أقلام حرة

هل العَلْمَنَة حلّ ممكن؟؟

الاحداث- كتبت جويل شدرواي

ستبقى حروب "الهويّات" الدّينيّة والطّائفيّة والمذهبيّة أعنف وأقسى وأعقد ما تواجهُهُ البيئاتُ المختلطة، وسيبقى صراعُها مدمّرًا لاغيًا لأيّ تقدّم أو ازدهار أو استقرار أو أمان في المجتمعات المتصارعة.

استطاعت العَلمانيّة النّاشئة في أوروپا حلّ هذه المعضلة، وخلقت استقرارًا وأمانًا جعلا المجتمعات الأوروپية  تقفز قفزات كبيرة جدًّا نحو التقدّم والازدهار بعد قرون من الظلام والظلم.
فما هي هذه النّظريّة؟ ولماذا يصعب علينا تبنّيها؟
في هذه المقالة سأحاول الإجابة على هٰذين السّؤالين من خلال عرض ما توصّلتُ إليه من خلاصات.

العَلمانيّة (بفتح العين نسبة للعالَم الأرضيّ) هي نظام سياسيّ يفصل الدّين عن الدّولة، باعتبار أنّ غاية الدّين (حيث نشأت العَلمانيّة) هي سعادة الإنسان في الآخرة، أي في الملكوت السّماوي، في حين أن غايةَ الدّولة هي إسعاد "مواطنيها" في الحياة الدنيا، أي في العالم الأرضيّ. ومن خلال هذا الفصل يتساوى النّاس، فتصبح العلاقة بين الدّولة ورعاياها علاقة مع مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، في حين أن العلاقة بين الدّولة الدّينيّة والرعايا تكون إمّا مع مؤمنين صالحين هم أتباع دين الدّولة، أو كفّار ضالّين بالضرورة هم المؤمنون بغير دين الحاكم المبارَك المؤيّد بالرّوح القدس، والقابض على كامل الحقيقة المطلقة.

ظهرت العَلمانيّة في أوروپا المسيحيّة كردّ على سيطرة الكنيسة على الحياة العامّة ونظام الحكم، ليتحوّل معها التشريع من امتياز كهنوتيّ - إلٰهيّ، إلى معطى إنسانيّ. فصار القانون وهو "السيّدُ الذي لا عبيد له" صناعةً بشريّةً (يُسَنُّ بالنيابة عن النّاخبين)، بعد أن كان لمئات من السّنين صناعةً كنسيّةً يُفرضُ بالنّيابة عن الله..وصار الصّالحُ العام هو صالح النّاخبين بالضّرورة، بعد أن كان صالحَ الكنيسة المشرِّعة بالوكالة عن الرّبّ، وقد استحوذَت على توكيل حصريّ بهذا الخصوص يُعَدُّ امتيازًا لها وحدها دون سواها.

تتوافق العَلمانيّةُ توافقًا تامًّا مع شرعة حقوق الإنسان بخاصة مع البنود 1- 2- 3- 4- 5- 7- 8- 10- 12- 16- 18- 19- 21- 29 أو قل إن هذه البنود هي صنيعة العَلمانيّة…
ويدرك الكثيرون منّا حقيقة هذا الأمر، لذلك عَلَت أصواتٌ كثيرة مطالِبة باعتماد العَلمانيّة نظام حكم. فلماذا لم يتحقّق الهدف؟؟

قبل الإجابة لا بدّ من إيضاحات.

أ- الدّين ليس أمرًا طارئًا أو عارضًا في حياة النّاس، هو أحد أبرز الروافد المشكّلة لشخصيّة المجتمع وعقل الجماعة، إذ"يتشكّل عقل الجماعة من مجموع العادات والتقاليد التي درج عليها المجتمع وعلى رأسها الدّين" بحسب هيجل. 
وإذا تعمّقنا أكثر بمقولة هيجل يمكننا صياغتها بالشكل التالي "يتشكّل عقل الجماعة بشكل أساسيّ من مجموع التعاليم الدينيّة" ذلك أن الدّين هو أحد أهم المكوّنات الرئيسيّة لما يعرف بالعادات والتقاليد… 

ب- التعاليم الدّينية بالنسبة للمؤمنين بها، هي تعاليم إلٰهية، وأي خروج عنها حكمه نار جهنّم، لأنّه خروج عن الدين وعن طاعة الإلٰه.

