الاحداث - كتب أنطوان فرح في صحيقة نداء الوطن يقول:"استكمالاً للكلام الذي قاله حاكم مصرف لبنان كريم سعيد في واشنطن، جاء بيان مصرف لبنان في 30 نيسان 2025، ليثبّت الروحية التي ستتم فيها مناقشة خطة التعافي وسدّ الفجوة المالية وتوزيع المسؤوليات، وتحديد طريقة دفع الودائع.
هذه الروحية التي يعتنقها حاكم المركزي، تقوم على ركيزتين: العدالة والواقعية. ومن المستغرب، أن تنطلق بعض الأبواق، عن قصدٍ أو جهل، للاعتراض على تفسير ما يقوله سعيد، أو ما يعلنه مصرف لبنان في بيانات رسمية.
في عودة إلى بيان 30 نيسان يتبيّن أنه تضمّن الحقائق التالية:
أولاً- الأولوية في أي مقترح ستكون لإعادة الودائع الصغيرة.
ثانياً- أي حل سيحتّم تقديم "تنازلات وتضحيات اقتصادية من جميع الأطراف من دون استثناء". وهذا يعني أن كل الأطراف المعنية ستتحمّل قسماً من "الخسائر". لكن البيان تجنّب تعداد هذه الأطراف، لأسباب معروفة مجهولة.
ثالثاً- تسديد الودائع (باستثناء الصغيرة منها) سيتمّ "عبر الزمن". طبعاً هذه العبارة تثير القلق لأنها تصوّر الوضع وكأن مدة التسديد ستكون طويلة وطويلة جداً. لكن الأمر يرتبط على الأرجح بسوء اختيار العبارات باللغة، والمقصود أن التسديد سيكون عبر برنامج زمني محدّد. وأُضيفت إلى هذه الجملة عبارة "بشكل عادل، وضمن حدود الإمكانات المعقولة".
وهنا سيُترك للجهابذة الذين يطلقون أبواقهم اعتراض على أي تفسير، لكي يفسّروا ما المقصود بعبارة الإمكانات المعقولة.
رابعاً- تحقيق تعافٍ تدريجي ومستدام للاقتصاد الوطني.
خامساً- "الاستعانة بمستشارين ماليين دوليين ذوي خبرة في إدارة الأزمات المصرفية النظامية حول العالم". هذه العبارة لم ترد في البيان سوى للتأكيد أن الأزمة نظامية، أي شمولية وتطاول كل النظام المالي الخاص والعام في البلد.
ما هو ملاحظ في البيان، وعلى غرار كلمة الحاكم في واشنطن، هناك مروحة كبيرة من الأفكار والمواقف في كمية صغيرة نسبياً من الكلمات. ومن الواضح أن مصرف لبنان، بسياسته الجديدة، يريد إيصال أفكاره بوضوح إلى الرأي العام، لكنه في الوقت نفسه يراعي "المشاعر"، ويحتاط لإساءة فهم الأمور، ويحسب دائماً حساب خط الرجعة.
من يقرأ بتجرّد وعمق يستطيع أن يتعرّف على الخط الذي يتبعه حاكم مصرف لبنان. لكن من يقرأ بعواطفه وتمنياته، (wishing thinking) من البديهي أنه لن يرى الحقائق كما هي.
لكن المشكلة الحقيقية في هذا البيان، أنه ساهم في إشاعة المزيد من الغموض في شأن مشروع قانون انتظام القطاع المصرفي، أو إعادة هيكلة المصارف. إذ خلط البيان بين هذا القانون، وبين خطة التعافي الشاملة التي تتضمّن توزيع الخسائر وتسديد الودائع. كما أن مشروع قانون تنظيم المصارف موجود حالياً في المجلس النيابي.
فهل إن مصرف لبنان سيعيد صياغة مشروع أو مقترح خاص جديد سيقدمه للنقاش في الحكومة ومن ثم في المجلس النيابي؟ وما مصير المشروع القائم حالياً؟
هذا الالتباس يحتاج إلى توضيحات من قبل المركزي، لأنه إذا كانت هناك أفكار جديدة تتعلق بقانون إعادة هيكلة المصارف فهذا يحتّم إعادة سحب المشروع الموجود اليوم في لجنة المال والموازنة. وإذا كان المقصود قانون الانتظام المالي فقط، فيجب توضيح هذا الأمر من دون أي التباس.