Search Icon

لبنان أمام تهديدين عسكري إسرائيلي واقتصادي أميركي... قاسم: واشنطن تمارس وصاية مباشرة على الحكومة

منذ ساعتين

من الصحف

لبنان أمام تهديدين عسكري إسرائيلي واقتصادي أميركي... قاسم: واشنطن تمارس وصاية مباشرة على الحكومة

الاحداث- كتبت صحيفة الجمهورية:"يستمر لبنان عرضةً لحملة ضغوط كبيرة سياسية واقتصادية وعسكرية، يُنتظر أن تتصاعد في قابل الأيام، خصوصاً إذا صح أنّ الجانب الأميركي أمهل السلطة اللبنانية 60 يوماً لحسم ملف نزع سلاح «حزب الله»، فيما الواقع على الأرض، وخلافاً لما يُشاع، لا يدلّ إلى أنّ الأوضاع تتّجه نحو الحرب التي تهدّد بها إسرائيل الممعنة يومياً في عدم التزام وقف إطلاق النار والقرار الدولي 1701، بحيث أنّها تغتال يومياً كوادر وعناصر من «حزب الله»، وتقصف أمكنة جنوب الليطاني وشماله بذريعة أنّها مواقع او مخازن له، غير آبهة بلجنة «الميكانيزم» التي ستجتمع مجدداً اليوم، ولا بالدعوات والجهود الديبلوماسية التي تطالبها بوقف اعتداءاتها.

فيما يُنتظر وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى إلى بيروت الأسبوع المقبل، تعيش الأوساط الرسمية والسياسية حالة انتظارية لمعرفة كيف ستتعاطى الإدارة الأميركية مع الملف اللبناني، في ضوء ما سمعه وفد الخزانة الأميركية خلال زيارته لبيروت قبل أيام، من طروحات، خلال لقاءاته مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام وعدد كبير من النواب والقيادات السياسية، في الوقت الذي لم يلتق رئيس مجلس النواب نبيه بري، ما دفع المراقبين إلى طرح أسئلة في هذا الصدد لم تتوافر أي أجوبة عنها.

 

بري التقى المر

وقد استقبل بري أمس، النائب ميشال المر، حيث تمّ البحث في آخر التطورات والمستجدات السياسية وشؤون تشريعية.

 

بين تهديدين

وفي سياق متصل، قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، إنّ لبنان يبدو في سباق قاتل مع عامل الوقت، في ظل تهديدين: أمني وعسكري إسرائيلي من جهة، وسياسي اقتصادي أميركي من جهة مقابلة. ويتكامل التهديدان والمدى الزمني المعطى للبنان، وفق ما حدّده وفد الخزانة والأمن القومي الأميركيين لبيروت، هو في غضون الـ60 يوماً. وأضافت المصادر، انّ هذا يعني أنّ حال التريث التي مُنحت للبنان أميركياً، ستستمر حتى مطلع السنة المقبلة. وخلال هذه الفترة سيكون على الحكومة اللبنانية و«حزب الله»، على حدّ سواء، أن يدرسا جيداً الخطوات المقبلة، منعاً للدخول في الأسوأ، خصوصاً لجهة الوفاء بالشروط التي نقلها الوفد الأميركي إلى المسؤولين اللبنانيين، والتي تتركّز خصوصاً على تجفيف مصادر التمويل لـ«حزب الله»، وترجمة ذلك بإجراءات وإصلاحات وقوانين داخلية.

لكن التحدّي، وفق المصادر نفسها، سيكون في الموقف الإسرائيلي. فهل هو مرهون فعلاً بالموقف الأميركي، وهل يعني أنّ إسرائيل ستجمّد أي مغامرة في لبنان، أم إنّها في صدد التصعيد بمعزل عن موافقة واشنطن؟ وفي الأيام الأخيرة كان الضغط الإسرائيلي يتركّز على دفع الجيش اللبناني إلى دهم منازل محدّدة، تقول إسرائيل إنّها تحتوي على أسلحة للحزب. وهذا ما رفض الجيش الدخول فيه بشدة. ويُفترض أن يتضمن اجتماع «الميكانيزم» المقرر اليوم، إشارة إلى منحى التطورات المقبلة.

 

استبعاد الحرب الشاملة

لكن مصادر رسمية أبلغت إلى «الجمهورية» انّها تستبعد أن يتطور التصعيد الإسرائيلي ضدّ لبنان إلى حرب شاملة، أقله خلال هذه المرحلة، خصوصاً انّ سيناريو الاعتداءات الموضعية والمتنقلة يساوي صفر كلفة بالنسبة إلى تل أبيب على كل الصعد، وبالتالي هو الأنسب لها حتى إشعار آخر.