ج- كل كتاب مقدّس هو حقيقة مطلقة بالنسبة لأتباعه المؤمنين به.

د- للنّصوص الدّينيّة تفاسير، وعندما يصبح التّفسير شائعًا يصبح له قوّة النص، وكلّ تفسير جديد آت من خارج السّياقات التاريخيّة المعروفة أو صادر عن جهة لا صفة دينيّة رسميّة لها، لا يُعْتَدُّ به، حتى وإن كان تفسيرًا صائبًا خيّرًا. وكل اجتهاد صادر عن شخصيّة لا عدد كبيرًا من الأتباع لديها يبقى مجرّد رأي لا يعوّل عليه، فنحن في صدد مناقشة الأثر المتروك في عقول وفي نفوس الأكثريّة المؤمنة، ولا معنى لأي نقاش في تفسير لا يلتزم به المؤمنون.

ه- اثناء قراءتي للنصوص الإسلاميّة اعتمدت التّفاسير بحسب المنظور السّنّيّ لسببين اثنين:
١- الاجتهادات الشيعيّة كما يقول السّيّد كمال الحيدريّ تتراوح من "أقصى اليمين إلى أقصى اليسار" لسبب معروف وهو أن المذهب الشّيعيّ قائم على الاجتهاد والتعدّد، فيصعب والحالة هذه الأخذ بكل ما أورده الفقهاء والمجتهدون والمفسّرون.
٢- إن دراسة الظواهر الاجتماعيّة تتناول الشّريحة الأكبر عددًا، وغنيّ عن القول أن الأكثريّة في العالمين العربيّ والإسلاميّ هي من أتباع المذهب السّنّيّ.

في كلّ مرّة يدور فيها نقاش حول العَلمانيّة يأتيني جواب قائل بإمكانيّة بلوغ الهدف وتحقيق العلمنة في المنطقة العربيّة تمامًا مثلما حصل في أوروپا المسيحيّة. 
فهل الأمر ممكن؟ هذا ما سأحاول الإجابة عليه.

المقارنة لا تصحّ إطلاقًا بين التّجربتين، فالمسيحيّة دين علمانيّ بحسب النّصوص الإنجيليّة الخالية من التشريع الربّاني، وعندما فرض الحكمُ الثيوقراطي نفسَه على الأوروپيين تصرّفَ خلافًا للتعليم، لذلك كان تجاوزه من قبل المؤمنين المسيحيّين (وأشدّد على كلمة المؤمنين) ممكنًا، فالحكم بصيغته الكنسية افتئات على الدّين، واعتداء على المنهج اليسوعيّ، فالنصّ المقدّس يعلن صراحة:
١- "اعطوا ما لقيصر لقيصر وما للّه للّه" إنجيل مرقس 12: 17
٢- "مملكتي ليست من هذا العالم" إنجيل يوحنّا 18: 36
٣- "وقال له واحد من الجمع: يا معلّم، قل لأخي أن يقاسمني الميراث. فقال له: يا إنسان، من أقامني عليكما قاضيًا أو مقسّمًا؟" إنجيل لوقا 12: 13-14 وسأتوقّف قليلًا عند هذه الآية التي تعتبر الأهم والأكثر دقّة ودلالة وصراحة ووضوحًا.
رجل يخاطب يسوع، يطلب إليه التدخّل لدى أخيه ليتقاسما الميراث، فيجيبه يسوع الربّ الإلٰه المتجسّد بحسب إيمان المسيحيّين، "من أقامني عليكما قاضيًا أو مقسّمًا".. الإله نفسه يرفض أن يدخل في عمليّة تشريع متعلّقة بأحوال الناس الشّخصيّة كمسألة الميراث، معلنًا أنه ليس قاضيًا يقسّم إرثًا أو يحدّد حصصًا للنّاس. فهل من مثال وتعليم أوضح من ذلك؟؟؟ 
المسيحيّة في جوهرها دين عَلمانيّ، لا مشكلة لأتباعه مع نظام مدنيّ، فلا شرائع سماويّة في نصوصهم الدّينيّة تمنعهم من الاحتكام إلى قانون وضعيّ، أو تَحُول دون عيشهم في ظلّ حكم يفصل الدّين عن الدّولة، بل على العكس من ذلك، فإلٰههم يدعو إلى هكذا حكم. لذلك استطاع العَلمانيّون الأوروپيون إحداث التّحوّل واستبدال حكم الإكليروس بحكم يفصل بين الدّين والدّولة..

