الاحداث - كتبت صحيفة "الديار" تقول:يصل السفير الاميركي الجديد ميشال عيسى الى بيروت اليوم، دون آمال كبيرة بحمله الاجوبة المنتظرة لبنانيا حيال ملف التفاوض، بعدما سبقته معلومات تشير الى انه لا يملك اي تصور محدد، يمكن البناء عليه، في ظل غياب استراتيجية اميركية واضحة حيال الملف اللبناني، بعدما حصرت واشنطن دورها بلجنة «الميكانيزم» المعطلة عمليا، وتمارس ضغوطها على الجانب اللبناني. علما ان من اجهض «ورقة براك» كخارطة طريق لبدء تطبيق وقف النار، «اسرائيل» التي رفضت وقف اعمالها العدائية المستمرة بالتصاعد.
وفي الوقت الضائع، جالت مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط آن كلير لوجاندر على المسؤولين اللبنانيين، دون ان تفضي جولتها الى نتائج ملموسة، ربطا بضعف الدور الفرنسي، حيث اكتفت بالتعبيرعن القلق من التصعيد في الجنوب.
وعلمت «الديار» ان المبعوثة الفرنسية سمعت في «عين التينة» عتبا من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيال غياب الدور الفرنسي في لجنة «الميكانيزم»، وعدم قدرتها على الزام «اسرائيل» بالتزام وقف النار. وقد طرحت خلال جولتها على المقرات الثلاث، اسئلة حول جدية طرح التفاوض، وعن حجم الانقسامات اللبنانية بهذا الشان. وقد تقاطعت الاجوبة، عند القول انه لا يوجد ارباك داخلي في هذا الملف، وثمة توافق بين الرؤساء الثلاثة على هذا الملف، وفق صيغة التفاوض غير المباشر. وقيل لها صراحة اذهبي الى «اسرائيل» وواشنطن، وعندما تحصلين على موافقة على آلية لحل المسائل العالقة بالسبل الديبلوماسية، في اطار الالتزام المتبادل باتفاق وقف الاعمال العدائية، ستجدين شريكا لبنانيا في عملية التفاوض، التي يمكن ايجاد صيغة مناسبة لها. فالمعضلة ليست في لبنان، بل لدى الطرف الآخر المصرّ على استخدام القوة ولا شيء غير ذلك.
وعلى هامش لقاءاتها الرسمية، حرصت لوجاندر على السؤال عن موقف حزب الله، فكان الجواب واضحا بان الحزب سبق وساهم بانجاح المفاوضات غير المباشرة في ملف الترسيم البحري، ولا شيء يمنع تكرار ذلك، اذا كان المطروح لا يتجاوز حدود ما جرى في التجارب السابقة.
لا حسم اميركي للملفات!
ووفق مصدر ديبلوماسي اوروبي، هناك في واشنطن على «طاولة» الرئيس الاميركي رزمة مسودات لم تتبلور بعد، لتصبح خطة عملية قابلة للتطبيق حيال الجبهات الأربع الأساسية في الشرق الأوسط:
- في غزة، قدمت الولايات المتحدة لمجلس الأمن مسودة جديدة لمشروع قرار، سيحدد إطار عمل القوة متعددة الجنسيات، وهي بالتأكيد لن تكون الأخيرة.
- لبنان ينتظر أن تضغط واشنطن على «إسرائيل»، حتى تستجيب لاقتراح إجراء مفاوضات حول ترتيبات الأمن.
- يجري بين واشنطن وطهران حوار، ولكنه لم يصل بعد إلى مستوى العملية السياسية.
- في سوريا، وبعد زيارة أحمد الشرع للبيت الأبيض، ثمة أنتظار لمبادرة من الولايات المتحدة تدفع قدماً بترتيبات أمنية مع «إسرائيل».
المشكلة في «البيت الابيض»؟
ووفق تعبير ذلك الديبلوماسي، « الشعور الآن أن هناك نشاطاً سياسياً كبيراً يجري، وأن أوراق عمل كثيرة تنتقل من مكان إلى آخر، لكن هناك جهة واحدة، التي يجب في نهاية المطاف أن تطرق على الطاولة، وتملي الخطوات على الأرض، هي تجلس في البيت الأبيض، ولا أحد يعرف توجهها حتى الان؟!.