وأبدت المصادر في الوقت نفسه قلقها من ارتفاع وتيرة الضغوط العسكرية والمالية والسياسية والنفسية على لبنان، كبديل عن الحرب الواسعة، مشيرة إلى انّ من المرجح ان تستمر هذه الضغوط في التصاعد مع اقتراب نهاية السنة، والتي يمكن أن تشكّل حداً فاصلاً للانتقال إلى مرحلة أخرى من التصعيد، ترمي إلى الضغط على الدولة والجيش لنزع سلاح «حزب الله» من شمالي الليطاني وليس فقط جنوبه.

 

لبنان المستقر

وفي هذه الأجواء، عاد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مساء أمس، في ختام زيارة رسمية لبلغاريا التقى خلالها نظيره البلغاري رومن راديف ورئيسي مجلسي النواب والوزراء، وأثمرت اتفاقاً على البحث في تفعيل الخط الجوي المباشر بين البلدين، وتعزيز الاتفاقيات الموقّعة بينهما في اكثر من مجال، إضافة إلى المشاركة الافتراضية للقضاء اللبناني في التحقيق مع إيغور غريتشوشكين مالك سفينة «روسوس» (الموقوف في بلغاريا) التي نقلت حمولة نيترات الأمونيوم إلى لبنان، وكانت السبب في الانفجار الذي شهده مرفأ بيروت عام 2020.

وقبل عودته، التقى عون كلاً من رئيس الحكومة البلغارية روزين جيليازكوف ورئيسة مجلس النواب رايا نازاريان، وأكّد «انّ لبنان المستقر والآمن يريح الدول الاوروبية، ويمنع الاختراقات التي يمكن ان تسبب إرباكات أمنية او اجتماعية». وتطرّق عون إلى الوضع في الجنوب، فأشار إلى استمرار إسرائيل في الأعمال العدائية وانتهاك قرار مجلس الأمن الرقم 1701، وإبقاء احتلالها لأراضٍ لبنانية وعدم إعادة الاسرى اللبنانيين. وقال: «إنّ لبنان طلب من الدول الصديقة المساعدة في الضغط على إسرائيل لالتزام الاتفاق، ولكن حتى الآن لم نصل إلى نتيجة ايجابية».

 

موقف «حزب الله»

في غضون ذلك، قال الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، في كلمة له لمناسبة «يوم الشهيد» شدّد فيها على «الدور الحيوي لمجتمع المقاومة في حماية لبنان من الضغوط الخارجية». وأوضح «أنّ هذا المجتمع يشكّل خط الدفاع الأول عن الدولة، ويصونها من محاولات الإخضاع التي تتعرّض لها من أطراف خارجية»، داعيًا إلى الاستفادة القصوى من هذا المجتمع المقاوم. وأكّد «أنّ العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر بلا رادع، وأنّ الصمت على الخروقات الإسرائيلية لن يدوم طويلًا». وأوضح قائلاً: «العدو يواصل اعتداءاته، ويمنع الأهالي من العودة إلى قراهم، لكن لبنان لن يبقى متفرجًا على هذه الانتهاكات»، مشيرًا إلى «أنّ هناك حدًا للصبر، وأنّ العدوان سيكون له نهاية». ولفت إلى أنّ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يتعلق فقط بالجنوب اللبناني، وتحديدًا جنوب نهر الليطاني. وقال: «إسرائيل يجب أن تخرج من لبنان وتحرّر الأسرى، لأنّ هذا الاتفاق واضح ومُلزم، ولا يمكن تحريفه أو تغييره». وأكّد «أنّ النقاش حول مستقبل قوة لبنان وسيادته يجب أن يكون داخليًا بحتًا، من دون أي تدخّل خارجي».

وهاجم قاسم الولايات المتحدة، معتبراً انّها «تمارس وصاية مباشرة على الحكومة اللبنانية عبر الضغط الإسرائيلي»، مشدّدًا على رفض تدخّلات أميركا في الشؤون اللبنانية. وقال: «ما تطلبه أميركا من لبنان هو أوامر تُنفّذ بيد إسرائيل، وهذا التدخّل مرفوض بشكل كامل». وانتقد قاسم تصريحات الموفد الأميركي توم برّاك، الذي دعا إلى «تسليح الجيش اللبناني لمواجهة الشعب المقاوم». متسائلاً: «كيف يمكن للحكومة أن ترضى بذلك؟» وقال: «لن أناقش خدّام إسرائيل الذين لا يدافعون عن وطنهم ولا يستنكرون الاعتداءات الإسرائيلية، بل أسأل الأحرار: لماذا لا تضع الحكومة خطة زمنية لاستعادة السيادة الوطنية وتكليف القوى الأمنية بتنفيذها؟».

