الاحداث- كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول:"في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية اليومية المرفقة باستمرار التلويح بحرب جديدة على «حزب الله»، وقبيل وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى إلى لبنان، استطلعت فرنسا الأوضاع اللبنانية السياسية والاقتصادية والعسكرية، عبر المستشارة الرئاسية الفرنسية آن كلير لو جاندر التي جاءت «عارفة بهذه الأوضاع، ولكنها أرادت الاستطلاع أكثر»، على حدّ قول مصدر رسمي لـ«الجمهورية».
قالت أوساط سياسية لـ«الجمهورية»، انّ زيارة المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي للبنان في هذا التوقيت، تؤشر إلى انّ باريس تحاول إعادة تفعيل دورها على الساحة اللبنانية وسط زحمة الموفدين الدوليين إلى هذا البلد. ولفتت الأوساط إلى انّه وفي ظل الحضور الأميركي الديبلوماسي المكثف والمبادرة المصرية التي دخلت اخيراً على الخط، والحراك السعودي البعيد من الأضواء بقيادة الأمير يزيد بن فرحان، أرادت فرنسا أن تعيد تحريك ديبلوماسيتها وتكريس موقعها السياسي في لبنان، خصوصاً أنّها تعتبر نفسها الأكثر دراية بتعقيداته وصاحبة الأفضلية في رعاية محاولته لتحقيق الاستقرار وللتعافي الإقتصادي انطلاقاً من الإرث التاريخي.
لكن هذه الأوساط أشارت إلى «انّ الإشكالية التقليدية التي تواجه الدور الفرنسي المتجدد، هي افتقاره إلى الفاعلية بالمقارنة مع النفوذ الأميركي الواسع، الأمر الذي يحيل أي حراك فرنسي إلى مجرد «أكسسوار» خارجي في الوقت الضائع، في انتظار أن تقرّر واشنطن حسم الخيارات».
لكن مصادر رسمية قالت لـ«الجمهورية»، إنّ المستشارة الفرنسية جاءت مستطلعة، وطرحت خلال لقائها مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أسئلة عن الوضع في لبنان وعن الجيش اللبناني ومهماته، ونقلت عن الإسرائيليين أنّهم يقولون إنّه «لا يقوم بمهماته» في منطقة الجنوب.
كذلك طرحت أسئلة حول عمل لجنة «الميكانيزم» وعن مستقبل العلاقات اللبنانية ـ السورية في ظل السلطة الجديدة في دمشق. فأكّد لها رئيس الجمهورية أنّ لبنان ينسّق مع الجانب السوري لما فيه خير البلدين، وأنّ الملحّ هو ترسيم الحدود البرية والبحرية بينهما. وأكّدت لوجاندر أنّ بلادها مستعدة للمساعدة في هذا المجال، خصوصاً أنّها تملك خرائط لهذه الحدود منذ أن كانت الدولة المنتدبة للبنان وسوريا. وتناولت المحادثات ايضاً مرحلة ما بعد انسحاب قوات «اليونيفيل» بعد سنة من الجنوب. وأكّدت أنّ بلادها مستمرة في التحضير لمؤتمري دعم لبنان المخصصين لإعادة الأعمار وللجيش اللبناني. ولم تحدّد أي شيء في الزمان والمكان المتعلقين بهذين المؤتمرين، لكنها أكّدت انّ فرنسا تواصل اتصالاتها مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وغيرهما، لتذليل كل صعوبات وتأمين انعقاد المؤتمرين.
جولة
وكانت لوجاندر جالت أمس على الرئيس عون ورئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجي، ونقلت بداية إلى رئيس الجمهورية تحيات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتأكيده على الاستمرار في مساعدة لبنان، والعمل على عقد مؤتمري إعادة الإعمار ودعم الجيش والقوات المسلحة. وأكّدت انّ فرنسا ستعمل من أجل تثبيت الاستقرار في الجنوب وتفـعيل عمل «الميكانيزم» وفق الرغبة اللبنانية.
