Search Icon

هل ترتبط معلومات اغتيال الحصروني بالأسرى في إسرائيل؟
ما وراء تغريدة أدرعي؟

منذ ساعة

من الصحف

هل ترتبط معلومات اغتيال الحصروني بالأسرى في إسرائيل؟
ما وراء تغريدة أدرعي؟

الاحداث- كتب زياد البيطار في صحيفة نداء الوطن يقول:"أعادت التغريدة المطولة للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إلى الواجهة مجددًا، عملية اغتيال منسّق منطقة بنت جبيل السابق في حزب "القوات اللبنانية" الياس الحصروني (الحنتوش)، بعدما أعلن أفيخاي أدرعي أن "حزب الله" وراء عملية الاغتيال. ورغم أن الشبهات عن ضلوع "الحزب" كانت قوية منذ اللحظات الأولى للاغتيال، فجديد أدرعي تسمية "الوحدة 121". كذلك في حال صحت المعلومات يتبين مجددًا مدى الاختراق الإسرائيلي الذي يطاول كل تحركات "الحزب" من عسكرية وأمنية وإجرامية.  

توقيت الخبر الإسرائيلي طرح فرضيات عدة، منها احتمال أن يكون أسرى "حزب الله" الذين أوقعت بهم إسرائيل في الحرب الأخيرة قد زوّدوها بهذه المعلومات، إضافة إلى ترجيحات من بعض أبناء عين إبل بأن بعض الأشخاص المتورطين في الملف ربما قُتلوا خلال الحرب الأخيرة.

وبحسب أدرعي، نُصب الكمين للحصروني ليلة 1 آب 2023 في عين إبل، (الاغتيال حصل فعلا في 2 آب)، حيث اختُطف وقُتل عبر التسميم والضرب الذي أدى إلى كسر أضلاعه، ثم أُعيدت جثته إلى سيارته المصطدمة بشجرة لإظهاره كحادث سير.

وتابعت تغريدة أدرعي الكلام على "الوحدة 121" كونها الذراع الأمنية الداخلية لـ "الحزب"، والمسؤولة عن استهداف معارضين سياسيين وصحافيين. كما أشارت إلى أن أحد أبرز عناصر الوحدة سليم العيّاش مدان عام 2020 من المحكمة الخاصة بلبنان باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

 

هل تملك إسرائيل معلومات عن اغتيالات أخرى؟

هذه المعلومات فتحت الباب أمام فرضيات تتعلق بامتلاك إسرائيل معلومات عن ملفات اغتيال أخرى، كمقتل الصحافي والكاتب السياسي لقمان سليم، المعارض الشرس لـ "حزب الله"، والذي عُثر عليه داخل سيارته في الجنوب. وكان سليم قد توقع اغتياله عام 2019، معلنًا من خلال رسالة جاء فيها: "أحمّل قوى أمن الأمر الواقع ممثلة بحسن نصرالله ونبيه بري المسؤولية التامة عمّا جرى وما قد يجري". فهل تملك إسرائيل معلومات عن تفاصيل عملية اغتياله؟

إلى جانب الربط بين "الوحدة 121" واغتيال الحريري، طُرح سؤال إضافي: هل تملك إسرائيل صورًا ومعلومات عن انفجار مرفأ بيروت؟ خصوصًا أن بعض الجهات وجهت إليها أصابع الاتهام بهذا الانفجار.

 

معلومات الحصروني تمهّد لمبدأ التفاوض؟

اليوم، وبعد "حرب الإسناد" التي خاضها "حزب الله"، ومقتل عدد كبير من قيادته، وموافقته على وقف إطلاق النار، تبرز فرضية جديدة: إذا دخل لبنان في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل، فهل ستطلب الدولة اللبنانية معلومات عن الاغتيالات والانفجارات التي هزت لبنان، من اغتيال رفيق الحريري، وما تلاه من اغتيالات؟ والسؤال الأخطر، هل أراد أدرعي إيصال رسالة عن إمكان تفعيل "الحزب" وحدة الاغتيالات؟ وهل هذه رسالة مضلّلة، أو فعلًا تستند إلى معلومات لدى الموساد والشاباك؟ هناك من يقول إن إسرائيل بعد اتفاق وقف الأعمال العدائية، أطلقت سراح خمسة أسرى في آذار الماضي وقال حينها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن "الإفراج عن 5 أسرى لبنانيين بالتنسيق مع واشنطن وبادرة حسن نية لرئيس لبنان الجديد"، مشيراً إلى "الاتفاق على تشكيل مجموعات عمل مع أميركا وفرنسا ولبنان لحل مسألة الحدود". فهل معلومات الحصروني خطوة إسرائيلية تعتبرها إيجابية وممهدة لمبدأ التفاوض العتيد؟ 

وفي ظلّ تساؤلات حول إمكانية طلب لبنان من إسرائيل، عبر طرف ثالث مثل الأمم المتحدة، تقديم معلومات تتعلق بملفات اغتيالات وتفجيرات بارزة، أبرزها انفجار مرفأ بيروت، شدّد المحامي والخبير القانوني أنطونيو فرحات على أن أي تبادل معلومات بين البلدين ليس ملزمًا قانونيًا. وأوضح فرحات أن لبنان وإسرائيل يفتقدان أي اتفاقية تعاون رسمية تسمح بهذا النوع من التنسيق، مؤكدًا أن الدولتين بحالة العداء، فيما الدولة اللبنانية نفسها لا تعترف رسميًا بوجود إسرائيل.

