أوروبا تلتحق بأميركا لتجنيب لبنان الحرب
الاحداث- كتبت صحيفة النهار تقول:" مع أن “الشكل” الرسمي، وزارياً وديبلوماسياً، “استحضر” أمس إلى مطار رفيق الحريري الدولي لاستكمال الرد على “استحضار” المطار في الحرب الإعلامية والدعائية المتصاعدة على خلفية التصعيد الميداني بين إسرائيل و”حزب الله” على الجبهة الجنوبية، بدا التطور الأبرز في هذا السياق في دخول الاتحاد الأوروبي كلاً على الأزمة إن من باب التخوف على امتداد الصراع الحربي إلى لبنان، وإن من زاوية تداعيات التهديد الذي وجهه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى قبرص قبل أيام.
وأوضحت مصادر ديبلوماسية معنية لـ”النهار” أن تصاعد مناخ التهديدات بين إسرائيل و”حزب الله” في الأيام الأخيرة لم يحجب في المقابل تصاعد الضغوط الكبيرة الديبلوماسية إن أميركياً أو أوروبياً لمنع انفجار حربي واسع في لبنان بات في حكم الثابت أن أياً من القوى والكتل الدولية الكبيرة ترفضه، وهو الأمر الذي عبرت عنه تكراراً مواقف أميركية وأوروبية أشاعت نوعاً من التوازن في مواجهة ضرب طبول الحرب على جانبي الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية. ولكن المصادر نفسها لم تقلل دقة الموقف الحرج الذي وجد لبنان الرسمي نفسه فيه لجهة الغياب الكامل عن التأثير في مجرى التطورات بدليل ما جرى في واقعة نشر صحيفة “التلغراف” البريطانية لمزاعم عن تخزين صواريخ وأسلحة ومتفجرات في مستودعات مطار رفيق الحريري الدولي والتي لم يكن نفيها يستلزم كل هذه “التعبئة الاستعراضية” التي حصلت أمس والتي كشفت في جانب منها محاولة حكومية للقول إن “المعنيين موجودون” وأن المواجهة ليست محصورة بين “حزب الله” وإسرائيل والجهات الخارجية المعنية.
أما على الجبهة الأوروبية، فبدا أن ثمة التحاقاً كثيفاً بالسياق الأميركي لمنع انفجار خطير في لبنان. فقد كان ملف لبنان أمس في صلب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ حيث استبق المسؤول الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاجتماع بالإعراب عن “قلقه الشديد بشأن تصاعد الأوضاع في الشرق الأوسط” محذراً من “احتمال تصاعد رقعة الصراع إلى لبنان قريبا”. وجاءت تصريحات بوريل بعد بضعة أيام من تهديد نصرالله لقبرص، وهي دولة عضو بالاتحاد الأوروبي.
وشدد وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس على أن “من غير المقبول أن يطلق “حزب الله” تهديدات ضد قبرص، الدولة ذات السيادة في الاتحاد الأوروبي”. كما قال إن “الاتحاد الأوروبي يتضامن مع قبرص ضد تهديدات المنظمات الإرهابية”.
وكشفت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، عن عزمها التوجه إلى لبنان ضمن زيارتها المقررة إلى المنطقة، وذلك على ضوء تصاعد حدة المواجهات بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي خلال الأسابيع الأخيرة وسط مخاوف من اندلاع حرب شاملة. وقالت بيربوك إنها “ستتوجه إلى لبنان، فالوضع على الحدود مع إسرائيل أكثر من مقلق”، وفقاً لوزارة الخارجية الألمانية. وتصل الوزيرة الألمانية عصر اليوم إلى بيروت.
احتواء
وفي خطوة إضافية لمعالجة تداعيات الأزمة مع قبرص وعبرها مع الاتحاد الأوروبي، إجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب. وأفادت معلومات رسمية أنه “تم البحث في فحوى ونتائج الاتصالات التي قاما بها مع رئيس جمهورية قبرص ووزير الخارجية الأسبوع الفائت بهدف تأكيد عمق علاقات الصداقة بين البلدين التي ترسخت عبر السنوات، والتأييد والاحترام المتبادل على المستويات كافة. وكان من أوجه التعبير عن هذه الصداقة، الدعم السياسي والديبلوماسي الذي ما زالت تقدمه قبرص للبنان في المحافل الأوروبية والدولية، كما تجلّى ذلك من خلال زيارتي الرئيس القبرصي للبنان هذا العام وتبنيه الدفاع أمام المفوضية الأوروبية عن موقف لبنان من قضية النازحين السوريين. وكان رئيس الحكومة قد عوّل في اتصاله مع الرئيس القبرصي على حكمته في تفهّم الخصوصية اللبنانية وفي إدراك دقة التحديات التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة خاصة لما تتركه حرب غزة من تداعيات خطيرة على دول المنطقة والجوار، وعلى جنوب لبنان بشكل خاص.
