الأحداث- كتب المحلل السياسي
لم تمرّ زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت مرور الكرام، إذ حرصت على أن تستهل تحركاتها بتوجيه رسائل سياسية واضحة، وإن أتت هذه المرة بلمسات اجتماعية لافتة.
فبدل أن تستدعي مصفّف الشعر الشهير طوني مندلق إلى مقرّ السفارة الأميركية، قصدت أوروتاغوس بنفسها صالونه في الضبية لتصفيف شعرها، في خطوة فسّرها مراقبون على أنها إشارة إلى ثقتها بسلامة التنقل في لبنان، ورسالة مضادة لخطاب التخويف الذي يروّج له “حزب الله”.
أما على الصعيد السياسي، فقد شاركت أورتاغوس في عشاء أقامه النائب راجي السعد، في وسط بيروت، وحضره عضو مجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام وعدد من السياسيين اللبنانيين. وقد بدا هذا النشاط بمثابة تكريس لفكرة أن لبنان بلد آمن، وأن أي تهديد أو تهويل لا يردع الدبلوماسية الأميركية عن التواصل المباشر مع اللبنانيين في مختلف المجالات.
ولعلّ اللافت أن هذه الجولة أتت مباشرة بعد خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، ما اعتُبر تحدياً مقصوداً، عزّزه تصريح أورواغوس، التي أكدت فيه أن “حزب الله وأمينه العام نعيم قاسم لا يمثلان اللبنانيين، بل يعكسان أجندة خارجية مرتبطة بإيران”، موجهة رسالة اطمئنان إلى اللبنانيين أنّ واشنطن “تحاول العمل مع الحكومة اللبنانية وتعزيز المؤسسات الرسمية، وخصوصاً المؤسسة العسكرية”.
وشددت على أن الولايات المتحدة “تريد ما يريده رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام”، معلنةً أن واشنطن “مستعدة لمساعدة الجيش اللبناني في وضع خطة لنزع سلاح حزب الله”. وختمت بالقول: “لا نريد أن يخضع لبنان لأي جهة، بل أن يكون سيداً، مستقلاً وقوياً”.
بهذا المزج بين الأنشطة الاجتماعية والتصريحات السياسية، رسمت أورتاغوس صورة لزيارة تحمل في طياتها أكثر من رسالة: لبنان ما زال آمناً للحوار والانفتاح، والموقف الأميركي من سلاح حزب الله لم يتبدل، وأن واشنطن حريصة على أن يكون لبنان سيداً، مستقلاً وقوياً.
لكن التساؤل يبقى مطروحاً: هل حقاً يريد الأميركيون مصلحة لبنان أولاً، أم أنّ ما يقومون به يصبّ في خانة خدمة مصالح إسرائيل وأمنها قبل أي اعتبار آخر؟