الاحداث- كتبت صحيفة "الديار": لان العدوان الاسرائيلي على الدوحة وضع الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط في وضع شديد التعقيد، مع اكتشاف حلفاء واشنطن هشاشة الرهان على الحليف الاميركي لحمايتهم من «التغول» الاسرائيلي، ولان التواطؤ الاميركي المفضوح مع اهداف حكومة اليمين المتطرف لم يعد خافيا على احد، ويتطلب مراجعة جدية من دول الاقليم للاستراتيجيات المتبعة راهنا، دخلت الدولة اللبنانية مرحلة من التيه بانتظار ما ستسفر عنه الاتصالات الجارية على اعلى المستويات قبيل القمة الاسلامية- العربية يومي الاحد والاثنين المقبلين لمعرفة المسار الذي ستتجه اليه الامور خصوصا ان دول مجلس التعاون الخليجي في وضع شديد الحرج ازاء كيفية التعامل مع المستجد الخطير فهم يعرفون جيدا ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب قد منح الضوء الأخضر للعملية الإسرائيلية، وهو يعد برايهم خيانة جسيمة للثقة ليس فقط مع قطر، بل أيضا مع بقية دول الخليج، التي طالما رأت في الولايات المتحدة شريكا أمنيا موثوقا. فاين سيكون لبنان «المربك» في المرحلة المقبلة وهو يقع بين «مطرقة» واشنطن واستمرار العدوان الاسرائيلي المتصاعد، «وسندان» الموقف العربي المتارجح بين استيعاب الصدمة والتقدم خطوة في مواجهة الخطط الاسرائيلية التوسعية.
«افتراءات» سورية ضد حزب الله؟
هذا الواقع الشديد التعقيد والخطورة، سببه الرئيسي عدم وجود استراتيجية لبنانية واحدة تاخذ في عين الاعتبار المصالح الوطنية اولا، وتجعل السياسات الرسمية رهينة مصالح خارجية تتقلب على وقع الاحداث المتسارعة في الاقليم، فيما ترفع «اسرائيل» من مستوى اعتداءاتها على الاراضي اللبنانية متذرعة بحجج واهية عنوانها تعاظم قدرات حزب الله الذي تعرض مجددا بالامس الى حملة «افتراءات» سورية متجددة حيال دوره في التحضير لاعمال «تخريبة» في الداخل السوري، وهو ما نفاه الحزب جملة وتفصيلا. لكن التوقيت يطرح الكثير من علامات الاستفهام لجهة الاهداف من وراء هذه الاتهامات.
وكانت الداخلية السورية ادعت انها ألقت القبض على خلية تابعة لحزب الله في ريف دمشق الغربي، تدربت في لبنان وخططت لتنفيذ عمليات في سوريا. وأوضحت أنّها ضبطت مع الخلية منصات إطلاق صواريخ و19 صاروخ غراد وذخائر.في المقابل نفى حزب الله جملة وتفصيلًا ما أوردته وزارة الداخلية السورية من اتهامات بشأن انتماء عناصر جرى اعتقالهم في ريف دمشق الغربي إلى حزب الله. واكد مجددًا بأن حزب الله ليس لديه أي تواجد ولا يمارس أي نشاط على الأراضي السورية، وهو حريص كل الحرص على استقرار سوريا وأمن شعبها
دعم «مشروط» للجيش؟
في هذا الوقت، حضر الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت حاملا معه وعدا بعقد مؤتمرين، دون تحديد موعد محدد لهما، احدهما لدعم الجيش، والآخر لاعادة الاعمار، واذا كان المبعوث الفرنسي قد ربط النجاح بعقد مؤتمر الاعمار بالاصلاحات الاقتصادية، لا نزع السلاح، الا انه نقل عن المسؤول السعودي عن الملف اللبناني يزيد بن فرحان الذي التقاه قبل وصوله الى بيروت، استعداد الرياض لتقديم دعم للجيش لكن في اطار تنفيذ خطة حصرية السلاح، وهو شرط وضعه الاميركيون ايضا في اطار الاعلان عن دعم بـ 140 مليون دولار للمؤسسة العسكرية، حيث عللت المساعدة بدعم الجيش في اضعاف قدرات حزب الله.
الرياض ومحاصرة «الحزب» سنيا
وفي هذا السياق، تشير اوساط سياسية بارزة الى ان من يترقب تغييرا في المقاربة السعودية للملف اللبناني، قد يصاب بخيبة امل، فاذا كانت الرياض قد منحت حلفاءها «الضوء الاخضر» مرحليا للتراجع خطوة الى الوراء في ملف حصرية السلاح، لتنفيس الاحتقان الداخلي وعدم الوصول الى نقطة الانفجار، الا ان المملكة تعمل بكامل طاقتها لمحاولة «عزل» حزب الله داخليا، قبيل موعد الانتخابات النيابية المقبلة في شهر ايار 2026، والتركيز راهنا على الساحة السنية حيث تعمل على «قدم وساق» لابعاد حلفائه التقليديين عنه في سياق سياسة احتواء منظمة تبدو ناجحة حتى الان، لكن المفارقة ان هذه الاستراتيجية لا تشمل «الجماعة الاسلامية» التي تتعرض لحملة تضييق مالي خليجيا، وذلك في اطار التوجه العام لاضعاف «الاخوان المسلمين» في المنطقة، وقد وضعت «الجماعة» تحت المجهر على نحو خاص بعد مشاركتها حزب الله في حرب اسناد غزة عبر قوات «الفجر»، ولهذا يخشى ان يتحول هذا التعاون الميداني الى تنسيق سياسي في الاستحقاق الانتخابي المقبل.