ولكن ماضيًا وحين عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة صورًا جوية، ادعى أنها لمخازن صواريخ دقيقة يملكها "حزب الله" بالقرب من مطار بيروت، قام حينها وزير الخارجية آنذاك في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، برفقة وفد دبلوماسي يضم سفراء دول عربية وأجنبية معتمدين في لبنان، بجولة ميدانية قرب مطار بيروت الدولي للاطلاع على الوضع على الأرض ونفي رواية نتنياهو. وهذا يعني أن لبنان الرسمي في محطات عدة أخذ معلومات إسرائيل بالاعتبار وتصرف في ضوئها، خصوصًا مع استجابة المواطنين لـ "إنذارات أدرعي" المتواصلة. لذا ما المانع أن يطلب لبنان عبر الأمم المتحدة معلومات عن جرائم محددة تخضع لاحقًا للتدقيق القضائي في حال كانت مضللة أو فيها جوانب يثبت حصولها؟ المؤسف أن ملف الحصروني القضائي مطوي تحت وطأة وهج سلاح "حزب الله"، ما يجعل متابعة التحقيقات شبه مستحيلة.

 

وقائع اغتيال الحصروني

وفي تفاصيل عملية اغتيال الياس الحصروني، وقع الاغتيال حوالى الساعة 21:00 من مساء 2 آب 2023، بينما وصل خبر الجريمة إلى الأهالي حوالى الساعة 22:15، بعد أن صودف مرور أحد الأشخاص قرب سيارة الضحية فاتصل على الفور بـ "الهيئة الصحية الإسلامية" لنقل الجثة إلى مستشفى "صلاح غندور" في بنت جبيل.

وأفاد بعض الأهالي أنهم لاحظوا في تلك الليلة سيارات رباعية الدفع، تقل شبانًا ملتحين ويرتدون القبّعات، تتجول في البلدة التي تشهد حركة سياحية ونشطة صيفًا، كونها تقع على الطريق الرئيسي الرابط بين القطاعين الشرقي والغربي، من الناقورة وصولًا إلى مرجعيون وحاصبيا، غير أن أحدًا لم يتوقع وقوع جريمة بهذا الحجم.

ووفق المعلومات، رصدت إحدى السيدات قبل وقوع الحادث سيارة من نوع CRV لون رصاصي بداخلها شخصان ملتحيان يرتديان "قبعة"، وأثارت تصرفاتهما شكوكها. لاحقًا، رأت سيارة "جيب هيونداي" داكنة اللون متوقفة على جانب الطريق، وقامت بتسجيل رقمها وإبلاغ أحد المقربين، لكن التحقيقات أظهرت لاحقًا أن الأرقام كانت مزوّرة.

ولفتت المعلومات إلى أن الطبيب الشرعي حضر لمعاينة الجثة في اليوم التالي للحادث، وليس ليلة وقوعه، بينما حضرت عناصر من القوى الأمنية إلى مكان الحادث لمحاولة رفع سيارة الضحية قبل بدء التحقيقات، إلا أن شبّان المنطقة تمكّنوا من إقناعهم بضرورة إبقاء السيارة في مكانها حتى انتهاء التحقيقات الميدانية.

إن تنفيذ عملية معقدة ومحكمة بهذا المستوى، تشمل تخطيطًا ومراقبة ونصب كمين وخطفًا وقتلًا داخل منطقة محسوبة على "الحزب"، يزيد من الشبهات حول معرفة الجهات المسيطرة على الأرض بما جرى، أو على الأقلّ قدرتها على كشفه لو لم تكن طرفًا فيه. خصوصا وأن منفذي العملية تمكنوا من التحرك بحرية لمدة تقارب الساعة، من لحظة الكمين إلى القتل ثم نقل الجثة، ومن دون أن تُسجّل الأجهزة الأمنية أي حركة مشبوهة. هذه الوقائع مجتمعة، دفعت جهات سياسية وأهالي المنطقة إلى التأكيد أن "المؤشرات كلها تدلّ على تورّط "حزب الله" في الجريمة، وهذا أقلّ ما يمكن الشكّ به إلى حين ثبوت العكس".

منذ اللحظة الأولى لاختفاء الحصروني، لم يشكّ أبناء بلدات عين إبل، دبل ورميش ومحيطها بأي طرف آخر. فتعامل الأجهزة الأمنية مع الجريمة على أساس أنها حادث سير، بدءًا من تقرير المستشفى، مرورًا بالطبيب الشرعي، وصولًا إلى الأجهزة الأمنية، اعتبره الأهالي جزءًا من "المماطلة" و"تمييع التحقيقات". ومع تقدّم الأيام، كانت قناعتهم تتعزز بأن الاغتيال مخطط ومجهّز مسبقًا، في سياق تضييق الخناق على معارضي "حزب الله" في الجنوب، وخصوصًا حزب "القوات اللبنانية" وحلفاءه، في رسالة تخويف واضحة بأن أي معارضة داخل مناطق نفوذ "الحزب" ستكون مكلفة.