الاحداث- كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن :"ختم قضاء البترون آخر فصول الانتخابات البلدية. وانتخب رئيس اتحاده بعد منافسة شرسة بين رئيس بلدية كور القواتي روجيه يزبك ورئيس اتحاد البلديات ورئيس بلدية البترون مارسيلينو الحرك المدعوم من «التيار الوطني الحرّ». وانتهت النتيجة بفوز يزبك على الحرك بنتيجة 18- 9 وتربعه على عرش الاتحاد، بينما انتُخبت عضو بلدية كفرحلدا ريما فرح المدعومة من القوى السيادية نائبةً للرئيس.
أخذت الانتخابات البلدية في البترون طابعاً سياسياً. ويختلف الوضع البتروني والمسيحي في هذه الدورة البلدية عن الـ 2016، وشهدت بلديات البترون تحالفاً سياسياً بين «القوات اللبنانية» والمحامي مجد حرب و«الكتائب اللبنانية» والنائب السابق سامر سعاده. وفاز هذا التحالف في البلديات الكبرى مثل تنورين وشكّا ودوما وكفرعبيدا وشبطين وعبرين وغيرها. وانعكس هذا التحالف في انتخابات الاتحاد حيث فاز يزبك، مرشّح «القوات» والقوى السيادية، على مرشح «التيار» الحرك بنتيجة كبيرة جداً.
وإذا كان جزء من معركة البلديات والاتحاد إنمائيًا، إلا أن قضاء البترون مسيّس لأقصى حدود. وأهمية هذا الفوز ليزبك الذي عمل ليلاً ونهاراً مع ماكينة «القوات» والحلفاء، أن «القوات» وحزب والكتائب وسعاده انتصروا على باسيل في عقر داره بنتيجة ثلثي عدد البلديات، علماً أن شكا وشاتين ونيحا التي فازت بها «القوات» والحلفاء لا يحقّ لها الانتخاب بعد في الاتحاد.
لبس قضاء البترون اللباس السيادي كما كان دائماً، وأثبت مرّة أخرى خياراته إلى جانب الخط الماروني التاريخي ومع الدولة ومشروعها وضدّ سلاح الميليشيات وعلى رأسها «حزب الله». وما حصل بترونياً يأتي بعد خسارة رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل انتخابات اتحاد جزين ما يسبّب نكسة إضافية لباسيل.
تُدعّم القوى السيادية موقعها في البترون، وقد حصدت في آخر انتخابات نيابية أكثر من 70 في المئة من حجم المقترعين، وهذا الأمر يدفعها إلى تثبيت قواعدها والانطلاق إلى الأمام. من جهته، يتوجّب على باسيل إعادة قراءة الأرقام دون تعالٍ، فعندما كان العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية استفاد من النفوذ، لكن الناخب البتروني أثبت أنه يصوّت في السياسة والخدمات وخطّه واضح، وأي رمادية أو تمركز إلى جانب «حزب الله» مجدداً سيخسّران باسيل المزيد من الأصوات.
خسر باسيل معركة اتحاد البترون، ويطمح إلى الحفاظ على مقعده البتروني النيابي بعد اتجاهه للترشّح شخصياً إلى المعركة النيابية وعدم ترشيح أي بديل. وإذا كانت معركة الاتحاد قد انتهت بفوز يزبك، فهذا الأمر لا يعني نهاية المسار بل بدايته لأن التحديات التي تنتظر الاتحاد كبيرة جداً.
لا تملك بلديات البترون الموارد المالية الكبرى مثل اتحادات المتن أو كسروان أو بعبدا، لذلك ستكون أمام أزمة مالية إذا لم تسارع الدولة إلى تحويل الأموال اللازمة.
وإذا كانت الأمور التمويلية والإنمائية الأساس، إلا أنه يقع على عاتق اتحاد بلديات البترون والاتحادات الأخرى، استكمال ما انطلق في المنطقة من تنظيم التواجد السوري غير الشرعي وتطبيق التعاميم والتدابير الحازمة.
تشكّل البلديات حجر أساس في اللامركزية الإدارية الموسّعة، وضخّ دمّ جديد في اتحاد بلديات البترون عبر انتخاب يزبك يرتّب عليه وعلى القوى التي تدعمه مسؤوليات جديدة لمواكبة التطوّر الحاصل، ومعالجة الأزمات المتراكمة خصوصاً في البنى التحتية والملفات الحيوية والحياتية التي تعني كل مواطن.
كسر العرف الكوراني
وإذا كانت انتخابات البترون انتهت بفوز يزبك، فقد شهد قضاء الكورة كسراً للعرف التاريخي بمباركة الحزب «السوري القومي الاجتماعي» و«التيار الوطني الحرّ» وتيار «المرده». فالعرف ينصّ على انتخاب ماروني رئيساً للاتحاد، لكن هذه القوى ومن أجل تأمين فوزها، رشّحت أرثوذكسيًا هو رئيس بلدية أميون مالك فارس بوجه رئيس بلدية عين عكرين فؤاد خوري، فأخذت المعركة طابعاً مذهبياً، وانتهت بفوز مالك، بينما فاز ربيع الأيوبي بنيابة الرئاسة وأقصي المكوّن الماروني.
وكان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قد تدخّل من أجل الحفاظ على العرف، فبعد زيارة رئيس بلدية بزيزا وسام مسلّم على رأس وفد بكركي لشرح خطورة ما يجري، التقى البطريرك فارس في محاولة لإقناعه باتباع القاعدة التي تحفظ تمثيل الجميع وعدم أخذ المعركة إلى طابع مذهبي، لكن موقف كل من رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية ونجله النائب طوني وباسيل، صعّب مهمّة البطريرك وجعلها مستحيلة. وأتى ضرب الحضور الماروني بمباركة من يعتبران نفسيهما زعماء موارنة، وأسفرت النتيجة عن إقصاء الموارنة عن الاتحاد والذين يشكّلون أكثر من 30 بالمئة من حجم الكورة ويحرمون من مقعد نيابي.
وسيرتدّ كسر هذا العرف سلباً على باسيل وفرنجية، وسيدفع البلديات المارونية إلى اتخاذ موقف، ربما الخروج الجماعي من الاتحاد أو محاولة تشكيل اتحاد جديد، لأن ما حصل سابقة كبيرة تخلق مشكلًا مذهبيًا لم يكن موجودًا. ويُنتظر كيف ستتم معالجة هذا الخرق، وسط هجوم غير مسبوق على فرنجية وباسيل اللذين ماشيا الحزب «السوري القومي» خصوصاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأن ما فعلاه لم يقم به أي زعيم كوراني أو أي زعيم أو نائب مسيحي من قبل وذلك من أجل تحقيق الكسب الرخيص، بدل التدخّل والحفاظ على التوازنات