الاحداث- كتب مازن عبّودفي صحيفة النهار يقول:"بيروت استقطبت في 2025 مؤتمرات اقتصادية كبرى، كان آخرها المؤتمر العلمي التاسع عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية (تعزيز القدرة التنافسية للاقتصادات العربية)، الذي استضافته كلية إدارة الأعمال في LAU، بمشاركة شخصيات اقتصادية عربية بارزة، من بينها محمود محيي الدين، وعادل الوقيان، وعاطف قبرصي، وأشرف العربي، وخالد الحنفي وغيرهم. وهو ما يؤكد أن لبنان قادر على استعادة بعض أدواره متى توفّر الاستقرار السياسي.
عالج المؤتمرون سبل ابتكار نماذج نمو جديدة، واعتماد مقاربات أكثر ديناميكية في صنع السياسات، وتعزيز الميزات التنافسية للاقتصادات في مواجهة تحديات وجودية.
قضايا أقاربها من عدسة Joel Mokyr، الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد لل2025، الذي ربط في كتابه Two Paths to Prosperity بين أدوار الأفكار والمؤسسات والثقافة والنمو الاقتصادي الطويل الأمد. فقد بيّن موكير أن الثورة الصناعية الأوروبية كانت ثمرة انفجار المعرفة المفيدة، لا مجرد تراكم رأس المال أو الموارد الطبيعية. كما أوضح أن "جمهورية المعرفة" (Republic of Letters) التي نشأت بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، وأسّست لتبادل الرسائل بين العلماء والمفكرين، أطلقت شبكة معرفية تطبيقية عابرة للحدود وبعيدة عن السلطة، ما مهّد للثورة الصناعية. في المقابل، تناول موكير حالة الصين التي عرفت ابتكارات لم تتحول إلى مسار ابتكاري مستدام بسبب خضوع شبكتها المعرفية لمركزية السلطة، وهذا لبّ الأزمة عربياً.
 لبنانياً، نحن بحاجة إلى بنية معرفية تطبيقية (Prescriptive Knowledge)، إذ إن جامعات الإفادات لا تكفي. المطلوب تعليم مهني يخرّج فنيين يتكاملون مع مهندسين فعليين، وتبديل مناخاتنا لتصبح موائمة للتغيير بإزالة العوائق أمام تطور بنيتنا المؤسسية. وقد عرض مدير عام المعهد العربي للتخطيط د.عادل الوقيان في المؤتمر مؤشرات مقلقة حول تراجع معدلات النمو وارتفاع البطالة والتضخم في العالم العربي، بالتوازي مع بلوغ عدد السكان نحو 493 مليون نسمة. فالبنية المؤسسية للاقتصادات العربية تولّد صراعات تعيق مسارات التنمية، ما يستدعي تطوير الاطر المؤسسية للعديد من البلدان. لبنانياً، يشكّل مشروع قانون الفجوة المالية الذي أُقرّ بصعوبة في مجلس الوزراء مؤشراً دالاً: فهل سيمر في مجلس النواب، وكيف، وبأي ثمن؟ الإجابات سترسم ملامح مدى تبدّل بنيتنا المؤسسية وقدرتها على انتاج قرارات مفيدة...