الاحداث- كتب ابراهيم حيدر في صحيفة النهار يقول:"أن يقدم توم برّاك خريطة طريق أميركية قوامها سحب سلاح "حزب الله" أولاً ثم التوجه إلى إسرائيل والبدء لاحقاً بمفاوضات مباشرة، وأن يلخص السيناتور الأميركي ليندسي غراهام ما تريده إسرائيل أولاً والولايات المتحدة من لبنان، فكأنهما يتبنيان الشروط الإسرائيلية بوجوب أن ينفّذ لبنان خطة حصر السلاح في يد الدولة لكي تقابلها إسرائيل بالتزام وقف الأعمال العدائية، وهما في هذا الموقف لا يساعدان لبنان في أن يتقدم بخطوات واثقة نحو استعادة السيادة، تماماً كما يرتد "حزب الله" على الدولة ويصعّد ضد الداخل بالسلاح المنتهية صلاحيته، وهو ما يضع الدولة أمام تحديات ليس من السهل مواجهتها في ظل الانقسام اللبناني والتهديدات في الداخل والخارج.
أبلغ الوفد الأميركي لبنان، الرسالة الإسرائيلية، لكن بموقف ينحاز لتل أبيب التي تضع شروطاً أمنية على لبنان، لا تقتصر على ملف السلاح، إذ إن إسرائيل التي تنفذ عمليات يومية في الجنوب ضد "حزب الله" وتمنع إعادة الإعمار في القرى الحدودية، تريد اتفاقات أمنية، وقبل ذلك على لبنان أن يبدأ تنفيذ سحب سلاح الحزب والالتزام الكامل بالقرار، فرمت الكرة مجدداً في الملعب اللبناني بما يعني أنها لا تريد الالتزام بالاتفاق، بل الحفاظ على الستاتيكو القائم، ولا الانسحاب من النقاط الخمس التي يحوّلها الجيش الإسرائيلي إلى قواعد ثابتة بفعل التحصينات التي يبنيها في محيطها.
لا يسهّل الأميركيون تنفيذ قرار لبنان حصر السلاح بعدما كلفت الحكومة الجيش وضع خطة ستناقش في 2 أيلول، فإذا بهم يطرحون المنطقة الاقتصادية على الحدود، أو المنطقة العازلة، وكأن الأمور منتهية، من دون الأخذ في الاعتبار أن هذا الطرح قد يفجّر الوضع، وهم لم يتمكنوا للتوّ عبر برّاك نفسه من إدارة الملف السوري الذي انفجر في السويداء.
وإن كان "حزب الله" يعلن تأهبه لإسقاط قرار الحكومة، وينفذ بروفات ميدانية للمواجهة مع الداخل، فإن موقفه من السلاح الذي أعلنه الشيخ نعيم قاسم بسقف تصعيدي، يقدّم الذرائع لإسرائيل ولا يساعد الدولة على القيام بواجباتها، لا بل يخنقها ويقيّد الجيش، ولا يجيب في المقابل على كيفية استعادة الأراضي المحتلة، وعندما يتحدث عن بأسه وقدرته على القتال لا يحرك ساكناً إلا بالكلام عن الدعم الإيراني للمواجهة وإعادة الإعمار، فإذا بلبنان في هذه المرحلة يقف عند مفترق طرق خطر في انتظار رد إسرائيلي جديد، ويتمنى أن يمارس الأميركيون ضغوطاً على إسرائيل، فيما أقصى ما يتمناه اللبنانيون أن يبقوا بمنأى عن المفترق الخطر والحرب وبعيداً عن الاقتتال.
لن تكون مهمة برّاك المقبلة سهلة، ما لم تضغط أميركا على إسرائيل للتقدم خطوة مقابل خطوة، ولن يكون بمقدوره أن يعرض خدماته إذا انفجر الوضع اللبناني بالضغط الإسرائيلي، لكن أيضاً من يقنع "حزب الله" بأنه يسير في طريق خطر يعرّض لبنان لأفدح الأضرار، وأن سلاحه أخرج من مقاومة الاحتلال ولم يعد ذا وظيفة ويصدأ، وأن اللبنانيين يرغبون في تدبير شؤونهم بعيداً عن الرهانات والأوهام والمكابرة، وأنهم لن ينتظروا 25 سنة ثانية للتحرير ولاستعادة وحدتهم تحت جناح الدولة.