لا اختراقات ديبلوماسية
وفي هذا السياق، تلفت صحيفة «هآرتس الاسرائيلية» الى انه لا يوجد حتى الآن أي اختراق يمكن الحديث عنه، لعقد اتفاق سياسي بين «اسرائيل» ولبنان. واشارت الى ان «إسرائيل» غير معنية بمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، وتفضل استمرار استغلال «السماء المفتوحة»، التي تسمح لها بحرية العمل العسكرية. اما ما يتوقعه المسؤولون اللبنانيون فهو قرار من الولايات المتحدة بالزام كافة الاطراف، بما فيها «اسرائيل»، تبني ورقة العمل التي عرضها المبعوث الخاص توم باراك، الذي اعلن سابقا رفض حكومة نتانياهو المطلق لتنفيذها، والتي تنص على وقف «اسرائيل» هجماتها لمدة شهرين. وخلال ذلك، تجري مفاوضات حول الترتيبات الأمنية، وحول البدء في ترسيم الحدود البرية، وحول تحديد منطقة منزوعة السلاح على الحدود. في الوقت نفسه، حسب الورقة، تنسحب «إسرائيل» بالتدريج من المواقع الخمسة التي تسيطر عليها في لبنان؟!
اسئلة دون اجابات؟
وتأتي زيارة المندوبة الفرنسية، بعد يوم واحد من انتهاء زيارة الرئيس السوري المؤقت احمد الشرع الى واشنطن. وفي هذا السياق، كشفت اوساط ديبلوماسية «للديار» بان ما حمله عدد من المبعوثين الاقليميين والدوليين الى المسؤولين اللبنانيين، يفيد بانه يجب ان يستعدوا لتقديم الكثير من التنازلات، اذا ما قيض لجلسات التفاوض ان تعقد، لان السؤال المطروح هو لماذا تظنون انه سيجري التعامل مع لبنان، عكس ما يتم التعامل به مع سوريا؟
ولهذا فان غالبية من زاروا بيروت مهتمين، بحسب الاوساط، بالحصول على اجوبة واضحة ، حيال الحد الذي يمكن ان تصل اليه هذه التنازلات. وحتى الآن لا اجوبة واضحة، ولا ثقة بالاجوبة التي تقدم، بسبب عدم وجود قناعة بان المسؤولين اللبنانيين، قادرين على تنفيذ الالتزامات التي يمكن ان يقدموها.!
الاتفاقية الامنية
وفي هذا السياق، أفادت القناة الـ 12 الاسرائيلية، بان الاجتماع بين ترامب والشرع في البيت الابيض، يأتي على خلفية مفاوضاتٍ متقدمةٍ بين «إسرائيل» وسوريا، بشأن اتفاقيةٍ أمنيّةٍ مع «اسرائيل»، وأوضحت القناة ان الاتفاقية على وشك التوقيع، ولكن لم يُعلن عنها رسميا بعد. وقد اشار رئيس حكومة العدو بالامس، الى ان الشرع لا يهمه بل يهمه الافعال، ومنها منطقة معزولة السلاح في الجنوب السوري؟!
ما هو دور لبنان؟
اما استقبال الشرع فلم يكن تعبيرا عن ثقة أميريكية بشخصه، بقدر ما كان ترجمة لمعادلة المصلحة البحتة. فواشنطن التي كانت تصفه قبل سنوات بـ «الإرهابي الأخطر»، لم تُبدّل نظرتها إلّا حين أصبح وجوده أداةً مناسبة لتحقيق غايةٍ محددةٍ: تمهيد الطريق نحو اتفاقٍ سوريّ-إسرائيليّ، يؤمّن مصالح «اسرائيل»، ويُكرّس النفوذ الأميركي في الشرق الاوسط.
ووفق مصدر سياسي بارز، يبدو الشرع اليوم مجرد واجهة لمشروعٍ أوسعٍ، تُعيد أميركا من خلاله صياغة خريطة المنطقة على مقاس مصالحها، لا على مقاس مصالح الشعوب التي دفعت أثمان الحروب والفوضى. فهل يمكن للبنان ان «يلعب» دورا مشابها؟
دور الشرع في لبنان؟
وفي جديد تصريحات المبعوث الأميركي توم براك المقلقة تجاه لبنان، قال «أن دمشق، بعيد انضمامها إلى التحالف الدولي لمكافحة «داعش»، سوف تسهم في «مواجهة» و«تفكيك» الشبكات «الإرهابية»، من بقايا التنظيم والحرس الثوري الإيراني وحماس وحزب الله.
وكتب براك على منصة «إكس»: «ستساعدنا دمشق من الآن وصاعدا بنشاط في مواجهة وتفكيك بقايا «تنظيم الدولة الإسلامية»، والحرس الثوري الإيراني، وحماس، وحزب الله وغيرها من الشبكات الإرهابية، وستقف شريكا ملتزما في الجهد الدولي لإرساء السلام».