الاحداث- كتب نبيل بو منصف في صحيفة النهار يقول:"سيراقب اللبنانيون، في الساعات المقبلة، وبانشداد استثنائي، أول زيارة تاريخيّة يقوم بها رئيس سوري إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهي زيارة ستكرس بكل مراسمها ووقائعها "سوريا الجديدة" التي ستنضم إلى التحالف الغربي ضد "داعش" وتنزع عنها العقوبات وتقدم رئيسها الذي نظف سجله مجلس الأمن الدولي، وكل ذلك وهي تمضي نحو اتفاق امني قريب مع إسرائيل.
سيراقب اللبنانيون هذا الحدث على وقع "استعصاءين" يضعان لبنان قبل أقل من أسبوعين على مرور سنة كاملة على اتفاق 27 تشرين الثاني/نوفمبر لوقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، في منقلب عاصف يختلط معه التصعيد المتدحرج في الأعمال العدائية والتهديد بحرب جديدة مع تصعيد مواز في أزمة سياسية داخلية متورمة تضع قانون الانتخاب والانتخابات برمتها في مهب انفجار سياسي. ولا مغالاة في التخوف من ان تكون الرعونة الكارثية "للثنائي الوطني" في نفخ الأزمة الانتخابية متعمدة بدراية وتقصد بغية التخويف من أكلاف داخلية من شأنها إعادة البلاد إلى تجارب انتفاضات العصر البائد في ثمانينيات القرن الماضي او عملية 7 أيار 2008 او ما سمي "القمصان السود" ذات صباح تهويلي ترهيبي.
كل هذا "الحنين" المريض، او هذه النزعة القاتلة التي تستوطن ثقافة انقلابية انتحارية، حضر ويحضر في استرهان مصير اللبنانيين وخطفه واختصاره بتعريض لبنان الرازح حتى اللحظة تحت عدوانية إسرائيلية متدحرجة لم ولن ترتدع إلا بمسلك واحد احد هو جعل الجيش اللبناني وحده بلا أي شريك يحتكر السلاح والدفاع عن لبنان. وأما الأسوأ، فحين تندلع كما يخشى المواجهة الجديدة النهائية بين رئيس مجلس النواب وغالبيتين وزارية ونيابية تجسدان واقعيا الغالبية الشعبية اللبنانية انتصرتا للمنطق الدستوري الوطني بتكريس حق المغتربين اللبنانيين في المساواة مع المقيمين بانتخاب نوابهم الـ 128. اذ ان المضي في المكابرة المجلسية من جانب أقدم رئيس مجلس نواب في العالم وفي ظروف لبنان الحالية، سيغدو الاستعصاء الأعمق أثراً تدميرياً في نسيج الدولة والسياسة والمجتمع ان لم يخضع رئيس المجلس لموجبات الاحتكام لواقع صار مستحيلا مناكدته بأنماط عتيقة بالية كانت تمرر عبرها كل تجارب التعطيل والتفخيخ والشلل الدستوري ولو انها كانت ولا تزال تبرر بثغرات النظام والدستور إياهما.
والحال ان أي تبريرات ايديولوجية او ميدانية او سياسية او سواها من تلك التي يدمنها "حزب الله" لن تستقيم ثانية واحدة حين تتوج مسؤوليته التاريخية النهائية الحاسمة في استدراج ما قد يكون الحرب الإسرائيلية الأشد حسماً وتدميراً وقتلاً لكونه يرفض الاعتراف بالدولة اللبنانية ويتمرد على قرارتها ويمعن في التهويل عليها حين غدت خارج سيطرته وهيمنة محوره الإيراني المنهار. كما انه، سواء بسواء، قد تتدحرج الأوضاع الداخلية إلى منقلب لم يحسب له من التداعيات، إذا بقي تعامل رئاسة مجلس النواب مع الغالبيتين النيابية والوزارية من موقع كسر الأذرع مستظلة المربع المذهبي الطائفي لجعله متراساً انقلابياً ضد غالبية القوى السياسية والمدنية والشعبية والطائفية أيضا.
لم يمر لبنان بتجربة مماثلة سابقا لجهة التسابق في استدراج الكارثتين معا، على هذا النحو. وليس اقل مما يجب على اركان السلطة والحكم والحكومة ان يواجهوا به بطلي الاستعصاءين من سلاح المصارحة العاجلة في تحميلهما تبعات ما يستدرجان لبنان اليه قبل وقوع الكارثتين، ولا نقارب الآن تبعات مسايرة الثنائي في الكثير مما أوصل لبنان إلى هذا المنقلب، فهذا يستدعي اطروحات!