أبي المنى: همنا الاستقرار وليس لدينا أي مشروع سياسي خاص
الاحداث - شدّد شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى على وحدة الصف والموقف في مواجهة تحدّيات الوطن والمنطقة بأسرها، مؤكّداً أن "طائفة الموحّدين الدروز همّها الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وليس لها أي مشروع سياسي خاص بها في أي مكان موجودة فيه، وفي لبنان، فإننا ندعم كل ما من شأنه أن يعزّز من مكانة مؤسسات الدولة، التي تبقى هي المظلّة الوطنية الجامعة. فخطّها وطني عربي وتاريخها عروبي، ونحن ثابتون في أرضنا، وإننا كمشيخة العقل نكّمل ذاك الدور مع القيادة السياسية والنخب الاجتماعية، من خلال دور هذه الطائفة ليبقى جامعاً لاحماً، في هذا الوطن القوي بغنى تنوّعه ومميزاته الفريدة، وستبقى رسالتنا واحدة موحّدة للجمع وليس للتفرقة، مستمدّة من مسلكنا التوحيدي ونهج السلف الصالح".
كلام شيخ العقل جاء خلال جولة روحية اجتماعية قام بها في بلدة بعقلين، التقى خلالها فاعليات البلدة الروحية والدينية والاجتماعية والأهلية، رافقه فيها وفد من المشايخ وأعضاء من المجلس المذهبي والمستشارين. وزار خلالها عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب مروان حمادة، الذي استقبله بحضور جمع من المشايخ والشخصيات ومعتمد الحزب التقدمي الاشتراكي في البلدة وائل الفرّاجي وممثلين عن عدد من المؤسسات.
وبعد كلمة ترحيب من النائب حمادة بشيخ العقل، مؤكّداً "الدور الروحي والوطني الهام الذي يلعبه على مستوى الطائفة والوطن، لا سيما بعد الفراغ الذي حصل بوفاة الشيخين الجليلين أبو حسن عارف حلاوي وأبو محمد جواد ولي الدين على مستوى المنطقة"، معتبراً أن "هذا الدور مكمل لدور القيادة السياسية في المختارة لتبقى الطائفة ضمن نهجها الوحدوي والوفاقي مع الجميع".
وردّ الشيخ أبي المنى بكلمة نوّه فيها بدوره بما يقوم به النائب حمادة "الى جانب القيادة السياسية الحكيمة لوليد بك جنبلاط على مدى عشرات السنوات"، قائلاً: "عرفناه في أكثر من موقعة ومحطة قامة وطنية ثابتة ومخلصة، ودائماً في ظل تلك الحكمة والدراية التي تتميز بها ولا تزال المختارة، بخاصة في ظل الظروف الصعبة التي مرّت والراهنة".
وخلال زيارته لرجل الاعمال المهندس حسن الغصيني، بحضور رئيس اللجنة المالية في المجلس المذهبي الدكتور عماد الغصيني ورئيس بلدية بعقلين عبد الله الغصيني وشخصيات، وبعد الترحيب، شدّد شيخ العقل على "أهمية العمل المطلوب لتحصين واقع الطائفة على مختلف المستويات"، مشيراً إلى خطته بتعزيز مراكز الثقافة الروحية والتوجيهية التي افتتحت في عدد من المناطق وستستكمل في الباقي منها، "من أجل الحفاظ على الهوية الروحية وصون مستقبل اجيالنا وتراث الطائفة والتمسك بالثوابت والأساسيات". لافتاً الى مواضيع تتطلب المزيد من الجهود والعمل على مستوى الرعاية الاجتماعية والأسرية والمشاريع الاستثمارية في الاملاك الوقفية، في ظل المصاعب التي تواجه الوطن، والحاجة الى تعزيز الدور الايجابي الذي تلعبه مؤسساتنا اليوم، لكن كلّه يلزمه الأكثر".
وكذلك في زيارتيه للسيدين جميل راجح وناصر سري الدين، لفت شيخ العقل الى "دور الطائفة الجامع والوطني العربي الذي سيبقى مستمراً وبثبات على هذه الارض، التي قدّمنا لأجلها التضحيات الجسيمة، وهو دور مكمل للدور الذي تقوم به القيادة السياسية لتبقى طائفتنا لاحمة جامعة، وليس عامل تفرقة، وهذا مستمد من مسلكنا التوحيدي على تلك القاعدة التي قلناها سابقاً: المحبة المسيحية والرحمة الاسلامية والأخوة التوحيدية والانسانية".