جولة لودريان غير الحاسمة
وفي الانتظار، ترجم الموفد الفرنسي»تفهم» واشنطن- والرياض لمقررات جلسة 5 ايلول بعدم ادراج جدول زمني لتنفيذ خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة ، بوعود بتقديم حزم من المساعدات والمؤتمرات المُزمع عقدها دعما للدولة اللبنانية في مجال تمكينها من بسط سيادتها على الاراضي اللبنانية كافة والشروع في اعادة الاعمار، لكن دون تحديد مواعيد لذلك. فـ لودريان القادم من الرياض، استهل جولته لبنانيا من بعبدا، حيث اعرب له رئيس الجمهورية عن امتنانه للدور الذي يلعبه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في التحضير لعقد مؤتمرين لدعم الجيش اللبناني، وإعادة الاعمار. وابلغ لودريان ان لبنان ماض في انجاز الإصلاحات الاقتصادية والمالية ليس فقط لانه مطلب دولي، بل لقناعة لبنانية راسخة بأن هذه الإصلاحات تشكل مدخلا أساسيا لعملية النهوض الاقتصادي. واكد الرئيس عون للوزير لودريان خلال الاجتماع الذي حضره السفير الفرنسي في بيروت هيرفيه ماغرو، ان الحكومة تعمل على انجاز مشروع قانون الفجوة المالية خلال شهر أيلول الجاري واحالته الى مجلس النواب لدرسه واقراره، وذلك بعد صدور قانون السرية المصرفية وإعادة تنظيم المصارف وغيرها من الإجراءات والتدابير. وأشار الرئيس عون الى ان الجيش يواصل تطبيق الخطة الأمنية بدءا من منطقة جنوب الليطاني لسحب كل المظاهر المسلحة من جميع الأطراف اللبنانيين والفلسطينيين، لكن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لعدد من الأراضي اللبنانية يحول دون استكمال انتشار الجيش حتى الحدود الدولية. واكد الرئيس عون ان أي ضغط فرنسي او أميركي على إسرائيل للتجاوب مع إرادة المجتمع الدولي بوقف الاعمال العدائية ضد لبنان، سوف يساعد على استكمال الخطة الأمنية التي وضعها الجيش ورحب بها مجلس الوزراء الأسبوع الماضي. ولفت رئيس الجمهورية الى ان الجيش يواصل عمله على الأراضي كافة وعلى طول الحدود، ويقيم الحواجز ونقاط التفتيش، ولديه أوامر صارمة بمصادرة الأسلحة والذخائر من أي جهة كانت.
لا «مونة» لباريس على «اسرائيل»
لكن لودريان الذي نقل الى الرئيس عون تاكيد الرئيس ماكرون استمرار الدعم الفرنسي للبنان في المجالات كافة، لا سيما بالنسبة الى العمل لانعقاد مؤتمرين دوليين، الأول لدعم الجيش اللبناني والثاني لدعم الاقتصاد وإعادة الاعمار. الانه ووفق مصادر مطلعة، لم يقدم اي وعود حيال امكانية التاثير على الموقف الاسرائيلي الرافض لتخفيف حجم عملياته على الساحة اللبنانية. ففي ظل التوتر في العلاقات الفرنسية –الاسرائيلية لا «مونة» لباريس على «اسرائيل» ، لكن بحسب المعلومات الفرنسية فان الاميركيين لم يحصلوا على اي تعهد بانسحاب من النقاط المحتلة، ولا تخفيف للاعتداءات.
لا وعود واضحة
واذا كان لودريان اطلع رئيس الجمهورية على نتائج الاتصالات المشجعة التي اجراها في المملكة العربية السعودية ، لافتا الى ان الإجراءات التي اتخذها لبنان في 5 آب و 5 ايلول، ومنها الخطة التي وضعها الجيش لتحقيق حصرية السلاح، وكذلك اصدار قوانين إصلاحية في المجالين الاقتصادي والمالي، شكلت خطوات إيجابية من شأنها ان تساعد في زيادة الدعم الخارجي للبنان في المجالات كافة، الا انه لم يسيل هذا الترحيب بوعود واضحة يمكن الركون اليها.
الاصلاح لا السلاح!
