الاحداث - كتبت صحيفة "الأنباء" الالكترونية: على وقع التهديدات المتتالية من إسرائيل بتوسيع دائرة عدوانها على لبنان، ومع استمرار الضغوط الأميركية ومواقف المبعوثين وتصريحاتهم التصعيدية، يقف لبنان على عتبة مرحلة حرجة شديدة الحساسية والخطورة، بين الانجراف الى مواجهة صعبة مع إسرائيل، أو انحراف حاد نحو انقسام داخلي يضعه على حافة حرب أهلية مقيتة. وفي ظل هذه الأجواء، جدد الرئيس جوزاف عون تأكيده أن "ليس أمام اللبنانيين إلا خيار التفاوض"، فيما يتمسك "حزب الله" بخيار "المقاومة ويعيد ترميم بنيته العسكرية ويرفض تسليم سلاحه"، على عكس ما سبق والتزم به لحظة انتخاب رئيس الجمهورية وخلال تصويته على الثقة للحكومة وبيانها الوزاري الذي نص على حصرية السلاح بيد الدولة وقواها الشرعية.
ما يزيد من حراجة الموقف اقتراب موعد تقديم الجيش تقريره الثاني حول نزع السلاح، من دون أي تقدم إضافي جديد، لا بل إعلان "حزب الله" على لسان أكثر من مسؤول فيه رفضه العلني لتسليم السلاح، ويخشى مراقبون أن يؤدي استمرار المراوحة في المكان ورفض الشروع في التفاوض، إلى شلل في القرار وإضعاف الموقف اللبناني أمام أي انعطافة خطرة لا تقي لبنان شر الانزلاق إلى مواجهة أوسع لا تقل تدميراً عن أجواء الحرب.
ويحذر مراقبون من أن استمرار الخطابين المتناقضين قد يزيد حالة الغموض السياسي ويؤخر أي مسار تفاوضي محتمل، في وقت يحتاج فيه لبنان إلى توحيد الموقف الرسمي لتفادي انعكاسات أمنية داخلية محتملة.
عون
وعشية وصول وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي الى لبنان، بهدف تجديد الضغط على "حزب الله" وحرمانه من الوصول الى الموارد المالية التي يعتمد عليها في إعادة بناء قدراته العسكرية، بعد أن ناقش في إسرائيل تعزيز حملة قصوى للضغط على طهران، ووكلائها في المنطقة، أكد الرئيس عون أن مصلحة لبنان يجب أن تبقى فوق كل اعتبار، داعياً مختلف القوى السياسية والدينية والأمنية إلى تغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الفئوية.
وقال الرئيس عون: "في السياسة هناك 3 أدوات للعمل، وهي الدبلوماسية والاقتصادية والحربية. فعندما لا تؤدي بنا الحرب إلى أي نتيجة، ما العمل؟ فنهاية كل حرب في مختلف دول العالم كانت التفاوض، والتفاوض لا يكون مع صديق أو حليف بل مع عدو"، مشدداً على أن "لغة التفاوض أهم من لغة الحرب التي رأينا ماذا فعلت بنا، وكذلك اللغة الدبلوماسية التي نعتمدها جميعاً، من الرئيس نبيه بري إلى الرئيس نواف سلام".
براك 
وفي سياق مواقفه التصعيدية الضاغطة على لبنان، اعتبر المبعوث الأميركي توم برّاك، أنّ "الحوار هو السبيل الوحيد لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان والعدو الإسرائيلي".
وفي لقاء مع صحافيين في تركيا، قال برّاك: "إنّ رئيس الولايات المتحدة يتصل ببوتين، ويتصل بشي جين بينغ، الرئيس الصيني، أفلا يستطيع الرئيس عون أن يرفع السماعة ويتحدث إلى نتنياهو ويقول له: كفى، لنضع حدّاً لهذا العبث، ولنُنهِ هذه الفوضى؟".
هوكشتاين
ولدى سؤاله عن رأيه في ما قاله المبعوث الأميركي توم برّاك حول كون لبنان "دولة فاشلة"، أجاب المبعوث الأميركي السابق إلى لبنان آموس هوكشتاين أن لبنان يعاني بالفعل من مشكلات وتحديات اقتصادية ضخمة. مضيفاً: "عوضاً عن التفكير في أخطائهم، علينا نحن، المجتمع الدولي، أن نقول إنه بعد حرب 2006، كان حزب الله وإيران من قاما بإعادة الإعمار، وإن كنا لا نريد لهما أن يفعلا ذلك، فعلينا نحن أن نتقدّم بأموال ومقاربة حقيقية لإعادة الإعمار. نولي أهمية كبيرة لإعادة الإعمار في غزة وننظم مؤتمرات ويجب أن نفعل الأمر عينه للبنان".
وتابع: "يجب أن نبرهن للناس في جنوب لبنان أن المجتمع الدولي لا يظهر فقط عندما يكون هناك قصف، بل أيضاً لإعادة إعمار الطرقات والمزارع وإعادة الكهرباء. فعندما يكون هناك فراغ ما، غالباً لا يملؤه أناس خيّرون".
فرنسا تلاحق مسؤولي النظام السوري البائد
في سياق آخر، لا يقل تأثيراً على الاستقرار الداخلي من الضغوط الأميركية ونزع سلاح "حزب الله"، تسلّم القضاء اللبناني استنابة من السلطات الفرنسيّة تطلب فيها تعقّب مسؤولين في نظام بشار الأسد المخلوع وتوقيفهم في حال وجودهم على الأراضي اللبنانية.
وكشف مصدر قضائي لبناني، أن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، تلقى برقيّة رسمية من القضاء الفرنسي، تتضمن استنابة قضائية تطلب من لبنان "تعقّب كلّ من قائد المخابرات الجوية في نظام بشار الأسد اللواء جميل الحسن، ومدير مكتب الأمن القومي اللواء علي مملوك، ومدير فرع التحقيق في المخابرات الجوية اللواء عبد السلام محمود، وإجراء التحريات والاستقصاءات وتوقيفهم في حال وجودهم في لبنان، وتسليمهم إلى السلطات الفرنسية".
وأشار المصدر إلى أن الحجار "كلفّ شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، إجراء التحقيقات اللازمة بهذا الشأن، والتحرّي عما إذا كان الحسن ومملوك ومحمود موجودين على الأراضي اللبنانية وتوقيفهم". كما طلب الحجار، وفق المصدر القضائي، "مراقبة حركة الدخول والخروج لهؤلاء، وما إذا كانوا دخلوا لبنان بطريقة شرعية".