واكّد عون للوجاندر أنّ «خيار التفاوض الذي أعلنته، كفيل بإعادة الاستقرار إلى الجنوب وكل لبنان، لأنّ استمرار العدوان لن يؤدي الى نتيجة»، موضحًا أنّ «ما يمنع الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية الجنوبية، هو استمرار إسرائيل في أعمالها العدائية وعدم تطبيقها لاتفاق تشرين الثاني 2024». وأكّد أنّ «الجيش اللبناني يواصل أعماله بدقة خلافاً لما تروّج له إسرائيل، وهو يحظى بدعم جميع اللبنانيين وثقة الجنوبيين، وما يُقال عن تقصير هو محض افتراء». وشدّد على أنّ «الجيش يحتاج إلى تجهيزات وآليات عسكرية، وهو ما يفترض أن يتوافر من خلال مؤتمر دعم الجيش والقوات المسلحة اللبنانية». ورأى أنّ «إعادة الإعمار هو حجر الأساس لتمكين الجنوبيين من العودة والصمود، لكن ذلك لا يتمّ في ظل الاعتداءات اليومية ضدّ المواطنين والمنشآت المدنية والرسمية». وكشف عن أنّ «الحكومة باشرت بالتعاون مع مجلس النواب في إقرار قوانين إصلاحية، والعمل مستمر لإعداد مشاريع قوانين أخرى تأخذ في الاعتبار ظروف لبنان الاقتصادية وتتناغم مع الأنظمة المعمول بها». وأضاف عون: «نرحّب بأي مشاركة أوروبية في حفظ الاستقرار بعد انسحاب «اليونيفيل» بالتنسيق مع الجيش، الذي سيرتفع عديده مع نهاية هذه السنة إلى 10 آلاف عسكري».
وفد سعودي
في تطور لافت على مستوى العلاقات اللبنانية ـ السعودية، قال مسؤول سعودي رفيع المستوى لوكالة «رويترز»، إنّ وفداً سعودياً سيزور لبنان قريبًا، «حيث ستتمّ مناقشة إزالة العوائق التي تعطل حركة الصادرات اللبنانية إلى المملكة». وأكّد «أنّ المملكة تقدّر الجهود التي يبذلها الرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام في معالجة القضايا الأمنية والاقتصادية، بما في ذلك الحدّ من تهريب المخدرات إلى السعودية في الأشهر الماضية».
وأشاد المسؤول السعودي بـ«كفاءة لبنان في الحدّ من هذه الأنشطة، مما يعكس التزامًا من الحكومة اللبنانية في تحقيق الأمن الإقليمي وضمان عدم استخدام لبنان كمنصة تهديد لأمن الدول العربية، خاصة المملكة».
وقال: «إنّ هذه الجهود الأمنية ستساهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين»، مشيرًا إلى أنّ هذه التطورات قد تؤدي إلى تقدّم ملموس في التعاون السياسي والاقتصادي في المستقبل القريب». وأوضح أنّ المملكة تشيد بمبادرات الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة في إطار العمل على إزالة العوائق التي تحول دون تعزيز التبادل التجاري بين البلدين، وهو ما سيعود بالنفع على الاقتصاد اللبناني في المرحلة المقبلة».
وكتب سلام عبر منصة «إكس» رسالة تقدير للمملكة العربية السعودية وقيادتها، مؤكّدًا حرص الرياض الدائم على استقرار لبنان وازدهاره. وأشار إلى المبادرة «الطيّبة» التي أعلنتها المملكة، والقاضية بالاستعداد لاتخاذ خطوات قريبة هدفها تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين ورفع العوائق أمام الصادرات اللبنانية. كذلك ثمّن عاليًا «تقدير السعودية لجهود رئيس الجمهورية والحكومة في منع استخدام لبنان منصة لزعزعة أمن الأشقاء العرب، وفي مكافحة تهريب المخدرات».