كما أثنى رئيس الحكومة على البيان الرئاسي القبرصي الذي صدر الأسبوع الفائت والذي شكل خطوة اضافية مقدّرة من قبل لبنان لما حمله من حرص على أفضل العلاقات مع لبنان، مناشداً الأطراف اللبنانية كافة أخذ مصلحة لبنان وعلاقاته الخارجية في الاعتبار”. وأفادت معلومات حكومية أن الأزمة مع قبرص صارت قيد الاحتواء بشكل كامل بعد الاتصالات التي تولاها ميقاتي ووزير الخارجية بالجانب القبرصي.
اما في المشهد المتصل بالتهديدات الإسرائيلية، فنقلت أمس صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية عن مسؤولين كباراً في إسرائيل معلومات مفادها أنّ “العدّ التنازليّ لحرب محتملة مع “حزب الله” قد بدأ”.
وبحسب المقال، قال المسؤولون الإسرائيليون إنّه “لم يعد أمامهم أيّ خيار آخر، إذ لأشهرعدّة، طلبت إسرائيل من “حزب الله” التراجع، وإلّا فسوف تضطرّ إلى إجباره على القيام بذلك، وبدلاً من حلّ هذه القضايا ديبلوماسياً والسماح للإسرائيليين النازحين بالعودة إلى مناطق الشمال، قام “حزب الله” بتكثيف هجماته”. وأفادت الصحيفة أن “إسرائيل ستفعل ما يجب عليها فعله، بدعم دوليّ أو من دونه”.
جولة المطار
واستكمالاً لنفي وجود صواريخ في مطار بيروت نظمت وزارات الأشغال العامة والخارجية والإعلام والسياحة، جولة لعدد من السفراء ومنهم الصينيّ والعراقيّ والمصريّ، بالإضافة إلى المتحدث باسم السّفارة الإيرانيّة، مع عدد من مراسلي وسائل الإعلام على امتداد سور المطار ومخازنه ومركز الجمارك، وسُمح بالتصوير والنقل المباشر من داخل هذه المخازن، إلّا أنّه وعند وصول الصحافيين إلى مركز الشحن الجويّ، مُنع هؤلاء من الدخول لتصوير المركز من الداخل، فيما سُمح للسفراء الحاضرين بالدخول والمعاينة، الأمر الذي أدّى إلى وقوع إشكال بين أحد المصورين والأجهزة الأمنيّة الحاضرة، عند سؤال المصوّر عن أسباب منع الدخول والتصوير.
وعُقب الجولة، أكد وزير الأشغال والنقل في حكومة تصريف الأعمال، علي حمية، أنَّ “مطار بيروت يخضع لكل المعايير الدوليّة، ولقد تمّ إطلاع السّفراء الذين زاروا المطار على آلية العمل المُعتمدة خصوصًا على صعيد عمليات النقل والتصدير الملتزمة بكل المعايير الدوليّة”. واضاف: “بحثنا مع رئاسة الحكومة في الإجراءات القانونية اللازمة التي سنتخذها بحقّ “التلغراف” لما شكّلته من ضرب معنوي ليس فقط للمطار بل لكل لبنان واللبنانيين”. تابع: “لن نكتفي بجولة اليوم ونحن جاهزون لزيارات ميدانيّة لكلّ سفير في المطار”. وأجاب ردًّا على سؤال عمّا إذا كان مقال “التلغراف” مقدّمة لعمل ما قد يحصل: “لا أعلم بالغيب”.
بدوره، اكد بو حبيب “ان المطار آمن وان هذه الشائعات تندرج ضمن محاولات إسرائيل لتبرير اعتداءاتها على لبنان”، في حين اعتبر وزير الاعلام زياد المكاري “أن المطار مرفق عام يعني جميع اللبنانيين وهو صورة لبنان” وأكد أنه “لا يُمكن أن يُخزّن “حزب الله” صواريخ في مكان يدخل إليه سفراء العالم، فهناك سخافة واضحة في المقال، ولكن نخشى أن يؤثّر الأمر سلباً على الموسم وعلى حياة اللبنانيين، وأعتقد أنّ كلّ هذا في سياق الحرب النفسيّة”.
وعلى الصعيد الميداني أستهدفت مسيّرة اسرائيلية مساء أمس غرفة قريبة من فريق اطفاء كان يقوم بإخماد النار في جرد ماسا وجنتا في البقاع الشمالي من دون وقوع إصابات. كما أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية مساءً على بلدة عيترون ومارون الراس. وكان سجل قصف مدفعي إسرائيلي على أطراف بلدتي رب ثلاثين والعديسة ثم اغار الطيران الاسرائيلي المسيّر مستهدفا بلدة الطيبة من جهة بلدة العديسة. كما استهدف الجيش الاسرائيلي فريق الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية في بلدة الطيبة، بقذيفة مدفعية خلال قيامه باخماد حريق في البلدة وأصيب عنصر بشظية في صدره.