من الصحف

التصعيد يعلّق الوساطات الدولية ويُشعل المنطقة... إسرائيل تفصل لبنان و"حزب الله" يستعد لحرب مفتوحة؟

الاحداث- كتب إبراهيم حيدر في صحيفة النهار يقول:"بلغ التصعيد الإسرائيلي ذروته على مختلف الجبهات، وهو يسبق زيارة بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في محاولة لتسجيل انجاز يستند إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي في لقاءاته الأميركية وفي الكلمة التي سيلقيها أمام الكونغرس في 24 الجاري. جاءت الغارات العنيفة، بعد قصف الطائرات الإسرائيلية لميناء الحديدة اليمني، لتفتح مرحلة جديدة من المواجهات تحاكي إيران وتقترب من حرب إقليمية لا أحد يعرف كيف تنتهي إذا اشتعلت في المنطقة كلها.
 
قبل ذلك جاءت عملية الحوثيين باستهداف تل أبيب بطائرة مسيّرة، لتعيد خلط الاوراق والتوقعات في ما يتعلق بمعركة وحدة الساحات لدى المحور الحليف لإيران، وهي بمثابة توسيع استباقي لدائرة المعركة، وبعث رسائل لإسرائيل بأن الحرب مستمرة طالما لم يتوقف اطلاق النار في غزة. وبالفعل لم يعد هناك رهان على نجاح المفاوضات لوقف اطلاق النار في غزة ولا في جنوب لبنان كجبهة مساندة تحولت الى ساحة قائمة بذاتها، فإصرار نتنياهو على تمديد الحرب يفتح المنطقة على مرحلة من التوتر لن تستطيع الولايات المتحدة لجمه في ظل انشغال إدارتها بالانتخابات مع التقدم الذي أحرزه دونالد ترامب في الاستطلاعات بعد محاولة اغتياله والخلاف داخل الحزب الديموقراطي على استمرار ترشح جو بايدن. ولذا سيسعى نتنيىاهو الى توفير الدعم لاستمرار حربه مستغلاً التخبط داخل الإدارة الأميركية وممارسته المزيد من الضغوط عليها، وفي محاولة لتحقيق مكاسب له خصوصاً بعد ضربات الحديدة.
 
صعّدت إسرائيل عملياتها في لبنان مع تركيزها على الاغتيالات، وهي اليوم توسّع دائرة استهدافاتها بغارات عنيفة، في حرب متغيّرة يعكسها مسار عملياتها الجديدة. ويتبين في ضوء التصعيد القائم أن كل المساعي الدولية للتهدئة لم تحقق أي نتائج، لا في وساطة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الذي توقف فعلياً عن مساعيه للتسوية ولا بالنسبة لتحرك الموفد االفرنسي جان إيف لودريان الذي اقتصرت اتصالاته أخيراً على السعودية، فبقيت المواجهات هي العنوان في جنوب لبنان مع استمرار الحرب في غزة.
 
من الآن وصاعداً ستتجه الأمور إلى مزيد من المواجهات واتخاذها طابعاً إقليمياً. ومع التصعيد الإسرائيلي بتوجيه ضربات كبيرة تمتد من اليمن إلى لبنان وسوريا، ستزيد عمليات "#حزب الله" ومحور الممانعة وستفتح المنطقة على الاشتعال مع تهديد الحوثيين بتوسيع المعركة من البحر الأحمر إلى إسرائيل. هذا التصعيد الإسرائيلي وما يقابله من محور الممانعة على مختلف الساحات، يفتحان على مرحلة جديدة من الحرب. وقد سبق المواجهات الجديدة تحذيرات دولية ورسائل إلى لبنان تفيد أن إسرائيل ستلجأ إلى تغيير في طبيعة عملياتها بحرب متغيّرة. وقد رد "حزب الله" على هذه الرسائل بمزيد من التمسك بموقفه ووسّع دائرة عملياته واستخدم أسلحة جديدة لتأكيد أنه مستمر بمعركته على الرغم من الاغتيالات التي طاولت كوادره الميدانيين وأخيراً مخازن أسلحته. وتشير مصادر سياسية متابعة إلى أن إسرائيل تستدرج "حزب الله" أكثر إلى حرب واسعة، كتأكيد أنها مستعدة لشنها ضد لبنان، وأن نتنياهو سيحاول الحصول على الضوء الاخضر لتوسيع حربه ضد "حزب الله"، وهو يسعى إلى تكريس معادلة على الحدود تفصل جبهة لبنان عن غزة، وبذلك يمنع إعادة الوضع لما قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر). ويعني ذلك وفق المصادر أن نتنياهو سيتسلح بما يعتبره رفض "حزب الله" للمبادرات والوساطات الخارجية للتوصل الى حل ديبلوماسي يُبعده عن الحدود وفي الوقت ذاته يستمر بربط جبهة #الجنوب بغزة. ولذا يتبين من وجهة نتنياهو أنه يحاول فرض واقع جديد ومختلف جنوباً عبر التصعيد الناري، بغض النظر عما ستؤول إليه الأوضاع في غزة.
 
ولعل ابلغ تعبير عن الموقف الإسرائيلي بتمديد الحرب هو ما أعلنه وزير الخارجية يسرائيل كاتس لـ"وول ستريت جورنال" بإن الحرب الشاملة أصبحت وشيكة للغاية وطريقة منعها هي الضغط على إيران. ويقول إن وقف إطلاق النار في غزة واتفاق الرهائن لن يمنع الحرب مع "حزب الله" على الجبهة الشمالية، وإسرائيل لن توافق على "الهدوء مقابل الهدوء" بعد الآن. 
 
الواضح أن الجبهات باتت ملتهبة، وبالنسبة إلى محور الممانعة، فهو يريد أن يثبت معادلة ما يسميه الردع، والرد بضربة أو أكثر مقابل ضربة، وهو ما يطبقه "حزب الله" في جبهة الجنوب، لكنه يضغط من أجل وقف اطلاق النار في غزة مع الأخذ بالاعتبار كل السيناريوات المحتملة للتصعيد، والهدف إعادة الامور الى الستاتيكو الذي كان قائماً قبل "طوفان الأقصى". لكن الأمور قد تتفلت في أي وقت، مع إصرار إسرائيل على تغيير المعادلات خصوصاً على الجبهة الشمالية، بمواصلة الحرب وتوسيعها في مواجهة وحدة الساحات. ويبدو أن التوسع يأخذ مسارات مختلفة مع ضرب الحديدة اليمينية، ما يزيد الخطر أكثر باتجاه لبنان إذا قررت إسرائيل قصف مرافق حيوية في المدن اللبنانية، قد تؤدي إلى إشعال الحرب.
 
التطورات خلال الأسبوعين المقبلين مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصاً بعد زيارة نتنياهو إلى واشنطن، وما إذا كان المحور الحليف لإيران سيرد على هجوم الحديدة بعمليات نوعية، أو أنه سيكتفي برسائل تؤكد قدرته على قلب الأمور في المنطقة، أو تحسباً لتصعيد إسرائيلي كبير ضد "حزب الله"، وما بين الاحتمالين قد تستمر المواجهات على النحو ذاته من الاستنزاف إلى ما بعد الانتخابات الأميركية. ولذا ينعقد رهان نتنياهو على فوز ترامب، الامر الذي لا أحد يمكن أن يتنبأ بمساراته المقبلة للمنطقة وبينها لبنان الذي يستمر في حالة استنزاف لا فكاك منها في ظل الانسداد القائم والمقفل أمام التسويات.