الأحداث - أكد وزير الصناعة جو عيسى الخوري ان "موضوع حصر السلاح بيد الجيش اللبناني يبقى أحد أبرز العوائق الأساسية لتطوير الاقتصاد في لبنان، وهذا الأمر مستمر منذ أكثر من ثمانية أشهر"، مشيرا الى أن "الحكومة التزمت بإصلاحات معينة، جزء كبير منها سياسي واداري، الا انها التزمت ايضا باصلاحات امنية تتعلق بحصرية السلاح"، معربا عن أسفه لتأخير تنفيذ هذا الموضوع "كونه يُعرقل عودة الاستثمارات، رغم اهتمام أصدقاء لبنان والمؤسسات الدولية واللبنانيين المغتربين بها".
عيسى الخوري الذي شارك في حلقة نقاش تحت عنوان: "ريادة الأعمال وتحديد نظام اقتصادي جديد في لبنان" خلال "مؤتمر الطريق إلى الدولة" الذي ينظمه المؤتمر الوطني اللبناني، رأى أن "الابتكار لا ينمو في العزلة"، معتبرا أن "الشعب اللبناني من أكثر الشعوب عولمة واندماجاً مع الحضارات الأخرى في العالم، حيث ينتشر اللبنانيون في أكثر من 130 دولة، لذلك، يجب أن تقوم سياسات الدولة على بناء صداقات دولية، والانفتاح على الجميع سياسيًا واستثماريًا، بعيدًا عن منطق العزلة"
وتابع: "هناك فئة واسعة من اللبنانيين المتحدّرين من أصل لبناني، يتخطّى عددهم الـ15 مليونًا حول العالم، يشكّلون طاقة هائلة يمكن جذبها وتشجيعها على الانخراط في الاستثمار والقطاع المالي والاقتصادي في لبنان، ما يتوجب على لبنان البقاء منفتحا على الجميع على الصعيدين السياسي والاستثماري".
كما لفت الى انه "في لبنان خمسة ملايين وسبعمائة ألف لبناني مقيم، من بينهم حوالي مليوني لبناني في دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة، وهم على تواصل مستمر ومباشر مع عائلاتهم في لبنان، وبالتالي يُعتبر هؤلاء لبنانيين غير مقيمين، لذا من غير المنطقي عزلهم انتخابيًا أو منعهم من التصويت في بلداتهم التي يرتبطون بها، واستبدال ذلك بربطهم بدوائر لا تمتّ بصلة إلى جذورهم أو حضورهم الاجتماعي".
وفي موضوع المكننة في العمل الاداري الحكومي، شدد عيسى الخوري على أن "الوزراء جميعهم يدركون أهمية تطبيقها، ويؤشر بذلك فعلياً في وزارات وإدارات عامة عدة، لما لها من أثر مباشر على محورين أساسيين: الحد من الفساد، وتقليص التواصل بين الموظفين والمواطنين، وتسهيل الوصول الى المعلومات وتسريع إنجاز المعاملات"، موضحا أن "المكننة تتيح تحديث قواعد البيانات في الوزارات وتجديدها دورياً ما يساهم في الحصول على الداتا المرتبطة بالقطاعات المعنية هذه الوزارات بها".
وأردف: "في السياق نفسه، تطرقت مع وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط على تطوير مفهوم النافذة الموحدة (One Stop Shop) لتسهيل الإجراءات على المستثمرين، فبدلاً من اضطرارهم إلى متابعة معاملاتهم لدى وزارات عدة، تصبح هناك جهة واحدة، كوزارة الاقتصاد، تختصر الوقت والجهد وتوحّد المسار الإداري من البداية إلى النهاية."
ردا على سؤال، أشار وزير الصناعة الى "انه عضو في اللجنة المكلّفة بمتابعة مسألة الهوية الرقمية التي يُعمل على تطبيقها حاليا"، موضحا انه "من المتوقع خلال سنتين ان يصبح لدى معظم اللبنانيين هوية رقمية (E-ID) تتيح لهم التعريف عن أنفسهم إلكترونياً بطريقة آمنة".
وقال: "إن نجاح هذا المشروع لا يكتمل بمجرد إصدار الهوية الرقمية، بل يتطلّب تقبّل الإدارات والمؤسسات الرسمية والمؤسسات الخاصة لها، وهذا لن ينجح من دون مكننتها كي يتمكّن المواطن من إنجاز معاملاته إلكترونياً، من دون الحاجة إلى الحضور الشخصي أو متابعة المعاملات الورقية."
اما عن موضوع خفض كلفة إنتاج الطاقة للصناعيين، فأكّد انه "يسير على طريق الحل"، لافتا الى ان "الخطوة الاولى اُنجزت بعد الاتفاق الذي وُقّع بين جمعية الصناعيين اللبنانيين ووزارة الطاقة يسمح للصناعيين باستيراد الفيول الخاص بهم من الخارج، ما يساهم في خفض كلفة الإنتاج نحو 20٪".
