة، وخصوصاً ما أشار اليه لجهة  قرار الحكومة اللبنانية بالموافقة على الأهداف الأساسية التي تضمنتها ورقته الأخيرة، من دون أي إشارة إلى المهل التي أثارت لغطاً كثيراً لدى جميع الاطراف التي رحّبت بالقرار، أو تلك التي اعترضت على الأداء الحكومي، واعتبرت انّ ما اتُخذ كان تنفيذاً لورقة "الإملاءات الأميركية" من دون احتساب التعديلات اللبنانية التي أدخلها رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيسا المجلس النيابي والحكومة نبيه بري ونواف سلام وجمعها، برّاك في ورقته الأخيرة مطعمة بالمهل التي أرادها، لإبراز الحاجة إلى الجدّية في تنفيذ ما هو مطلوب.
وفي اعتقاد مراجع ديبلوماسية واكبت المراحل المختلفة التي سبقت تكليف برّاك المهمّة الموقتة في لبنان، وتلك التي قام بها أسلافه، انّ الورقة الأخيرة لم تحمل جديداً سوى على مستوى المراحل المطلوبة لتنفيذ المهمّة كاملة. فلا يُخفى على أحد انّ برّاك نعى في زيارته الثالثة لبيروت ما انتهت إليه المساعي المبذولة لتطبيق وثيقة اتفاق 27 تشرين الثاني 2024، معتبراً أنّها لم تحمل الآلية التي كان يجب أن تحدّد المراحل التنفيذية المطلوبة للانتقال من مرحلة تجميد العمليات العسكرية إلى مرحلة وقف النار او الهدنة الشاملة.
ولذلك، تضيف المراجع عينها، كان لا بدّ لبرّاك من ان يصغي إلى نصيحة ديبلوماسي عتيق، طلب إليه تحديد المهل المطلوبة لتنفيذ مقتضيات القرار على ضوء التفسير الجديد للقرار 1701، إذ كان لا بدّ من وضع جدول معيّن، فلا يحيي الحديث عن الكذبة الكبرى التي رافقت تطبيق القرار 1701 من 2006 إلى 2023، وهو القرار الذي تمّ إحياؤه والاحتفاظ بأحد بنوده الذي قال بـ "تجميد الأعمال الحربية"  بدلاً من الإعلان عن وقف النار، وجعله هدفاً للسعي خلفه دون أن يتمّ ذلك. ذلك انّ المساعي الدولية والأممية ومعها تقارير قوات "اليونيفيل"، غضت الطرف عن التحضيرات التي قام بها "حزب الله" لنقل الأسلحة إلى جنوب الليطاني، وأيضاً عن الخروقات الإسرائيلية، تحضيراً للحرب التالية التي اندلعت شرارتها في 8 تشرين الاول 2023 بحرب "الإلهاء والإسناد" التي أعلنها "حزب الله"، وكان ما كان من اغتيالات وتدمير وقتل وخراب انتهى بحرب "أولي البأس".
وتقول المراجع الديبلوماسية، انّ زيارة برّاك الرابعة، وما رافقتها من مواقف أميركية، اكتفت نوعاً ما بما تقرّر في مجلس الوزراء، فتحت الباب أمام إقتناع اميركي بإمكان إعادة النظر في المهل المحدّدة لحصر السلاح، بعدما تبين انّ ما هو مطلوب من إسرائيل يستحق ان يكون في أولويات الخطوات الأميركية الفورية. وهو ما دفعه للتوجّه مباشرة من بيروت إلى تل ابيب للبحث في هذه الصيغة بطريقة تحرج دعاة الاحتفاظ بالسلاح عن طريق خطوة إسرائيلية لا بدّ منها إن ارادت تل ابيب إنجاح المسعى الأميركي قبل الخطوات اللبنانية المقررة.
وبناءً على ما تقدّم، فإنّ المواقف الأميركية أوحت بعناوين المرحلة المقبلة. ذلك انّ عودة برّاك واورتاغوس إلى بيروت نهاية الشهر الجاري تحمل معاني عدة، ولكن أهمها ان يكون برّاك على أهبة الاستعداد لإعلان انتهاء مهمّته الموقتة وعودة اورتاغوس إلى موقعها السابق، وإنّهما سيكونان حاضرين في توقيت يستبق نهاية المهلة التي أًعطيت للجيش اللبناني لتقديم البرنامج الخاص بحصر السلاح بأيام قليلة، كفيلة بترتيب المواعيد الجديدة وإجراء عملية التسليم والتسلم بينهما. فإن حملا قراراً اسرائيلياً بإمكان تنفيذ خطوة متقدّمة تجاه لبنان، فسيعني انّهما وفّرا ما يسهّل تنفيذ القرار الحكومي، ولا يبقى حبراً على ورق. وسيكون أمام اهل الحكم القدرة على إعطاء مهل جديدة لتنفيذ ما تقرّر وتعديلها بأخرى جديدة قابلة للتطبيق، للوصول إلى معادلة بسيطة تعزز الاقتناع بأنّ ما كُتب قد كُتب.