وزار شيخ العقل والوفد المرافق الشيخ أبو سليمان سعيد سري الدين، بحضور الشيخين أبو زين الدين حسن غنام وأبو فايز أمين مكارم وجمع من المشايخ، وانتقل الجميع بعد ذلك الى منزل الشيخ حاتم ابو ضرغم، تلبية لدعوته الى لقاء ديني، بمشاركة اضافة الى شيخ العقل والمشايخ : غنام ومكارم وسري الدين: المشايخ: ابو طاهر منير بركة، ابو داوود منير القضماني، ابو حسن عادل النمر وجمع من المشايخ.
وتحدث الشيخ أبي المنى خلال اللقاء، فأكّد "ضرورة وحدة الصف والموقف وجمع الشمل، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر على لبنان والمنطقة، وكذلك التكاتف والتضامن المطلوبين حيال ذلك"، وقال: "الحكمة والتروّي والتعقّل سمات أساسية يجب التحلّي بها من الجميع، وخصوصاً أبناء العشيرة المعروفية، فما تقوم به اسرائيل من ارتكابات وفظائع بحق الشعب الفلسطيني وضد الانسانية يندّى لها الجبين ومرفوضة تماماً، وتندرج في إطار الجرائم التي تخالف القوانين والأعراف والشرع الدولية".
وختام الجولة في بعقلين، قدّم الشيخ أبي المنى والوفد المرافق التعازي بالمرحوم الشيخ أبو غسان حليم ابو حاطوم ثم بالمرحومتين ام سامر ابو حاطوم حمادة وام عمر ابو ضرغم.
وكان شيخ العقل شارك أمس في وداع الأمين العام السابق للمؤسسة الدرزية للرعاية الاجتماعية ورئيس بلدية رأس المتن السابق عصام فايز مكارم، الذي نعاه الاستاذ وليد جنبلاط وآل مكارم وعموم عائلات البلدة، في المأتم المهيب، وحضره النائب هادي أبو الحسن ممثلاً وليد جنبلاط ورئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" والحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب تيمور جنبلاط، وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي، الشيخ القاضي نعيم حسن، الشيخ أبو فايز أمين مكارم، النائب حمادة، أمين عام مؤسسة كمال جنبلاط الاجتماعية النائب السابق ايمن شقير، أعضاء من المجلس المذهبي وحشد من المشايخ والفاعليات والاهالي.
وتخلّل التشييع كلمات عدة، لكلّ من النائب أبو الحسن والوزير الحلبي والسيدين جمال وحسيب مكارم ورئيس البلدية رجا بو رسلان، وأمين عام المؤسسة الدرزية للرعاية الاجتماعية غازي جنبلاط والشيخ حسان حلاوي باسم مؤسسة المرحوم الشيخ ابو حسن عارف حلاوي.
وألقى شيخ العقل كلمة وشهادة بالراحل قائلاً: "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا". الشيخ الجليل أبو فايز أمين مكارم، المشايخُ الأجلّاءُ، أبناءَ المتن والجبل والوطن، يا أهلَ راس المتن، ويا أبناء العائلة المكارمية، يا كرام القوم، معكم ومع صلواتكم ودعائكم نودّع اليوم شيخَ الكرم والمكارم عصام مكارم، القامةَ المتنيّةَ الشامخةَ كما صنوبراتُ راس المتن، والعلمَ المعروفيَّ المرفرف فوق تلال الجبل والوطن…معكم ومعَ شهاداتِكم ومحبّتِكم نودّع الفارسَ العصاميَّ المدرّعَ بالجود والعطاء، نعم لقد مات ورحل عصام مكارم، وهذا هو القدرُ وتلك هي إرادة الله "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"، رحل عن هذه الدنيا ولكن لم يرحلْ ذكرُه الطيّبُ وصيتُه الحميد... لقد غاب وجهُ البِشر والخير ولكن بقيَ عملُ البرّ والمعروف.. ليس من قبيل الصدفة أو المجاملة أن ينعاه الزعيم الوطني وليد بك جنبلاط إلى جانب عائلته وأهالي بلدته الكرام، وهو القائدُ العارفُ بأسرار الرجال ومواقف الأبطال، وهو مَن رافقه في أيام الضِّيقِ والصعاب فعرف فيه الأريحيّةَ والالتزامَ وروحَ العطاء، وليس من غريب الأمر أن نكتبَ عنه ما كتبنا وأن يجتمع على محبته وتقديره أهلُ الفضل والوفاء، وهو الزارع بينهم وفيهم من جميل سجاياه وكرم أياديه ما يغني عن قصائد المدح وألوان