أقلام حرة

من قتل نصرالله؟
ماذا فعل المخبر - القاتل للأمين العام ل"حزب الله"؟ وكيف نجح الموساد بتجنيده؟

الاحداث ـ كتب سمير سكاف 

من هو قاتل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله؟ من هو الشخص، الرجل (أو المرأة) الذي تسبب بمقتله، وبإعطاء الخبر الأكيد للموساد عن مكان تواجد نصرالله لحظة استهدافه؟! ومهم جداً السؤال كيف تمّ نقل الخبر؟ وبأي وسيلة؟!

من المستحيل اغتيال شخصية "أمنية"، في محيطها أصحاب خبرة هائلة في وسائل الحماية كمحيط السيد حسن نصرالله، بفعل التكنولوجيا وحدها، ومن دون العامل البشري! ويستطيع أي خبير في أي مخابرات محلية أو دولية تأكيد ذلك!

إذن هناك مخبر قاتل أعطى المعلومة للموساد، الذي نقل المعلومة الى قيادات سياسية، التي أعطت الأمر بتنفيذ المهمة للقيادة العسكرية، والتي بدورها أعطت الأمر لسرب طائرات ال F15 لرمي حوالى 80 قنبلة من نوع MK -84 الأميركية الصنع والتي تزن 925 كغ حوالى نصفها من المواد المتفجرة! (وهذه القنبلة "زهيدة" الثمن، بسعر 14.000 دولار للقذيفة الواحدة!)

وفي عملية استقصاء "ذهنية" يمكن حصر هوية القاتل بعدد صغير جداً لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة!

وفي الإشارة الى رواية جريدة الباريزيان الفرنسية، والتي تحدثت عن عميل إيراني نقل الخبر الى الاسرائيليين، فإن هذا الخبر يحتمل أن يكون صحيحاً، ولكن بدرجة أكبر قد يكون لإشاحة النظر عن المخبر الحقيقي، اللبناني الجنسية على الأرجح!

ما كان يهم اسرائيل في خبر العميل المخبر هو تحديد مكان تواجد السيد وزمان الاجتماع الذي يشارك به ومدته. وليس تفاصيل الغرفة وغيرها من المعلومات، ولا حتى أسماء المشاركين الآخرين... لأن نوع وحجم القذائف الصاروخية التي كان يمكن اطلاقها، وقد أطلقها الاسرائيليون بالفعل، كفيلة أن أحداً لا يمكنه الخروج حياً من موقع الضربة!

من يكون هذا المخبر القاتل؟

إنه شخص إما مقرب من السيد حسن نصرالله، من الدائرة الضيقة، وإما في موقع قيادي هام أو قريب منه!

إنه شخص قادر على الحصول على المعلومات الدقيقة، وعلى جدول مواعيد وأماكن تواجد إما السيد حسن نصرالله، و/أو على جدول مواعيد واجتماعات وأماكن تواجد قيادات الحزب العسكرية والأمنية، بمعزل عن الشخصيات "السياسية البحتة"! فالأرجح في تحديده إذن أن يكون رجلاً أمنياً شيعياً لبنانياً في الحزب!

طبعاً، الاختراق الأمني لحزب الله هو اختراق كبير بمئات الأشخاص جمعوا ويجمعون المعلومات عن حزب الله ومراكزه عبر عشرات السنين، منذ تأسيس حزب الله في العام 1982. ونجحوا مؤخراً بترجمتها بسلسلة الاغتيالات وبعمليات هائلة كالبايجرز واللاسلكي وبتحديد بنك أهداف دقيقة جداً...

ولكن في أعلى الهرم، هناك شخص واحد على الأقل، وهو المصدر الأهم بين كل المصادر الأخرى في هذا التوقيت!

وقد يكون المخبر - القاتل، هو مخبر قائد، من بيئة الحزب. إنه شخص يستطيع التواجد في القيادة المركزية لحزب الله، كما يستطيع التواصل مع الموساد الاسرائيلي من دون أن تحوم الشبهات حومه! 

إنه مسؤول يستطيع على الأرجح أن يغيب عن مركز القيادة المركزية للحزب من دون إثارة الشكوك. لا بل هو شخص يمكن أيضاً أن يكون قد تعرض لعملية اغتيال "لم تنجح" (طبعاً)، وقد تنجح لاحقاً لإخفاء الأدلة!

من الأرجح أنه إما شخص فوق الرقابة وإما أنه يستطيع خرق الرقابة عبر المعلوماتية! والأهم أنه ما يزال حياً... حتى الآن!

ما هو دافع المخبر - القاتل لقتل السيد حسن نصرالله؟

أول وأبسط الدوافع في زمن وظروف لبنان هو المال! ففي زمن الكوارث المالية في لبنان ينطلق الإغراء المالي من الضيقة المالية الى النهم والشجع والى حب الرفاهية..!

ولكن هناك دافع آخر، وهو أنه قد يكون المخبر ضحية ابتزار ما، "جنسي" مثلاً، يخاف من أن يتسبب له بفضيحة ما! وهذه فرضية، كغيرها.

أو أن يكون المخبر شخصية عسكرية سبق وتعاملت مع اسرائيل في زمن احتلالها للبنان ودخلت في الاطار التنظيمي لحزب الله وتدرجت فيه حتى وصلت الى مراكز قيادية هامة!

ومع ذلك، من المستبعد أن يكون هذا المخبر - القاتل "ايلي كوهين" جديد! ومن المستبعد، وليس مستحيلاً، أن يكون إيرانياً متواجداً في إيران وسوريا، أو أن يكون كادراً إيرانياً في لبنان. ومن الصعب أن يكون سورياً، عضواً في المخابرات السورية، لأنه من المستبعد إدخاله الى الحلقة الضيقة في قيادة الحزب. 

ما يعني أن المخبر - القاتل هو إما عضو في قيادة الأركان أو قيادي في قيادة العمليات أو قيادي في جهاز مخابرات الحزب أو عضو في القيادة المركزية من أعضاء الحلقة المقربة، "العائلية"... أو قريب منهم!

السيناريوهات كثيرة قد تقترب أو تبتعد عن الحقيقة. ولكن هذا المستوى من المعلومات هو المطلوب. وهو الذي حصل عليه الموساد، الذي نجح الإسرائيليون بسببه باغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

والأخطر الآن هو أن هذا الاختراق ما زال قائماً وأن عنصر الثقة بين القيادات الأمنية في حزب الله أصبح مهزوزاً، وأن معظم القيادات التي ما تزال حية هي مستهدفة، وهي بخطر!

*كاتب ومحلل سياسي