الأحداث - إفتتح وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين المؤتمر العلمي حول “العناية التلطيفية ودمج الرعاية المنزلية في التغطية الصحية الشاملة” الذي تنظمه الجمعية العلمية لاقتصاديات الصحة (ISPOR) في فندق متروبوليتان – الحبتور بهدف تسليط الضوء على أهمية هذه العناية في تقديم الخدمات الصحية ذات الجودة للمرضى في منازلهم خصوصًا كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة ومستعصية تتطلب علاجًا طويل الأمد إذ إن العناية التلطيفية توفر لهم بيئة عائلية وصديقة تساعدهم على تخطي محنة المرض من جهة، كما أنها تقلص التكاليف الباهظة للإقامات الطويلة في المستشفيات والتي تثقل كاهل المريض وعائلته وخزينة الدولة.
شارك في المؤتمر العلمي وزير الصحة السابق الدكتور فراس الأبيض وحشد من الإختصاصيين والخبراء من لبنان والخارج ومستشارة منظمة الصحة العالمية للعناية التلطيفية الدكتورة ميغان دوهرتي التي قدمت محاضرة عبر الإنترنت من مكان إقامتها في جنيف.
بدأ المؤتمر بكلمة ترحيبية من رئيسة ISPOR الدكتورة ماري تيريز صوايا ثم تحدث الوزير ناصر الدين فلفت إلى أن وزارة الصحة العامة تقدم الدعم لمسار العناية التلطيفية وإدماجها من ضمن التغطية الصحية الشاملة نظرًا لما تقدمه من خدمات فعالة للمرضى من جهة، ومن تطوير للنظام الصحي من جهة ثانية. أضاف وزير الصحة العامة أن العناية التلطيفية تُفهم أحيانًا بشكل خاطئ، لكنها في الواقع ليست إستسلامًا إنما تهدف لتقديم الرعاية المناسبة في الوقت المناسب وفي المكان المناسب. وتابع وزير الصحة العامة أن العناية التلطيفية تهدف لتحسين جودة حياة المرضى وعائلاتهم واحترام المسيرة الفردية لكل منهم. كما أنها تتيح للمرضى البقاء في كنف أسرهم والحفاظ على استقلاليتهم وتجنّب الإقامة غير الضرورية في المستشفيات.
وقال الوزير ناصر الدين:” إن العناية التلطيفية والرعاية المنزلية تسهمان كذلك في تخفيض كلفة الإنفاق على النظام الصحي، فهي تقلّص الزيارات غير الضرورية لأقسام الطوارئ وتحدّ من الإدخال إلى المستشفيات والإقامات الطويلة فيها. لذلك، يعتبر نقل الرعاية المناسبة إلى المنزل عملا إنسانيًا من جهة وخيارًا فعالا ومستدامًا وحيويًا لاستمرارية النظام الصحي، علمًا أن تنظيم الرعاية التلطيفية والمحافظة على جودتها يشكلان عنصرين أساسيين في جميع مجالات الرعاية”.
وأعلن “أن الوزارة إتخذت في هذا المجال خطوات عملية، حيث تم تشكيل فريق عمل يضم جهات طبية وأكاديمية وأهلية من أجل تطوير مقاربة وطنية لاعتماد العناية التلطيفية في لبنان على نطاق واسع، وهو ما سينقل النظام الصحي من نظام يرتكز على الخدمات والتسهيلات إلى نظام يرتكز على الإنسان”.
وأكد ناصر الدين “أن إنجاز المقاربة المطلوبة يحتاج إلى عمل وطني وشراكة جماعية تبدأ مع الجمعيات الطبية والمؤسسات الأكاديمية، وتمتد إلى المستشفيات ومراكز الرعاية والمنظمات غير الحكومية من أجل تبني نماذج رعاية متكاملة تضم الخدمات المجتمعية”. ولفت إلى “الدور الأساسي لشركات التأمين الخاصة في اعتماد حزم تقديمات تصب في هذا الإطار، وللسلطة التشريعية في دعم تطوير السياسات والأطر القانونية والتمويل المستدام”.