عون و«حزب الله»
في غضون ذلك، التقى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد مساء أمس المستشار الاوّل لرئيس الجمهورية العميد أندريه رحّال. وبثت قناة «المنار انّه «جرى خلال اللقاء استعراض مجمل التطورات المتعلقة بالوضع اللبناني، إنْ لجهة الانتهاكات والتهديدات الإسرائيلية العدوانية ضدّ لبنان، أو لجهة الرؤية الوطنية المطلوب الالتفاف حولها لحفظ السيادة الوطنية وضمان الاستقرار في البلد. وكالعادة اتّسم اللقاء بوضوح المواقف وصراحتها، وبالتوافق على ضرورة مواصلة التداول الإيجابي لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين».
الانتخابات النيابية
وعلى صعيد الانتخابات النيابية المقرّرة في ايار المقبل، اعلن وزير الإعلام بول مرقص، بعد جلسة مجلس الوزراء برئاسة سلام، أنّه لم تتمّ الموافقة على تمديد مهلة تسجيل غير المقيمين للاقتراع في الانتخابات النيابية.
وتوقفت أوساط سياسية عبر «الجمهورية» عند فشل التمديد لمهلة تسجيل المغتربين، التي تنتهي في 20 الجاري، أي بعد 6 أيام فقط. وهذا التمديد كانت تراهن عليه القوى السياسية الداعمة لاقتراع المغتربين للـ128 نائباً، إذ إنّها تعتقد بإمكان أن يحقق العامل الاغترابي تحولات في التوازنات تؤدي إلى ولادة مجلس نيابي وازن لمصلحة هذه القوى، ويعاكس نهج الثنائي الشيعي.
إلّا أنّ عدم التمديد حصر تقريباً أعداد المغتربين المسجلين في كل القارات وعلى امتداد الدوائر الانتخابية كلها. وقبل يومين، تبين أنّ المسجلين قاربوا الـ50 ألفاً لا أكثر. وفي هذه الوتيرة، يمكن ألاّ يرتفع العدد بمقدار انقلابي في الفترة الباقية. وفي النهاية يخوض المغتربون معركتهم في كل لبنان ببضع عشرات الآلاف من الأصوات. وفي توزيع هؤلاء على الدوائر كافة، سيكون تأثير صوت المغترب في دائرته محدوداً. وتالياً، انتفى رهان القوى المؤيّدة على هذا الاقتراع لإحداث متغيرات جذرية. وهذا الأمر سيكون له تأثيره في مسار القانون الانتخابي في الأيام المقبلة.
رسالة إلى ترامب
من جهة ثانية، وجّه عضوا الكونغرس الأميركي داريل عيسى ودارين لحود رسالة رسمية إلى الرئيس دونالد ترامب، اكّد فيها «أهمية العلاقة بين الولايات المتحدة ولبنان ودورها المحوري في دعم الاستقرار والحفاظ على سيادة البلاد». وأشارا إلى «التحولات الإيجابية التي شهدها لبنان» بعد انتخاب عون وسلام، معربين عن «أملهما في استمرار الإصلاحات وتقليل نفوذ حزب الله».
ودعا لحود وعيسى إلى «استمرار دعم الولايات المتحدة لعملية حصر سلاح «حزب الله» بالكامل جنوبًا وشمالًا من نهر الليطاني، وتنفيذ إصلاحات مصرفية وفق المعايير الدولية، والدفع باتجاه مفاوضات مع إسرائيل، والسماح للجالية اللبنانية بالتصويت لجميع مقاعد البرلمان في انتخابات ايار 2026». وشدّدا على «أنّ أي عرقلة للعملية الديموقراطية من قبل (رئيس مجلس النواب) نبيه بري أو غيره تُعتبر انحيازًا لحزب الله وحلفائه».