الاحداث- كتب ماريو ملكون في صحيفة نداء الوطن يقول:" لا يقتصر الأمر على حملات عدائية مبرمجة ضد وزير الخارجية والمغتربين، ولا على موقف أو هتاف تخويني مُعلّب تجاه رئيس الحكومة، ولا على رسائل ممنهجة ومباشرة لرئيس الجمهورية، إنّما قد انتقل "حزب الله" إلى نسف سياسات الحكومة اللبنانية عبر الانقلاب على بيانها الوزاري من جهة ومحاولة اسقاط قرارات الجلسات الوزارية، من جهة ثانية.
"احتكار الدولة لحمل السلاح، وبسط سيادتها على كافّة أراضيها بقواها الذاتية حصراً"، ليست عبارة ارتجلها رئيس الجمهورية، ولم يُفتِ بها رئيس الحكومة، ولم يتفرّد بها وزير الخارجية، بل هي جزء لا يتجزأ من البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الحالية، والتي تضمّ ممثّلين عن "حزب الله"، وهي تنصّ بشكل واضح وصريح على أنّه لا يمكن لأي كان حمل السلاح غير قوى الدولة الشرعية، وأنّ على الدولة احتكار كل سلاح خارج إطارها، وبالتالي تمنّع "حزب الله" عن الخروج بموقف واضح وصريح يُعلن فيه انتهاء مشروعه المسلّح، توازياً مع رفضه الكلام عن تسليم السلاح "شمال الليطاني" واشتراطه تحقّق عدة إجراءات قبل قبوله التفكير بإمكانية انخراطه بنقاش حول كيفية تقديم "خبراته العسكرية" للدولة، وفق قوله، لا كيفية جدولة تفكيك بنيته العسكرية، ليس سوى تمرّد صارخ على مضمون البيان الوزاري وربط لكلّ القرارات والبيانات الرسمية المحلية والدولية، من الدستور اللبناني وخطاب القسم وصولاً إلى القرارات الدولية واتفاق وقف إطلاق النار.
موقف أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم "ما بقى حدا يطلب منّا نعطي شي، ما رح نعطي أي شي تتطلبوه منّا"، هو ضرب مباشر لقرار الدولة اللبنانية، واغلاق للطريق على قرار الرئيس جوزاف عون بالانتهاء من ملف السلاح قبل نهاية العام عبر حوار مباشر مع "حزب الله".
ويُضاف إلى موقف قاسم، كلمة النائب محمد رعد من قصر بعبدا، ردّاً على ملف "حصر السلاح بيد الدولة"، وذلك بقوله "لا امتيازات للدولة من دون واجبات تلتزم بها، وعندما تتساوى الواجبات مع الالتزامات، يحصل التفاهم"، أي أنّ "حزب الله" يرفض ما قرّرته الحكومة ويرفض التجاوب مع خطوات الرئيس عون، ويعتبر نفسه هو المخوّل في تحديد الخارطة العسكرية، حيث أنّه يضع الشروط ويُجدول الاجراءات وفق حساباته في تحدٍّ مباشر للدولة اللبنانية.
وإلى جانب ملف سلاح "حزب الله"، وبعد أن أقرّت الحكومة اللبنانية جدولاً لسحب السلاح من المجموعات الفلسطينية، داخل وخارج المخيمات، معطوفاً على الموقف الإيجابي للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبعد أن بدأت أولى بشائر التنفيذ من خلال تحركات القوى المعنية على الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، أطلق "حزب الله" إعلامه ليشنّ هجوماً على عباس، توازياً مع زرعه الشكوك بنجاح الاجراءات، إضافةً لمعلومات متداولة عن تحرّكات مكثّفة لقوى الممانعة في لبنان لحثّ بعض الفصائل الفلسطينية للتمرّد على القرار اللبناني، وعدم التجاوب على الاطلاق.
عرقلة انجاز جمع السلاح الفلسطيني، يعتبره "حزب الله" أكثر من ضرورة، لكونه يُمنّي النفس في أن تكون المماطلة في انجاز هذه الخطوة، تمديداً لبتّ ملف سلاحه.
كلّ ما سبق، يؤكّد بالوقائع أنّ "حزب الله" يواصل تمرّده على مقررات الحكومة اللبنانية ويستمرّ في انقلابه على بيانها الوزاري، فلِمَ يستمر في الحكومة، طالما أنّه يرفض توجّهاتها ويُعارض كل الخطوات التي تؤدّي إلى قيام دولة لبنانية فعلية؟
إنّ العبارة الأكثر منطقية هي تلك التي توجّه بها النائب أمين شري لوزير الخارجية، ولكن بشكل مردود له ولحزبه: "احترم سيادة لبنان، فالالتزام بسياسة لبنان وحكومته واجب لا مناص منه".
وبعد، على الدولة أن تحزم أمرها ولا تنتظر من المماطلين المتذاكين العابثين بأمن لبنان ومستقبل اللبنانيّين، أكثر من المماطلة والتذاكي والعبث، وإلّا ستتحوّل شريكة في كل ذلك.