بعدها، توجه لودريان والوفد المرافق الى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم زار السراي الحكومي حيث استقبله رئيس الحكومة نواف سلام الذي أطلعه على الوضع العام في لبنان بعد القرارات الحكومية الأخيرة لجهة حصر السلاح بيد الدولة، مؤكداً أنّ هذا المسار أصبح خيارًا وطنيًا لا عودة عنه. كما عرض الرئيس سلام أولويات عمل الحكومة في المرحلة المقبلة، محدِّداً ثلاث محطات أساسية تشكّل ركائز في هذا المسار:مؤتمر إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي لتعبئة الموارد اللازمة للبنى التحتية والمساكن وتحريك عجلة الاقتصاد. ومؤتمر دعم الجيش اللبناني لتأمين التمويل والقدرات اللوجستية والعتاد، بما يمكّنه من تعزيز الاستقرار وبسط سلطة الدولة. ومؤتمر «بيروت 1» للاستثمار لفتح آفاق جديدة أمام الاستثمارات وترسيخ ثقة المجتمع الدولي بلبنان. ووفق مصادر مطلعة، كان المبعوث الفرنسي واضحا وصريحا مع سلام، ولم يربط ملف اعادة الاعمار بالسلاح، وانما بالاصلاحات الاقتصادية المطلوبة من لبنان.
التصعيد الاسرائيلي مستمر
ميدانيا، لا تزال الاعتداءات الاسرائيلية في حالة تصاعدية، حيث شن الطيران الاسرائيلي سلسلة غارات على السلسلة الشرقية بين جردي جنتا وقوسايا، وشن الطيران الاسرائيلي غارات على الوادي بين الزرارية وانصار فاستهدفت مسيَّرة اسرائيلية دراجة نارية بين بلدتي عين بعال والبازورية، أدت الى سقوط شهيد من بلدة عيتيت. كما نسفت قوات الاحتلال فجر امس مبنى تابعا لمدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة في حي أبو طويل عند أطراف عيتا الشعب. وادت غارة مساء امس في كفردونين الى اصابة جنديين من الجيش اللبناني بجروح اثناء مرور آليتهم بالمكان.
وبعد الجولة «الاستفزازية « التي قام بها المتحدث باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي في جنوب لبنان، دان رئيس الحكومة نواف سلام باشد العبارات، الجولة الاستفزازية التي قام بها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية المحتلة قرب بلدة الخيام، وقال» إن هذا السلوك العدواني يؤكد مجددًا إصرار إسرائيل على تقويض الاستقرار في الجنوب، في وقت التزم فيه لبنان تطبيق القرارات الدولية وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها عبر قواته المسلحة»…
جلسة حكومية «دسمة»
في غضون ذلك، أقرّ مجلس الوزراء في جلسته العادية امس الترخيص لشركة ستارلينك لبنان لتقديم خدمات توزيع الانترنت على كامل الأراضي اللبنانية عبر الأقمار الاصطناعية المشغلة من قبل شركة «سبايس إكس»، متجاوزة تحذيرات لجنة الاعلام والاتصالات في المجلس النيابي حول المخاطر الامنية. كما وافق المجلس على تعيين مروان جمال رئيساً للهيئة الناظمة في قطاع الكهرباء، وجيني الجميّل رئيسة الهيئة الناظمة في قطاع الاتصالات، وقد تم تعيين دانيال جحا وسورينا مرتضى وهنري ضاهر وزياد رحمة أعضاء في الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء.
وبعد انتهاء الجلسة، أكد وزير الإعلام بول مرقص أن الجلسة خصصت لمناقشة عدة مشاريع مهمة للبنان، على أمل الانتهاء من دراسة مشروع الموازنة قبل نهاية الشهر المقبل. من جهته، أكد وزير الطاقة جو صدي على أهمية تعيين الهيئة : «لدينا هيئة تقنية لا سياسية وهي التي ستساعد بالقرارات وستمنح التراخيص وستكون ساهرة على إنتاجية هذا القطاع، ولفت صدي الى ان أهمية تعيين الهيئة بأنّه لدينا هيئة تقنية لا سياسية وهي التي ستساعد بالقرارات وستمنح التراخيص وستكون ساهرة على إنتاجية هذا القطاع. وقال» القانون الهيئة الناظمة ستتولّى بعض صلاحيات الوزير وهذا أمر إيجابي وأنا أرحّب به وهذا سيساعد في تحييد قطاع الكهرباء عن التدخلات السياسية وسيؤمن الاستمرارية».
مصير الانتخابات النيابية؟
وكان وزير الداخلية أحمد الحجار قد اكد قبيل دخوله إلى الجلسة الوزارية ان الانتخابات النيابية ستجري في موعدها. وعن انتخابات المغتربين قال: قطعنا شوطًا كبيرًا بالتنسيق مع وزارة الخارجية وستُفتَح مهلة التسجيل قريبًا على أن يكون الحدّ الأقصى في 20 تشرين الثاني وذلك وفقًا للقانون. اضاف: نحن جاهزون وفي حال تمّ تعديل قانون الإنتخاب لاعتماد انتخاب 128 نائبًا، فسنلتزم بالتعديل. وعن ملف صفقة تبادل الاسرى قال: الحكومة اللبنانية تتابع الموضوع.