الشهادات... عصام مكارم حمل ورفاقَه همَّ المؤسسة الدرزية للرعاية الاجتماعية، تأسيساً وإدارةً واحتضاناً لأبناء الطائفة حتى عرفت باسمه؛ مؤسسة عصام مكارم، إذ كان له الفضلُ الأولُ والأكبرُ في ما قدَّمته على مدى عشرات السنين من مكتبِها الكائن آنذاك في دار الطائفة، وما زلنا نذكرُه بالخير ونأمل أن يكونَ رحيلُه اليومَ حافزاً لنا لإعادة تفعيل دورِها وإحياء ذكراه. نرثيك يا أبا وائل، حيث الكلمات إشاراتُ محبةٍ واعترافٍ وافتقادٍ، وأنت مَن كنت من نخبة المجتمع، أحببت الناس وأحبُّوك، فاعترفوا لك بالفضل وافتقدوك، وها هم اليومَ يودِّعونك بحسرة ورضا وتسليم:
هذه هي سنّةُ الوجود، وتلك هي طبيعةُ الإنسان، والموحِّدون أَولى بحمل هذه العقيدةِ في قلوبِهم ومواجهة الموت بإرادة الحياة وبالرضا والتسليم والإقرار بقوله تعالى: "وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"، فالموت حقٌّ والتأثُّرُ واقعٌ، ولكنّ الروحَ خالدةٌ والعملُ محفورٌ في سجلِّ الزمن والمجتمع والذاكرة: "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ". الموتُ لا يُنهي الحياةَ، وإنَّما تَفنى به الأعمارُ والأعوامُ إنَّا ﭐعتنقنا الحقَّ حقَّاً، لم يَعُدْ يَثني الموحِّدَ في الحياةِ حِمامُ فالروحُ خالدةٌ بما كسَبَتْ ، ولا يَقوى عليها الموتُ والإعدامُ في وداعك يا أبا وائل، وأمام هذا الجَمعِ من المودِّعين والمشيِّعين نشهدُ بأنّك، وإنِ اغتربت يوماً عن أرضِك لكنَّك ما اغتربت أبداً عن هويَّتِك وهمومِ قومِك وبلادِك، بل بقيت ملتصقاً بقضايا الناس والوطن، فعرفك المجتمعُ وعرفتك المؤسساتُ الصحيةُ والاجتماعيةُ والتربوية واحداً من أُولئك الرجال المتميِّزين بطِيبِ سجاياهم وكريم أخلاقِهم وسخاء أياديهم. كم نحن بحاجة لأمثالكم، فالمجتمع لا يحيا سليماً بدون مثلِ هذه النخبة من أبنائه الحاضرين أمام مسؤولياتِهم، وبدون روح العطاء المتأصِّلة فيهم، أكان عطاءً بالمال أم بالفكر والقلب ومواقف الرجال. لقد كنَّا وإيَّاك مع القيادة الحكيمة الثابتة ومع مشايخنا الأجلَّاء الأطهار ومع أمثالك من الكبار قلباً واحداً ويداً واحدة في معركة البقاء والوجود، في زمن الدفاع والثبات، كما في زمن المصالحة وبلسمة الجراح وترسيخ قواعد العيش الواحد في جبل الشموخ والعنفوان... ومعك ومِن بعدك، وكلٌّ من موقعِه، ولكننا جميعاً من الموقعِ التوحيدي والوطني الواحد، كنَّا وسنستمرُّ في دورِنا التاريخيّ الجامع، وفي حمل الهوية الوطنية العربية الأصيلة، متمسكين بإرثِنا الإسلاميِّ التوحيديِّ الثمين، ومدافعين عن الكرامة والوجود وقضايا الأمّة ولن نبدِّلَ تبديلا، لائذين بحِمى الوطن والدولة والعيش الواحد والشراكة الوطنية، ساعين إلى نهضة المؤسسات في مواجهة التحديات والمخاطر، بالثقافة التوحيدية والرعاية الأسرية والمشاريع الاستثمارية، وهذا لَعمري ما كان الشيخ عصام مكارم يحلُمُ به ويسعى إليه، وإننا في مشيخة العقل وفي المجلس المذهبي ماضون بالعمل لصون الأمانة وتعزيز ثقة الناس بمؤسساتهم، بالرغم من محاولات التشكيك والإحباط، وسنحقّق معاً حلُمَ أبي وائل وأمثالِه بعون الله تعالى وبتعاون الخيِّرين وتضافرِ جهودِ المخلصين من أهلِنا. لروحك نسأل الرحمة والغفران وجزيل الثواب، ولعائلتك السلامةَ وطيبَ البقاء".
وبعد الشهادة امّ الشيخ أبي المنى الصلاة والى جانبه المصلّي الشيخ سليم الاحمدية، ليوارى الجثمان بعد ذلك الثرى في مدافن العائلة في البلدة.
واتصل أبي المنى بشيخ العقل في سوريا الشيخ حكمت الهجري، مطمئناً الى وضع السويداء ومعزياً بأبو غيث مرهج الجرماني وداعياً الى ضبط النفس ومواجهة الأمور بالحكمة التي يتميز بها أبي المنى.