وأكد ناصر الدين “إلتزام الوزارة بمواصلة تنفيذ هذه الأجندة كركيزة أساسية للتغطية الصحية الشاملة، وكجزء من نظام صحي لبناني حديث يشفي، ويواسي، ويحمي، ويرافق الإنسان في كل مراحل حياته.
الأبيض
ثم حاضر الوزير السابق الدكتور فراس الأبيض حول كيفية إدماج العناية التلطيفية بالنظام الصحي اللبناني، إستهلها بالتنويه بما يقوم به الوزير الحالي ركان ناصر الدين من إستمرارية في تنفيذ الخطط الإستراتيجية الموضوعة في الوزارة ،مؤكدا “أن هذا الأمر يصب في مصلحة لبنان”.
وتحدث عن العناية التلطيفية، فأكد الدكتور الأبيض قيمتها لأسباب عدة أبرزها أنها تحافظ على كرامة الإنسان والمريض، ولا سيما الكبير السنّ. وتابع أن لبنان يتقدم بلدان المنطقة من حيث احتضانه العدد الأكبر من المواطنين المتقدمين في السن، كما أن لبنان يحتضن وللأسف أعدادًا كبيرة من المصابين بالسرطان والأمراض المزمنة، والعناية التلطيفية تشكل حلا ملائمًا لكل هؤلاء يساعد على أن يعيشوا سنوات تراجع صحتهم من دون تغييرات كبيرة في عاداتهم وبيئتهم. كما أن هذه العناية توفر على المستشفيات الإكتظاظ الكبير الذي تعاني منه والذي تنجم عنه نفقات باهظة”.
وقال الأبيض:” إن ثمة اعتقادا خاطئا مفاده أن العناية التلطيفية في المنزل تعني تقصيرًا بحق المريض من أفراد العائلة، وأن نقله إلى المستشفى يعني الإهتمام الفعلي به. وتابع أن هذا الإعتقاد هو معاكس للحقيقة لأن العناية التلطيفية تعني اهتمامًا مركزًا على المريض واهتمامًا بعدم تعريضه لنكسات نفسية، فهي توفر الإلفة والراحة ومشاركة البيئة المنزلية بالعلاج”.
وشدد الدكتور الأبيض على “أن العناية التلطيفية تحتاج في المقابل، لكي تكون فعالة، إلى تنظيم جيد يحفظ السلامة، ويؤمن الحماية اللازمة للمرضى من الإستغلال أو الممارسات غير الكفوءة وغير الآمنة ويحقق التغطية. وقال إن وزارة الصحة العامة تغطي تكاليف العناية التلطيفية إنما ليس هذا كافيًا، فالمطلوب توسيع هذه التغطية لتشمل الجهات الضامنة الأخرى وصناديق التعاضد إضافة إلى انخراط شركات التأمين الصحي في تقديم حزم تشمل إمكان حاجة المريض للعناية التلطيفية”.
وختم الأبيض محاضرته مستعيدا العبارة التالية: “إن النظام الصحي الذي يتابع مرضاه في المنزل هو النظام الذي يثبت أنه يؤمن بالفعل في تأمين الرعاية من دون حدود”.
دوهرتي
كما كانت للدكتورة دوهرتي مداخلة أوضحت فيها أن خريطة الطريق التي تعتمدها منظمة الصحة العالمية تقضي بإدماج العناية التلطيفية في التغطية الصحية الشاملة، على أن تحدد كل دولة نظامها الخاص الذي يمكنها تطبيقه وتلقينه للعاملين الصحيين.
جلسات عمل
تضمن المؤتمر جلسات عمل ونقاش حول كيفية تنفيذ العناية التلطيفية وإدماج خدماتها في النظام الصحي وما ينتج عن ذلك إقتصاديًا وماليًا والعوائق التي تعترض تنفيذ هذه العناية بشريًا وماديًا وثقافيًا. شارك فيها الوزير الدكتور فراس الأبيض ونقيبة الممرضات والممرضين السيدة عبير علامة والمستشاران في وزارة الصحة العامة الدكتورة نادين هلال والدكتور بيار عنهوري وعدد كبير من الخبراء من لبنان والخارج.