Search Icon

الراعي في لقاء الشبيبة في بكركي : لبنان يستعيد روحه بنور الإيمان ورسالة السلام

منذ 50 دقيقة

سياسة

الراعي في لقاء الشبيبة في بكركي : لبنان يستعيد روحه بنور الإيمان ورسالة السلام

الأحداث - ألقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كلمة ترحيبية بقداسة البابا لاوون الرابع عشر،في لقاء الشبيبة في بكركي مساء  اليوم الإثنين، وصف فيها لبنان بأنه “البلد الصغير بمساحته، الكبير برسالته”، مشيراً إلى أنه “التقط عبر تاريخه تلاقي الحضارات والأديان بين الشرق والغرب”.

وقال:" قداسةَ الحبرِ الأعظم،
باسم مجلسِ البطاركةِ والأساقفةِ الكاثوليك في لبنان، وباسم شبيبةِ لبنان، نتقدّمُ منكم بأحرِّ التّحايا وأصدقِ عباراتِ الترحيب. نُحيّيكم بطوبى الإنجيل التي تُلهِبُ القلوبَ حماسةً واندفاعًا وحثًا: "طوبى لفاعلي السّلام".
أهلاً بكم في لبنانَ، هذا البلدِ الصغيرِ بمساحته، الكبيرِ برسالته، الأرضِ المقدّسةِ التي شاء اللهُ أن يلتقيَ فيها الشرقُ والغرب، وتتقاطعَ فيها الثّقافاتُ والحضاراتُ في عنصرةٍ روحيّةٍ واجتماعيّةٍ وإنسانيّةٍ متعدّدةِ الهُويّات. أهلاً بكم على أرضِ الأرز، تلك الشّاهقاتِ الصّامتات، الرافعةِ أذرعَها نحو اللاّمتناهي، كأنّها مزاميرُ تنبعثُ من تربةِ الأرض إلى السّماء.
أهلا بكم في بكركي، هذا الصرحِ البطريركي العريق، دارِ الرجاء ومنارةِ الإيمان، الذي بقي على مدى القرون قلبَ الكنيسةِ النابضَ في الشّرق.
اليومَ يستقبلُكم لبنانُ، لا ببهرجة القصور، بل برهافةِ جراحه. يُقدِّمُ لكم أثمنَ ما يملِكُ: دموعَه وقد صارت لآلئَ رجاءٍ، وجبالَه وقد غدت مذابحَ تضرّعٍ وصلاة.
إنّ حضورَكم بيننا، يا قداسةَ الحبر الأعظم، هو نَسَمةُ روحٍ تُلامسُ شعبًا أضنتهُ الأيّام، وفجرٌ جديدٌ يطلعُ على وطنٍ لا يزالُ يبحثُ عن النّور. وفي خُطاكم نسمعُ صدى المسيحِ وهو يمشي على دروبنا الـمُثخنةِ بالجراح، هامسًا لنا من جديد: "لا تخافوا".
ومن رُبى بكركي، تُطلّون على شعبٍ يتألّمُ، يتوجّعُ، ينتحب، لكنّ إيمانَه الصّامدَ يجعلُه قويًّا؛ وعلى شبابٍ يتشبّثُ بمستقبله في أرضه، ينهضُ بعزيمة لا تلين، ويرفعُ إليكم توسُّلَه المتضرِّع:
تكلّموا إلينا، يا أيها الأبُ الأقدس، عن الرّجاء الذي لا يـُخزي؛ عن الرّجاءِ الذي يـَمضي متواضعًا، ثابتًا، باسلاً، يقاومُ العواصفَ الهوجاء.
وعلى صعوبة المسير، فإنّ شبابَنا يتطلّعون إلى بناء لبنانَ جديدٍ، لبنانَ يحتضنُ تعدّدَ انتماءاتِه الدينيّةِ والثقافيّة، ويُثمِّرُها في روح الأخوّةِ والوئام. يريدون وطنًا يكونُ فيه الإيمانُ قوّةً فاعلةً لا انطواءً، ويكونُ فيه التنوّعُ غِنىً لا انقسامًا، والسلامُ فيه غلبةً على البَغضاء وإخاءً مستدامًا.
لقد عرفكم العالمُ، أيها الأبُ الأقدس، بوجهِكم الوديع، وبابتسامتِكم التي تُنيرُ القلوب، وبكلمتِكم الصادقة التي تخرجُ من عمق الإيمان.
أنتم بابا القربِ من الناس، بابا الإصغاءِ والرحمة، وبابا السّلامِ الذي يذكّرُ العالمَ أنَّ اللهَ لا يتركُ شعبَه، وأنّ النورَ أقوى من الظّلمة، وأنّ صوتَ الكنيسةِ هو دوماً صوتُ الرجاءِ لا الخوف، وصوتُ السلامِ لا العنف.
 
شبابُ لبنانَ يُحبّونكم، يا قداسةَ البابا. ينتظرونكم بقلوبٍ متّقدة، تتوقُ إلى سماع كلمةِ حياةٍ من فمكم وسطَ هذه الأزمنةِ العصيبةِ التي يعيشونها. في كلماتكم يبحثونَ عن النّور الذي يُبدّدُ الظِّلال، وعن القوّةِ التي تُنعِشُ الإيمانَ بإلهٍ حاضرٍ أبدًا في مستقبلهم. يتطلّعون لأن يجدوا فيها الشجاعةَ الحقيقيّة: شجاعةَ أن يُحبّوا بعدُ، وأن يُحبّوا دائمًا، رغمَ المحنِ وخيباتِ الأمل. ويفرحون بوجودكم بينهم، لأنّهم يرون فيكم أبًا يُصغي إليهم ويُرافقُهم، وصوتًا يدعوهم إلى الثّبات في الإيمان، انتصارًا للمعنى على العبثيّة، ويدعوهم إلى التمسُّكِ بالرّجاء، انتصارًا للعزيمة على الإحباط، ويدعوهم إلى الالتزامِ بالخير، انتصارًا للسّلامِ على ثقافة الموت.
قداسةَ الحبر الأعظم،
نُعربُ لكم عن شكرنِا العميق على تكريمكم أرضَنا بحضوركم، في أوّل زيارةٍ رسميّة من حَبريّتكم المباركة. سيبقى هذا اللقاءُ الثمينُ محفورًا في ذاكرتنا الجماعيّة. شكرًا لأنّكم تنظرون إلينا لا بعين الأسى، بل بعين الثّقة. ستكونُ كلماتُكم لنا نورًا وهداية، وبركتُكم وعدَ نهضةٍ نتوقُ إليها ونتأرّقُ انتظارًا لها.
باسم مجلسِ البطاركةِ والأساقفة الكاثوليك في لبنان، وباسم شبابِ لبنان - هذا الشبابِ الجريح، لكنه صامدٌ، صلبٌ، متصدٍ، نابضٌ بالعزم - نقولُ لكم: أهلاً بكم في بيتكم، يا أيّها الأبُ الأقدس. أهلاً بكم في دار الإيمان؛ أهلاً بكم على أرض الأرز والصّليب؛ أهلا بكم في قلبِ أبنائكم الخافقِ بالإيمانِ والمحبّةِ والرّجاءِ والفرحِ والطّاقةِ والإرادة.
قداسةَ الحَبرِ الأعظم،
شكرًا لحضوركم !
شكرًا لبركتِكم !

Link Whatsapp