أقلام حرة

قرار إنهاء الحرب الباردة اتُخذ… من المستفيد الأكبر من الحرب الفلسطينية - الاسرائيلية؟

الاحداث - كتب ايلي صعب 

كثرت التحاليل في الآونة الأخيرة عن أسباب إندلاع حرب حماس وفلسطين المحتلة ومن الصعب على أي شخص أن يفهم جرأة حماس في تنفيذ هجومها الفجائي. البعض  يقول ان اسرائيل كانت تعلم، والبعض الاخر يقول أن اسرائيل تفاجأت. الأهم معرفته من كل ذلك، ماذا سيتحتم من نتائج بسبب هذا الهجوم؟ وهل كان خدمة عوضًا عن صفعة للصهاينة؟

فلنعود قليلاً بالتاريخ وننظر الى نتائج بعض الحروب البارزة التي وقعت بين الطرفين. في بدايات الاحتلال، أصدرت الامم المتحدة القرار ١٨١ الذي قسم فلسطين إلى دولتين: دولة للفلسطينيين ودولة لليهود. استولى اليهود على غالبية الساحل والجزء الشمالي الشرقي من الجليل على الحدود مع هضبة الجولان بجانب نهر الأردن، والجزء الجنوبي من البلاد مما يتيح لهم الوصول إلى البحر الأحمر، بينما لم يتبق للسكان الفلسطينيين سوى أجزاء من الأراضي الخصبة في الشمال (الجليل)، وكان لديهم إمكانية الوصول إلى البحر الميت، وكانت مدينة القدس ستدار من قبل قوة دولية. لم يقبل العرب الخطة، ولكن للمرة الأولى قبل اليهود بشيء. ومع رفض خطة التقسيم، وقعت حرب النكبة التي نتجت هزيمة القوات العربية في فلسطين بالكامل، نجاح اليهود في الاستيلاء على أراضٍ أكثر مما أعطتهم الأمم المتحدة وقيام دولة إسرائيلية وعدم إنشاء دولة فلسطينية بعد انتهاء الاستعمار البريطاني. أما حرب النكسة، عندما اتخذ عبد الناصر القرار بإغلاق مضيق تيران المنفذ الوحيد لإسرائيل إلى البحر الأحمر شن الإسرائيليون هجوماً، فاستولوا على غزة ثم سيناء، وفي الشرق فعلوا الشيء نفسه، وهاجموا القوات الأردنية في الضفة الغربية، وهاجموا أيضًا القواعد الجوية السورية ومراكزها العسكرية واستولوا على مرتفعات الجولان في غضون ساعات وفي هذه العملية، خلال 6 أيام، تضاعفت مساحة إسرائيل.

أما ومع تراجع الدعم الاميركي المادي لاسرائيل نتيجة التركيز على الحرب الاوكرانية، ومع تفاقم الانقسام والاحتجاجات الداخلية، لم تكن عملية "الطوفان الأقصى“ مضرّة بشكل كلي لإسرائيل. ففي البداية، جمعت الضربة التي تعرضت لها إسرائيل التعاطف والاستنكار ودعم العالم الغربي لها، ثم اتفقوا الاسرائيليون على وحدة الموقف، وفي الوقت نفسه نجحوا بحجة ”الدفاع عن النفس“ بتهجير أكثر من نصف الفلسطينيين المقيمين بغزة والسيطرة على مساحة أكبر. وفي المقابل، كانت الفصائل الفلسطينية  تضرب ضربتها الأخيرة قبل الاستسلام للواقع المرير بتطبيع الدول العربية كافة مع الصهاينة، وبالتالي إنتصار إسرائيل بحرب باردة استمرت أكثر من نصف قرن.

إن الواقع المؤلم والظالم اليوم يفرض على المملكة العربية السعودية تعليق مفاوضات السلام التي كانت قد بدأت بوساطة أميركية، ولكن عندما تُهَجّر فلسطين من شعبها، وتُفرض خريطة جديدة للشرق الاوسط بعد كل هذه السنين، هل ستفضل المملكة استمرار النزاع وتزعزع الاستقرار في المملكة مع رؤية ٢٠٣٠؟ وإن عدنا الى زمن كانت فيه إيران بكامل جبروتها بقيادة الخامنئي، هل كانت ستحاول كما تفعل اليوم بتهدئة الامور بإيفادها وزير خارجيتها الى المنطقة عوضًا عن تصعيدها؟


=====