الأحداث - تابع "ملتقى التأثير المدني" قبل ظهر اليوم مسار "الحوارات الصباحيَّة" الشهريَّة بانعقاد اللّقاء الرابع عشر في فندق جفينور – روتانا الحمرا، تحت عنوان "لبنان دولة المواطنة واتّفاق الطّائف: السّياسات والخيارات". شارك في اللّقاء نخبة من الشّخصيّات الأكاديميّة، والإداريّة، والقانونيّة، والدّستوريّة، والثقافيّة، والفكريّة، والقضاة، والضباط المتقاعدين، والإعلاميّات والإعلاميّين، وناشطاتٍ وناشطين في المجتمع المدني ونائب رئيس وأعضاء من الهيئة الإداريّة، والمدير التّنفيذي للملتقى.
وقائع اللّقاء
في بداية اللّقاء الذي قدّمت له الإعلاميّة دنيز رحمة فخري، ونقل مباشرة على منصّات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصّة بالملتقى، كان النشيد الوطني اللّبناني، وبعده وثائقي تعريفي عن "ملتقى التأثير المدني"، ومن ثمَّ وثائقي إستعراضي للِّقاء الثالث عشر الذي عقد تحت عنوان: "دولة المواطنة والذاكرة اللّبنانيّة المشتركة: الإشراقات والإخفاقات".
كلمة حاسبيني
بعدها كانت كلمة عضو مجلس ادارة "ملتقى التأثير المدني" الدكتور عبد السلام حاسبيني قال فيها: مرَّة جديدة نجتمعُ اليوم معًا في اللّقاء الرّابع عشر من مسار "الحوارات الصّباحيّة"، نفكّر فيه بالعمق حول أهميّة الدّستور النّاظم للعقد الاجتماعي الذي عليه يجتمع اللّبنانيّات واللّبنانيّون، من مقيمين ومغتربين، يجتمعون معًا ليثبّتوا خياراتهم في قيام دولة المواطنة السيّدة الحرّة العادلة المستقلّة، دون تمييع أو التواء، دون تذاكي أو التباس، دون شراكة وإشراك في السّيادة، في صيغة ميثاقيّة تحمي التنوّع، وترسّخ الهويّة الوطنيّة الجامعة، وهذا يقتضي وقف ضرب المفاهيم المؤسّسة للدّولة على كلّ المستويات".وختم حاسبيني فقال: "الدّستور اللّبناني تعالوا نعودُ إليه معًا بوعي المصلحة الوطنيّة العليا، فنُعيد للبنان الرّسالة دوره الحضاريّ بين الأمم. وهذا عهدٌ علينا ووعد."
كلمة عبد النور
ثمَّ تحدثت ميسّرة الحوار الإعلامية كارين عبد النور فقالت: "إنّ عنوان اللّقاء ينطوي على أكثر من مجرّد توصيف نظريّ أو جدل سياسيّ، بل يلامس جوهر الإشكاليّة اللّبنانيّة المستمرّة منذ عقود. وهي أمور منحت اللّقاء قيمة مضافة مع تزامنه مع مبادرة سياسيّة وأكاديميّة متقدّمة، تمثّلت في قيام "ملتقى التأثير المدني" بالتعاون مع الهيئة المدنيّة لبناء دولة المواطنة، بإعداد ملفّ متخصّص يتضمّن اقتراحات قوانين للإصلاحات البنيويّة المنصوص عليها في اتّفاق الطّائف وقد أُودِعَ لدى كلٍّ من رئاسة الجمهوريّة ورئاسة مجلس الوزراء، ليكون أساسًا لحوار جديّ ومسؤول حول مستقبل النّظام السّياسي اللّبناني".