أضاف: "هناك حكومات مستعدة لتزويد لبنان بالطاقة بما يساهم في خفض كلفة الإنتاج وتأمين كهرباء طيلة الوقت، إلا أن العقبة تكمن في الضمانات المالية التي يطلبها الطرف المورِّد، إذ يشترط التأكد من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها. وللأسف، هذا الملف لا يزال معرقلًا لأسباب سياسية وأمنية حتى اليوم".
وتحدّث عيسى الخوري عن "المسح الصناعي الشامل الذي بدأت وزارة الصناعة به للإطلاع على وضع المصانع غير المرخّصة، والتي تُعدّ بمعظمها مصانع صغيرة موجودة ضمن مناطق سكنية، الأمر الذي يخلق مخاطر بيئية وصحية على السكان. واوضح ان الهدف من هذه الخطوة تحديد مواقع هذه المصانع ومساعدتها عبر تطوير مجموعات صناعية صغيرة mini industrial clusters وذلك بالتنسيق مع البلديات المعنية، ما يساهم في احتضان هذه المؤسسات وخفض كلفة تطوير البنية التحتية وكلفة إنتاج الكهرباء والصيانة وتحرير المناطق السكنية من المخاطر".
كما توقّف عند الدور المحوري للقطاع الخاص في التنمية الإقتصادية، مذكّرا أن "هذا القطاع كان المحرك الرئيسي للازدهار في لبنان بينما اقتصر دور الدولة على الإطار التشريعي والرقابي الذي يمكّن القطاع الخاص من العمل"، مشددا على ان "هذا ما يجب ان يحصل اليوم ليكمن دور الدولة الحقيقي في حماية المواطنين الأضعف وضمان حصولهم على الخدمات الأساسية بأسعار مخفّضة وجودة عالية".
وتابع: "يثبت التاريخ وجود علاقة عكسية بين كفاءة إدارة القطاع العام وحاجة الدولة للخصخصة، فكلما كان القطاع العام قادرًا على إدارة قطاع ما بشكل جيد، كلما قلت الحاجة إلى الخصخصة. أما في حال ثبت عجزه وسوء تقديم الخدمات، فيصبح من الضروري منح القطاع الخاص فرصة إدارة القطاع مع استمرار دور الدولة الرقابي والتنظيمي لضمان المصلحة العامة."
وأكّد "أهمية التعاطي المباشر بين الصناعيين والجامعات"، متطرّقا الى جمعية IRALeb التي تلعب دور صلة الوصل بين الصناعيين الذين لديهم أفكار محددة وطلاب الجامعات القادرين على المساهمة في تطوير هذه الأفكار. وأوضح أن "هذه المبادرة تُنفّذ بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO والاتحاد الأوروبي، اذ يتم اختيار عدد من الاختراعات التي يطورها طلاب الجامعات لدعمها ماديا ومساعدتها لتنظيم اعمالها".
واذ اعتبر أن أي دولة تسعى إلى تطوير طاقاتها الشبابية تحتاج إلى ثلاثة عناصر أساسية: أفكار قابلة للتنفيذ، أشخاص قادرون على تطوير هذه الأفكار، وتمويل يحوّلها إلى مشاريع مستدامة، أشار عيسى الخوري إلى أنه "إذا أردنا جذب المستثمرين إلى لبنان، فعلينا أولاً توفير بيئة حاضنة تشجّع الشباب على البقاء والعمل في وطنهم، بدل دفعهم إلى الهجرة وتأسيس مشاريعهم في الخارج".
وقال: "أغلى ما لدينا هو أبناؤنا وشبابنا الذين يمتلكون قدرات استثنائية، إلأ أننا وللأسف نخسر هذه الطاقات مع انتقالها إلى الخارج حيث تحقق نجاحاتها. في وقت تُظهر الإحصاءات أن مقابل كل دولار يحوّله المغترب إلى بلده الأم، يساهم بثمانية دولارات من الناتج المحلي للبلد الذي يقيم فيه، ما يعكس حجم الخسارة. لذلك، بات من الضروري وقف هذا النزيف لشبابنا، وحان الوقت لتحفيزهم ودعمهم كي يبدعوا في وطنهم ويحقّقوا أحلامهم من خلال جعله بيئة جاذبة للشباب والمستثمرين في آن واحد، وإلّا فلن يكون لنا مستقبل مشرق في لبنان".
وختم عيسى الخوري: "أكرر شعارًا أؤمن به: "لبنان فقط"، لأن التفكير فقط بمصلحة لبنان هو ما يرسّخ المواطنة الحقيقية ويعزّز الانتماء الوطني. فلنقض على ثقافة الحرب، ولنؤسس بدلاً منها ثقافة السلام والعمل والتطور."