من الصحف

بن فرحان يعيد "التطبيع": ندعم الإصلاح والـ1701... محاذير التمديد تسابق موعد الانسحاب الإسرائيلي

الاحداث - كتبت صحيفة النهار تقول:"شكّلت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لبيروت أمس "اختراقا" نوعياً مزدوجاً للواقع الناشئ في لبنان منذ 9 كانون الثاني (يناير) الحالي، إذ بدت من جهة تكريساً لـ"عودة" تطبيع العلاقات "التاريخية" الوثيقة التي كانت تربط لبنان والمملكة العربية السعودية قبل حقبة الفتور والانكفاء السعودي بسبب هيمنة "محور الممانعة" على السلطة في لبنان. كما توجت من جهة أخرى الدور الفعّال الذي اضطلعت به الديبلوماسية السعودية في المتغيّرات الأخيرة لجهة الدفع بقوة نحو انتخاب الرئيس جوزف عون وتكليف الرئيس نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة. وتزامنت الزيارة الأرفع لمسؤول سعودي لبيروت منذ 15 عاماً مع تسابق استحقاقي تأليف الحكومة ونهاية مهلة الشهرين لتنفيذ اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، علماً أن معالم عدم التزام إسرائيل الانسحاب في 16- 17 كانون الثاني (يناير) الحالي أثارت المزيد من القلق في الساعات الأخيرة في ظل مضي إسرائيل إلى طلب تمديد مهلة انسحابها. وانخرط الوزير السعودي في الاستحقاقات الداهمة جميعاً فتحدث عن عامل الإصلاحات والنهج الإصلاحي للعهد والحكومة، كما لم يغفل ضرورة التزام اتفاق وقف النار وتنفيذ القرار 1701 بما قرأت فيه الأوساط المراقبة "أجندة" سعودية واضحة للتعامل مع لبنان ودعمه وفق قواعد لا تهاون فيها، ولو كانت الرياض دعمت وصول الرئيسين عون وسلام. 

 

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قال من بعبدا، بعد لقائه الرئيس عون إنه أكّد له "وقوف المملكة إلى جانب لبنان وشعبه الشقيق". وأشار إلى أن "ثقتنا كبيرة بفخامة الرئيس ودولة الرئيس المكلّف لتنفيذ الإصلاحات". وقال: "بحثت مع الرئيس اللبناني أهمية الالتزام باتفاق وقف النار وأكّدت على أهمية تطبيق القرار 1701". وأعلن أن "المملكة تنظر بتفاؤل إلى مستقبل لبنان في ظلّ النهج الإصلاحي في خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس، ونحن متفائلون باغتنام القيادات اللبنانية للفرصة والعمل بجدية لأجل لبنان". وزار الوزير بن فرحان لاحقاً تباعاً، الرؤساء نبيه بري ونجيب ميقاتي ونواف سلام. 

عملية التأليف 
في غضون ذلك رجحت مجمل الأجواء المتصلة بعقد التاليف بأن الحكومة لن تولد هذا الاسبوع كما كان متوقعاً، كما أن ما يمكن أن يلعب دوراً في التريث في تأليفها، حتى لو أمكن تجاوز كل عقبات التاليف، استحقاق السعي اللبناني الحثيث إلى الزام إسرائيل الانسحاب من الجنوب تنفيذاً لاتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بعدما تقدم هذا الاستحقاق الداهم إلى الأولويات الملحة في ظل اتجاه إسرائيل إلى تمديد مهلة الانسحاب شهراً كاملاً.  
غير أن المعطيات التي توافرت لـ"النهار"، تشير إلى أن الرئيس المكلف نواف سلام استطاع حتى الآن بالتشاور مع رئيس الجمهورية أن يقطع شوطاً من البحث في التركيبة الحكومية وتذليل عقبات من دون الدخول في أسماء مقترحة للتوزير. وثبّت الرئيسان عون وسلام اتفاقهما على حكومة من 24 وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين، وإذ لم ينتهِ سلام من مباحثاته واضعاً توزيعاً أوّلياً قابلاً للأخذ والرد، لا يزال رئيس الجمهورية على مسافة من التأنّي حتى يتابع الرئيس المكلّف تواصله مع الكتل النيابية ويدير عملية التشكيل بما يقتضيه الدستور. وبقيت نقاط عالقة تحتاج إلى تواصل مع قوى سياسية قبل أن ينجز سلام تصوره شبه النهائيّ ويبحث فيه مع رئيس الجمهورية بما يتيح للأخير تدوين انطباعاته على ورقة التشكيل. والجدير ذكره أن الرئيس جوزف عون تمنى على الرئيس المكلف الاستعجال في تقديم طرحه النهائي على أن يسمح بأوسع مشاركة للقوى السياسية في اقتراح شخصيات غير حزبية. 

 

الرئيس المكلف نواف سلام خلال لقائه وزير الخارجية السعودي أمس.