وإن موضوع الحلّ والرّبط الوارد في إنجيل متّى 18: 17,18 "كلّ ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وكلّ ما تحلّونه على الأرض يكون محلولًا في السّماء" إن الرّبط والحلّ هنا متعلّقان بغفران الخطايا "وتأديب أعضاء الكنيسة"  كما ذكر القدّيس أغوسطينوس..

أمّا في الجانب الإسلاميّ، فالموقف من العَلمانيّة معروف، وقد عبّر عنه كثيرون، ذلك أن الإسلام هو دين ودولة، وكل مطالبة بعلمنة هي مساس بجوهر الدّين، فها هو الدكتور ياسر برهامي يرى أن آية "ما لقيصر لقيصر وما للّه للّه، تخالف نصوص القرآن صراحة بقول الله (قل إن الأمر كلّه للّه)"..
الإسلام دينٌ ودنيا، سياسةٌ واجتماع واقتصاد. هو ليس مجموعة عبادات وحجّ وصلاة وصوم وزكاة وآخرة فقط، لكنّه إضافة إلى ذلك هو نظام إلٰهي "صالح لكلّ زمان ومكان" بحسب المؤمنين به، وتشريعات وقوانين وعقوبات ومعاملات وعقود وزواج وطلاق وإرث… إلخ…

المسيحيّة دين فرديّ قائم على علاقة عموديّة بين الإنسان وخالقه، والله الرّبّ يرفض التدخّل بالإرث والقسمة والمعاملات والعقود بين الناس..
الإسلام ليس علاقة فرديّة بين الإنسان وربّه فقط، لكنّه أيضًا نظام أفقيّ يحدّد للمؤمن طريقة عيشه وكيفيّتها ونظام حكمه  وحدود الحلال والحرام في حربه وسلمه ومأكله وملبسه وتجارته وأعماله وأحواله الشّخصيّة من زواج وإرث وطلاق.. إلخ. وفيه حقوق وموجبات وعقود وعقوبات… إلخ…   
المسلم إنسان مؤمن يخاف ربّه ويأبى إغضابه ويخشى عقابه فيعمل بحسب وصاياه، ومهمّته في الحياة هي أن يلتزم الحدود التي وردت في كتاب الله، وأن ينفّذ ما كُتِب فيه، فكيف يمكن له أن يتخلّى عن إيمانه ويعصى تعليم ربّه ويعمل بغير ما جاء في كتابه المقدّس؟؟؟…
ومن موقع الدّرر السّنّيّة، الموسوعة العقديّة، المبحث الثاني: شِركُ التّشريع والحكم بغير ما أنزل الله، نقرأ:

"التّشريع والتّحليل والتّحريم: من خصائص الله تعالى، فهو حقّ خالص للّه وحده لا شريك له، فالحلال ما أحلّه الله ورسولُه ص، والحرام ما حرّمه الله ورسولُه ص، والدّين ما شرعه الله ورسولُه ص، فمن شرع من دون الله، أو ألزم الناس بغير شرع الله، فقد نازع اللهَ فيما اختصّ به سبحانه وتعالى، وتعدّى على حق من حقوقه، ورفَضَ شريعةَ الله، فهذا العمل شِرك بالله تعالى، وصاحبه مشركٌ ضالّ ضلالًا بعيدًا."

