قرار قضائي بإلزام بنك بيبلوس النبطية تسليم مودعة مبلغا من حسابها لاستكمال علاجها من السرطان
الاحداث- أصدر قاضي الامور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر قرارا قضائيا بإلزام بنك بيبلوس - فرع النبطية تسليم احدى مودعاته مبلغ 11،396،850 ليرة لبنانية فورا، لاستكمال علاجها من مرضها العضال، تحت طائلة غرامة إكراهية مقدارها مليون ليرة عن كل يوم تأخير.
وجاء في القرار:
"باسم الشعب اللبناني
إن قاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر
لدى التدقيق،
تبين أنه بتاريخ 622020 تقدمت السيدة فاطمة حطيط بواسطة وكيلها المحامي ملحم قانصو، باستدعاء عرضت فيه أن ابنها يوسف حطيط يملك حسابا لدى بنك بيبلوس ش.م.ل فرع النبطية بالليرة اللبنانية، وقد نظم وكالة خاصة لها في السفارة اللبنانية في باريس بتاريخ 2692019، وقد أجاز لها قبض حسابه وسحبه كاملا، وقد رفض المصرف تسليمها قيمة الحساب المذكور دون مبرر قانوني، وهي تعاني من مرض السرطان وتحتاج للعلاج في لبنان وترغب في استلام المبلغ لاستكمال العلاج، وطلبت إلزام المصرف بدفع قيمة الحساب المنوه عنه أعلاه بموجب قرار نافذ على أصله،
وأنه بتاريخ 1122020 تقدم المستدعى ضده ممثلا برئيس مجلس الإدارة السيد سمعان باسيل بواسطة وكيلته المحامية مايا المجذوب، بلائحة ملاحظات أدلى فيها بما خلاصته:
- أنه لا يمانع تسليم المستدعية قيمة الحساب العائد لموكلها ولكنه طلب إضافة بعض الصلاحيات على الوكالة الموجودة معها كي تتمكن من توقيع بعض المستندات بالنيابة عن العميل وفقا للتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان في هذا المجال، ووفقا لأحكام القانون رقم 552016،
- إن السبب الذي تستند اليه المستدعية لا يستتبع توافر عنصر العجلة والخطر الداهم والمحدق والأكيد،
- إن الطلب مقدم من المستدعية بصفتها الشخصية فيكون مقدما من غير ذي صفة وليس بوكالتها عن ابنها صاحب الحساب،
- لأن البت بطلب المستدعية من شأنه التعرض لأصل الحق،
وطلبت رد الإستدعاء شكلا لعدم صفة المستدعية ولعدم جواز البت به بموجب أمر على عريضة ولعدم اختصاص قضاء العجلة لعدم توافر عنصر العجلة،
حيث، ومن نحو أول، فإن الوكالة التي تحوزها المستدعية من ولدها يوسف يعقوب حطيط والمنظمة في السفارة اللبنانية في فرنسا بتاريخ 2692019، أعطتها حق التصرف المطلق والكامل بالحساب المصرفي موضوع الملف مع حق الإيداع والسحب، فتكون صاحبة صفة ظاهرة للتقدم بالطلب الراهن، ويرد الدفع بانتفاء الصفة،
حيث، ومن نحو ثان، تجيز المادة 579 أ.م.م لقاضي الأمور المستعجلة اتخاذ التدابير المستعجلة في المواد المدنية والتجارية دون التعرض لأصل الحق،
وحيث إن الشرط الأساسي لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة هو توافر عنصر العجلة الملحة والضرورة القصوى والإستعجال يستمد من طبيعة الحق المراد حمايته والظروف المحيطة به والتي تهدده وعلى القاضي أن يقدر وجوده في الحالة المطروحة عليه، وهذه الضرورة يجب أن تبرر اتخاذ القرار بصورة غير وجاهية حتى لا يفقد القرار فعاليته، في مثل الحالة الراهنة،
وحيث إن المستدعية بررت طلبها الرامي الى سحب المال من حساب موكلها لدى بنك بيبلوس ش.م.ل فرع النبطية بأنها تعاني من مرض السرطان وتحتاج الى علاج شعاعي، مبرزة تقريرا طبيا باللغة الفرنسية يثبت ذلك وموقعا من طبيب مختص، وهو ما اعتبره المصرف سببا واهيا وتافها وغير ثابت،
