أقلام كاريكاتورية

ترامب ولعنة " العصفور الأزرق"

الاحداث- كتب رشيد قيامي

يوماً بعد يوم يغرق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في متاهة تغريداته اليوميّة المتلاحقة عبر منصّة " تويتر " للتواصل الإجتماعي.

فالرئيس الذي يعتبر نفسه مستهدفاً من غالبيّة وسائل الإعلام الأميركيّة، يجد في المنصّة سبيله الوحيد للتعبير عن أفكاره ومواقفه بشكل سريع وفاعل، كما لمهاجمة خصومه السياسيين. لا بل وصل به الأمر إلى طرد عدد من المسؤولين في إدارته عبر تغريدات " ناريّة "، بعدما كان أغدق عليهم أوصافاً ولا أبهى يوم قرّر تعيينهم. 

مزاجيّة سيّد البيت الأبيض والتي يفضّل مناصروه وصفها بالعفويّة الواضحة والمفرطة، كما غضبه على كلّ من يخالفه الرأي، أمورٌ تظهر جليّاً من خلال تغريدات تعكس إنفعالاته، أكثر ممّا تعكس المواقف التي يريد إبرازها إلى الرأي العام.

فالكتابة بحرف كبير لكلمةٍ أو جملةٍ معيّنة تعني أنّه يريد إبرازها والتركيز عليها. فيما كتابة نصّ كامل بأحرف كبيرة لطالما عنت أنّه غاضب حيال الموضوع الذي يكتب عنه. 

ترامب العنيد والمتشبّث بآرائه لا يُخضع تغريداته عادةً لأي تدقيق أو مراجعة. لا بل لا يحسب حساباً لمدى تأثيرها، خاصّة السلبي ، لا سيّما في أوساط المتربّصين به.  فتراها تنطلق بشكل يدفعك للتساؤل عن الجدوى التي يبغيها من تغريدة ما. 

الحضور اليومي، والمكثّف أحياناً ،على الموقع الإلكتروني الأحبّ إلى قلبه، هو من أكثر ما ميّز سنوات ولاية الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركيّة. أمرٌ دفع إلى أن يتجاوز عدد متابعيه على الموقع ثمانية وثمانين مليون شخص. 

نتائج الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة التي جرت الشهر الماضي وخسرها ترامب أمام منافسه جو بايدن، شكّلت علامة ً فارقة في إطلالات سيّد البيت الأبيض. حيث برز بوضوح غضبه وحنقه بشكل غير معهود، لا سيّما بعدما هزأ من منافسه على مدى أشهر. 

تغريدات ترامب بعد الهزيمة عكست بشكل واسع عدم قدرته على السيطرة على انفعالاته. فتراه تارة ً يرفض النتائج ويطالب بوقف عدّ الأصوات، وطوراً يهاجم المحكمة العليا ( غالبيّة أعضائها من الجمهوريين ) لعدم مجاراته في الإدعاءات التي ساقها حول عمليات تزوير حصلت في الانتخابات.

الرئيس الخامس والأربعون لإحدى أعظم الديمقراطيات في العالم ، وفي لحظة غضب شديد، وصل إلى حدّ التغريد في السادس والعشرين من الشهر الحالي، ناقلاً عن أحد العسكريين العاملين في أفغانستان، بحسب زعمه، بأن الانتخابات هناك أكثر أماناً وتدار بشكل أفضل من تلك التي جرت في أميركا العام الحالي. ولم يكتفِ ترامب بهذا النقل لا بل أضاف أنّ الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة في بلاده ، تشبه انتخابات أحد بلدان العالم الثالث. 

موقع " العصفور الأزرق " ، بحسب تسمية محبّبة لدى العديد من المغرّدين ، وحرصاً منه على ما يراه مصداقيّة في التعاطي مع الوقائع، عمد إلى وضع تعليقات صغيرة تحت العديد من تعليقات ترامب المتعلّقة بالإنتخابات، وذلك سعيا ً منه لتصويب مضمون ٍ يراه إشكاليّاً.

الرئيس الأميركي المستمرّ في إصراره على فوزه وبشكلٍ كبير، وقبل أيّام معدودة من خروجه من البيت الأبيض، لا ينفكّ، وعلى مدار الساعة، يغرّد ويناكف، متناولاً نتائج الانتخابات التي خسرها ويرفض الإقرار لغريمه بالفوز الذي حقّقه. 

رغم عشرات الدعاوى القضائيّة المتعلّقة بالإنتخابات التي خسرها، معارك الرئيس الأصهب على " تويتر " لن تتوقّف بعد رحيله عن المكتب البيضاوي  في العشرين من الشهر المقبل. ولكن يبقى السؤال عمّا سيفعله ترامب، في حال قرّرت إدارة " العصفور الأزرق " إغلاق حسابه، أو في أحسن الأحوال، حجب بعض تغريداته ، لسببٍ يتعلّق بسياستها المعتمدة حيال ما قد تراه مزيّفاً. 

==========