جاء في سورة يوسف 40:
"إِنِ الحُكمُ إلا لله أمَرَ ألا تعبدوا إلا إيّاه ذلك الدّين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون"
"في تفسير البغويّ: (إِنِ الحكمُ) ما القضاء والأمر والنّهي (الا لله).
وقال ابن كثير: (أخبرهم أن الحكمَ والتصرّفَ والمشيئةَ والمُلك: كلّه للّه".
وقال الشّنقيطيّ: (دلّ القرآن في آيات كثيرة على أنّه لا حكم لغير الله، وأنّ اتّباع تشريع غيره كفرٌ به)."
وجاء في القرآن الكريم:
- "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" المائدة 44
-  "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظّالمون" المائدة 45
-  "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون" المائدة 47
-  "أفَحُكْم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون" المائدة 50
الحكم بغير ما أنزل الله يعتبر بالنّسبة للمؤمن كبيرةً من الكبائر ومعصيةً وضلالًا بعيدًا وكفرًا أكيدًا، فكيف نطلب إليه أن يتبنّى نظامًا عَلمانيًّا يحكمُ بموجب قوانين وضعيّة تقرّها مجالسُ نيابيّة، وقد تخالف (هذه القوانين ) أحكامَ الشّريعة الإلٰهيّة…

يطرح العَلمانيّون نظريات لتمرير العَلمنة، كمثل تحويل الإسلام إلى دين فرديّ قائم على العبادات فقط، وحصر العلاقة بين المسلم وربّه ببعدها العموديّ، من خلال استبعاد الآيات التي تتناول موضوعات تشريعيّة…
على هذا الطّرح أجيب:
يستحيل حصول هذا الأمر، وإن جرى حدوثه في مكان ما، فسيحدث عنوة من قبل السّلطة الحاكمة، لتفرض على الناس إيمانًا مغايرًا لإيمانهم، ودينًا مختلفًا عن دينهم، ونهاية هذه التّجربة لن تكون سوى الفشل.
(أَفَتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) البقرة 85.
وما هو رأي ابن عثيمين (أحد العلماء المسلمين المعروفين) في هذا الطّرح؟
يقول ابن عثيمين:
" وهؤلاء المحكّمون للقوانين.. استبدلوا الدّين بهذا القانون، وجعلوا هذا القانون يحلّ محلّ شريعة الله، وهذا كفرٌ، حتى لو صلّوا وصاموا وتصدّقوا وحجّوا… فلا تستغرب إذا قلنا: إنّ من استبدل شريعةَ الله بغيرها من القوانين فإنّه يكفر لو صام وصلّى، لأن الكفر ببعض الكتاب، كفرٌ بالكتاب كلّه، فالشّرع لا يتبعّض، إمّا تؤمن به جميعًا، وإمّا أن تكفر به جميعًا، وإذا آمنت ببعض وكفرت ببعض، فأنت كافر بالجميع، لأن حالك تقول:
إنّك لا تؤمن إلا بما لا يخالف هواك، وأمّا ما خالف هواك فلا تؤمن به، هذا هو الكفر. فأنت بذلك اتّبعت الهوى، واتّخذت هواك إلٰهًا من دون الله".

ليست الغاية هي إقامة نظام ما، الغاية هي استمرار النّظام.. قد يُفرَضُ نظام بالقوّة، لكنّ مصيره هو السقوط الأكيد…
الدّين -أكرّر- ليس أمرًا عارضًا أو طارئًا، فمثال تركيا والاتّحاد السوڤياتيّ ماثل أمامنا، بعد سبعين عامًا من حكم يعادي إيمان الناس، سقط الحكم وازدهر دور الكنيسة في روسيا، وانتعشت المساجد في الجمهوريّات الإسلاميّة…