وحيث إنه وفقا لظاهر المستندات والتقرير المبرز باللغة الفرنسية، وهو واضح وصريح لناحية إصابة المستدعية بمرض السرطان في الثدي وحاجتها الى العلاج السنوي، فترد إدلاءات المستدعى ضده المخالفة،
وحيث إن الحق في الصحة والحصول على الطبابة هو حق من الحقوق المنصوص عنها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 ومنصوص عنه في العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية للعام 1966 والذي انضم اليه لبنان بتاريخ 3111973 وهذا الحق يشمل الحق في الوصول الى المرافق والسلع والخدمات الطبية،
وحيث إن أي فعل أو امتناع عن فعل يحرم إنسانا بشكل مباشر أو غير مباشر من الحصول على علاجه الطبي، يعتبر من قبيل الفعل غير المشروع الذي يعطل تطبيق الحق المذكور ويؤثر على حق الإنسان في الحياة، وهو الحق الذي لا يدانيه أي حق آخر في أهميته، ولا يمكن السماح بالمساس به، لما في ذلك من خروج على القواعد القانونية والمواثيق الدولية والحس الإنساني السليم،
وحيث إن النصوص التي تذرع بها المستدعى ضده للامتناع عن تسليم المستدعية المال الموجود في حساب موكلها أي ابنها، لا تبرر هذا الإمتناع، لأن بإمكان المستدعية التوقيع على أي أوراق بوكالتها عن ابنها التي أتت مطلقة لناحية التصرف بالمبلغ وسحبه دون أي قيد أو شرط، ولأنه لا وجود لنص قانوني يوجب وجود نص خاص في الوكالة يجيز صلاحية التوقيع على الأوراق التي يطلبها المصرف لا سيما أن وكالة المستدعية أعطتها حق التوقيع "على جميع الأوراق المصرفية"، فتكون إدلاءات المستدعى ضده مخالفة لأحكام الوكالة المنصوص عنها في قانون الموجبات والعقود اللبناني، ومستوجبة للاهمال،
وحيث إن النصوص التي استغاث بها المستدعى ضده لم تسعفه لنيل مبتغاه إذ أنه لا وجود فيها لأي نص خاص أدلى بوجوده كما أنه بإمكان المستدعية التصريح بوكالتها عن سحب الحساب بكل ما يلزم من معلومات، وعلى كل حال فإن الحاجة لتعديل المعلومات حول العميل لا يمكنها أن تعطل مفعول العقد الحاصل بين الطرفين وموجبات المصرف تجاه عميله، لا سيما وأن المصرف المستدعى ضده لم يثبت أن الأموال الموجودة في الحساب والمطلوب سحبها مصابة بشبهة التبييض أو الإرهاب،
وحيث يغدو امتناع المصرف المستدعى ضده عن تسليم المستدعية المبلغ العائد لابنها وموكلها يوسف حطيط غير مبرر بأي سند قانوني مشروع وهذا الإمتناع يمنعها من تلقي علاجها من مرض السرطان المصابة به، وهو الحق الأجدر بالحماية لهذه الناحية من حق المصرف بل من أي حق آخر لأنه يتعلق بحق المستدعية في الحياة وفي الوجود ككيان إنساني يستحق الرعاية وبأموالها الخاصة،
وحيث إن العجلة الناجمة عن الوضع المبسوط أعلاه هي عجلة ماسة ومحدقة تحتاج لاتخاذ قرار مباغت دون اتباع الأصول النزاعية بسبب طبيعة الحق المراد حمايته وبسبب حاجة المستدعية للعلاج من المرض العضال، وأي عجلة ماسة أكثر جدارة من تلك العجلة بالتوافر؟
وحيث إن هذه المحكمة ترى توافر عنصر العجلة الماسة في وضع المستدعية التي توجب إجابة طلبها وإلزام المستدعى ضده بتسليمها المبلغ الموجود في حساب ولدها فورا، ولا يشكل هذا التدبير تعرضا لأصل الحق في ظل عدم ثبوت صحة إدلاءات المستدعى ضده في إطار الملف الراهن،
وحيث إن المصرف المستدعى ضده عبر صراحة عن عدم ممانعته تسليم المستدعية المبلغ ولكن ضمن شروط لا أساس قانونيا لها،