وأضافت عبد النّور: "بعد مرور خمسةٍ وثلاثين عامًا على توقيع اتّفاق الطّائف يَفرض الواجب الوطني علينا، أن نعيد طرح الأسئلة الكبرى. ومنها: هل لا يزال هذا الاتّفاق، ببنوده ومندرجاته، صالحًا كأساس لبناء دولة حديثة تستجيب لتطلّعات المواطنين؟ وما هي الثغرات التي كشف عنها التّطبيق المبتور أو الانتقائي للنصوص؟ وهل المطلوب هو تطبيق الدّستور كما هو، أم أنّ الحاجة باتت ماسّة لإعادة قراءته وتعديله؟ وما مدى التزام مجلس النواب بروح الطّائف ونصّه؟ وهل يتمّ اعتماد معايير وطنيّة واضحة في تطبيقه، أم أنّ الاعتبارات السّياسيّة والطّائفيّة ما زالت هي الحَكم؟ واستطردت عبد النّور "إنّ جوهر هذا النّقاش لا يقتصر على التباين بين النصّ والتّطبيق، بل يمتدّ إلى سؤال الهويّة السّياسيّة والاجتماعيّة للبنان".وانتهت عبد النور إلى القول: "إنّ "ملتقى التأثير المدني" لا يطرح هذه الأسئلة من باب التّنظير أو النّقد المجاني، بل انطلاقًا من قناعة راسخة بأنّ المدخل إلى الإصلاح السّياسي البنيويّ يبدأ من الاعتراف بحجم المأزق، ثم مقاربة الحلول من منظور وطني عابر للطوائف، مرتكز على مبادئ الحوكمة، وسيادة القانون، والمحاسبة، والعدالة الاجتماعيّة".ولفت سليمان إلى "أنّ التجارب اكدت أنّ الأنظمة البرلمانيّة لا تعمل بفاعليّة إلّا في إطار أكثريّة برلمانيّة تنبثق منها الحكومة، ومعارضة برلمانيّة فاعلة تمارس رقابة جدّية عليها، وهو غير متوفر في لبنان. ذلك أنّ احتكار تمثيل بعض الطوائف الكبرى قضى بتشكيل حكومات إئتلافيّة، سمّيت حكومات وحدة وطنيّة، لا يجمع وزراءها برنامج موحّد، انّما مصالح المتحكّمين بتمثيل طوائفهم. هذا ما منع قيام معارضة برلمانيّة فاعلة، وحوّل الحكومة إلى برلمان مصغّر، ما أضعف دور البرلمان في الرّقابة والمحاسبة والتّشريع، ونشوء معارضة داخل الحكومة". وسأل سليمان: "أين نحن من المواطن ومن دولة المواطنة؟ وهل من سبيل إلى بناء دولة المواطنة؟" وأجاب: "بناء دولة المواطنة يتطلّب العمل الجادّ لتحرير الفرد من العصبيّات وتكوين شخصيّته كمواطن، كما يتطلّب العودة إلى الدّستور، ونشوء قوى سياسيّة عابرة للطوائف. وهذه الأمور مترابطة مع بعضها البعض. ولقانون الانتخابات النّيابيّة دور أساسيّ في بناء دولة المواطنة عندما يوفّر التوازن في التّمثيل النّيابي بين البعد الوطنيّ والبعد الطّائفيّ. وعدم احتكار تمثيل الطّائفة، ليستقيم أداء النّظام الدّيموقراطيّ البرلمانيّ من خلال أكثريّة برلمانيّة متعدّدة الانتماءات الطّائفيّة تتولّى الحكم ومعارضة مماثلة تمارس رقابة فاعلة على الحكومة وتحاسبها". وانتهى سليمان إلى القول: "على صعيد الدّستور ينبغي وضع المزيد من الضوابط في الدّستور لإلزام من يتولّى السّلطة التقيّد بأحكامه. كما ينبغي تشكيل الهيئة الوطنيّة لإلغاء الطّائفيّة من شخصيّات قادرة على القيام بالمهامّ المناطة بها، بما يؤدي إلى زوال الطّائفيّة السّياسيّة ومعها الطّائفيّة".