إن رفض المؤسسات الدّينيّة المسيحّية للنّظام العَلمانيّ أو ممانعتها لقيام هذا النّظام هي ممانعة سلطويّة، سياسيّة، ذلك أن  العلمنة تنزع من هذه المؤسسات سلطانًا ليس لها بالأصل؛ وتَعتبرُ الكنيسةُ أن ثمّة امتيازات هي لها ستحرمها العلمنة إيّاها، كالتّدخّل في شؤون الأحوال الشخصيّة، والتّدخّل في أمور القيادة السياسيّة والنّظام السّياسيّ. الأمر ليس هكذا بالنّسبة للمؤسسات الدّينيّة الإسلاميّة، بالنسبة لهذه الأخيرة فإن العلمنة هي اعتداء على الدّين نفسه، على الإسلام ورسوله، واعتداء على كتاب الله ومشيئته  وتعليمه، اعتداء على النّظام الإلٰهيّ، وشِركٌ بالله من خلال التدخّل في خاصّية التّشريع التي هي من حقّه وحده دون شريك..
لدى المسلمين، العلمنة ليست اعتداءً على امتيازات معطاة لرجال الدّين، قد يحدث أن تقضم بعض هيبة أو بعض صلاحيّات أو بعض فاعليّة أو تأثير أو حضور سياسيّ للمؤسسة الاسلاميّة، لكنّ المشكلة ليست في هذا الأمر، المشكلة أن السلطة الزمنيّة الدّولتيّة الممنوحة للمؤسسة الاسلاميّة مستمدّة من النصّ القرآني نفسه، فهي الجهة المخوّلة تطبيق الشّريعة الإلٰهية..
لذلك لا يمكن المقارنة بين الرّفضين.

إن السلطان الزّمنيّ الممنوح للكنيسة الكاثوليكيّة، منحته لنفسها بموجب رؤية فلسفيّة  وضعها أحد آباء الكنيسة وهو القدّيس أغوسطينوس، انطلاقًا من مبدأ الصّراع بين مملكة الله ومملكة الشّيطان، لكنّ هذا السّلطان ليس سلطانًا صادرًا عن المسيح بل على العكس من ذلك فالمسيح رفض أن يكون للمؤسسة الدّينيّة دورٌ زمنيٌّ.

اذا كان النّظام الدّينيّ في أوروپا المسيحيّة من صناعةِ رجال الكنيسة، فالنّظام الإسلاميّ ليس كذلك. 
بحسب المؤمنين به فإنّ النّظام الإسلامي صناعة الٰهيّة، نصّها الله في كتابه "الصّالح لكلّ زمان ومكان"، والمتضمّن القانون الأكمل  والأعدل على الإطلاق، ومهمّة المؤسسة الدّينيّة مقتصرة على تسيير هذا النّظام  وتشغيله لا على إنشائه وإيجاده وتكوينه…

ولأن الأمر كذلك تصبح العَلمانيّة في البيئة الإسلاميّة خروجًا على التعليم وتمرّدًا على الوصايا ومعصية للإله.
صحيح أن العَلمانيّة ليست كفرًا أو إلحادًا في العالم المسيحيّ، لأنّها ببساطة تامّة، هي التزام دقيق بالنصّ الإنجيليّ الدّاعي إلى فصل الأرضيّ عن السّماويّ، إذ "ما لقيصر لقيصر وما للّه للّه" لكنّها ليست كذلك في العالم الإسلاميّ، في هذا العالم هي اعتداء على الأنظمة والتعاليم والشّرائع والأحكام  والأوامر والنّواهي الإلٰهيّة، هي حكم بغير ما أنزل الله، وهل يكون الكفر والضلال "والإلحاد" غير هذا؟؟؟

لذلك كلّه يمكنني القول أن مشروع العلمنة في العالم الإسلاميّ يستحيل تحقيقه، بل أكثر من هذا، فإنّ الدّول الأوروپية التي ابتدعته والتَزَمَتْهُ منذ قرنين، وبفضله انتقلت شعوب أوروپا من عصور الظّلمة إلى رحاب النّور، ستبدأ بالتّنازل عنه تحت ضغط إرادة أعداد المهاجرين الوافدين…

 

 *الروابط في التعليقات الأولى