 

وإذ فهم أن رئيس الجمهورية يحبذ أن يراعي التشكيل الحضور النيابي للقوى المسيحية، لكن هناك توجّها لأن يسمّي هو وزيري الدفاع والخارجية من أصل 12 وزيراً للمسيحيين. وسيكون هذا المنحى مرجَّحاً إذا انتفت المداورة في الحقائب السيادية وبقيت وزارة الداخلية مع وزير من الطائفة السنية، بعد تشبّث "الثنائي الشيعي" بأن تعطى وزارة المال الى الطائفة الشيعية.
وبدا لافتاً أن السفير القطري في لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني دعا إلى استعجال تشكيل الحكومة الجديدة "لتكون أسرع حكومة لبنانية يتم تشكيلها، ولتنصرف إلى إنجاز ما ينتظرها من مهمات، وهو ما يولد الاستقرار ويضمن تدفق المساعدات لإعادة إعمار لبنان". 
وعاود حزب "القوات اللبنانية" التشديد على "أن المشكلة الفعلية التي تواجه تأليف الحكومة تكمن في كون الثنائي الحزبي الشيعي يتعامل مع التأليف على غرار ما كان يفعله في المرحلة السابقة بتخيير الرئيس المكلّف بين شروطه أو لا حكومة، وذلك على نسق مرشحي أو لا رئاسة، فيما هذه الممارسة الانقلابية ولّت إلى غير رجعة والمطروح اليوم إما مشاركة هذا الثنائي بشروط الدولة أو البقاء خارجها، لأن قطار الدولة انطلق ولم يعد بإمكان هذا الثنائي إيقافه ترسيخًا لمشروع دويلته على حساب الدولة اللبنانية".     

انسحاب... لا انسحاب!
إلى ذلك بدت الصورة شديدة التعقيد عشية إنتهاء مهلة اتفاق وقف النار، إذ نقلت رويترز عن ديبلوماسيين أن إسرائيل ستبقى في مواقع في الجنوب بعد مهلة الستين يوماً. وفي هذا السياق، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس لجنة المراقبة لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون والمستشار الإعلامي علي حمدان حيث جرى عرض للأوضاع والمستجدات الميدانية حول الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان وخروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701.
وتزامن ذلك مع دخول عدد من أهالي الناقورة، بعدما تجمعوا عند نقطة الحمرا - البياضة جنوب صور، إلى البلدة لتفقد منازلهم التي دمرت نتيجة الحرب بعد حصولهم على تصاريح من الجيش اللبناني، وكانت مديرية التوجيه في الجيش نظمت عملية الدخول إلى البلدة بعد انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي منها. وتبين حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية والمنازل وشبكات الكهرباء والمياه والطرقات.
في المقابل، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط للانسحاب من جنوب لبنان يوم الأحد وفق الاتفاق رغم موافقة إدارة بايدن على التأجيل. وقال السفير الإسرائيلي المنتهية ولايته في واشنطن: "نجري محادثات مع إدارة ترامب لتمديد موعد الانسحاب من لبنان"، وأشارت القناة 13 الإسرائيلية إلى أن المجلس الوزاري المصغر بحث مساء مسألة انتشار الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان.
ومساءً أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن اتفاق وقف النار مع "حزب الله" لا يتم تنفيذه بالسرعة الكافية ولو أنها اعترفت بأن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل انتشرا في مواقع "حزب الله" بحسب الاتفاق. وقالت إنها "تريد استمرار اتفاق وقف النار مع حزب الله". ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر إسرائيلي قوله: "تقديراتنا أننا لن ننسحب من كل الجنوب اللبناني حتى يوم الأحد وبقاؤنا مشروط بالتنسيق مع إدارة ترامب".
واصدر "حزب الله" في المقابل بياناً علق فيه على "بعض التسريبات التي تتحدث عن تأجيل العدو لانسحابه والبقاء مدة أطول في لبنان بما ‏تستدعي من الجميع وعلى رأسهم السلطة السياسية في لبنان الضغط على الدول الراعية ‏للاتفاق، والتحرك بفعالية ومواكبة الأيام الأخيرة للمهلة بما يضمن تنفيذ الانسحاب الكامل ‏وانتشار الجيش اللبناني حتى آخر شبر من الأراضي اللبنانية وعودة الأهالي إلى قراهم سريعا".‏ واعتبر "أن أي تجاوز لمهلة الـ 60 يوماً يُعتبر تجاوزاً فاضحاً للاتفاق وإمعاناً في التعدي على السيادة ‏اللبنانية ودخول الاحتلال فصلاً جديداً يستوجب التعاطي معه من قبل الدولة بكل الوسائل ‏والأساليب التي كفلتها المواثيق الدولية بفصولها كافة لاستعادة الأرض وانتزاعها من براثن ‏الاحتلال". ‏ 
وأعلن "أننا في الوقت الذي سنتابع فيه تطورات الوضع الذي من المفترض أن يُتوج في الأيام ‏المقبلة بالانسحاب التام، لن يكون مقبولاً أي إخلال بالاتفاق والتعهدات، وأي محاولة للتفلت ‏منها تحت عناوين واهية، وندعو إلى الالتزام الصارم الذي لا يقبل أية تنازلات".