وعن الخروقات الإسرائيلية أشار قاسم إلى تصريحات المتحدث باسم قوات «اليونيفيل»، الذي أكّد أنّ إسرائيل ارتكبت أكثر من 7 آلاف خرق في جنوب لبنان، في حين أنّ المقاومة لم تُسجّل أي خرق. وأوضح، أنّ البعض ما زال يصرّ على تحميل لبنان المسؤولية، بينما الحقيقة أنّ المشكلة الأساسية تكمن في إسرائيل.

وحذّر قاسم من أنّ استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى مزيد من التدهور، قائلاً: «إذا كان الجنوب يعاني اليوم، فإنّ النزيف سيطاول كل لبنان بسبب أميركا وإسرائيل. لا يمكن أن يستمر الوضع كما هو، فلكلّ شيءٍ نهاية، ولكلّ صبرٍ حدود».

 

حشد إسرائيلي

ميدانياً، أعلنت قوات «اليونيفيل» على لسان نائب المتحدث باسم الأمين العام للامم المتحدة فرحان حق، عن رصد 88 آلية للقوات الإسرائيلية بما في ذلك دبابات ميركافا، داخل منطقة العمليات أمس، بعدما كانت قد رصدت 100 آلية في اليوم الذي سبقه. كذلك رصدت طائرة مقاتلة تحلّق فوق موقع «اليونيفيل» في القطاع الشرقي، بالإضافة إلى طائرة مسيّرة (درون) تعمل بالقرب من موقع أممي في القطاع الغربي.

وأضافت، انّها تواصل اكتشاف مخابئ الأسلحة والبنى التحتية غير المصرّح بها. وعثرت على صواريخ غير محروسة ونفقين قرب قرية شيحين في القطاع الغربي، إلى جانب لغمين أرضيين مضادين للدبابات بالقرب من رميش. وأشارت «اليونيفيل» إلى أنّها، «ومنذ تفاهم وقف الأعمال العدائية العام الماضي، اكتشفت ما يقرب من 360 مخبأ غير محروس و300 ذخيرة غير منفجرة. وقد تمّ تحويل كل هذه المكتشفات إلى الجيش اللبناني، وفقاً للممارسة المتبعة».

وقد تواصل الخرق الإسرائيلي لاتفاق وقف اطلاق النار، حيث استهدفت المدفعية الإسرائيلية أحد أحياء بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل، فيما القت مسيّرة قنبلة صوتية على سطح مركز الدفاع المدني التابع للهيئة الصحية في بلدة الطيبة. وتسلّلت قوة من الجيش الإسرائيلي فجر أمس إلى منطقة الخانوق في بلدة عيترون وفجّرت أربعة منازل. كذلك ألقت مسيّرة قنبلة على بلدة الضهيرة.

في غضون ذلك، قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية «إنّ اتفاق وقف النار قد ينهار خلال أيام، بل إنّ بعض المراقبين يجادل بأنّ الاتفاق بات فعليًا «حبرا على ورق». وتحدثت عن «ارتفاع احتمالات أن تتطور الهجمات الإسرائيلية في الأسابيع المقبلة إلى حرب شاملة جديدة، وأن يفضّل «حزب الله» – رغم ضعفه الحالي – خيار الحرب على خيار نزع السلاح. فما زال الحزب يمتلك آلاف الصواريخ والمسيّرات القادرة على ضرب شمال إسرائيل ووسطها، وهو ما يعني أنّ عودة النيران إلى بلدات الشمال الإسرائيلي، بعد أشهر قليلة فقط من عودة السكان إلى منازلهم، احتمال لا يمكن الاستهانة به».

 

قانون الانتخاب

من جهة ثانية، لم يحجب الإنشداد إلى زيارة وفد الخزانة الأميركية الرفيع المستوى الاهتمام بما آلت اليه المعركة السياسية حول قانون الانتخابات النيابية، الذي مرّ أسبوع على إقرار طلب تعديله في مجلس الوزراء.

وعلمت «الجمهورية»،‏ انّ الرئيس جوزاف عون لم يوقّع بعد مرسوم إحالة مشروع قانون الحكومة إلى المجلس النيابي، ويُنتظر أن يوقّعه خلال ساعات بعدما عاد من بلغاريا.

واكّد مصدر نيابي بارز لـ«الجمهورية»، انّ مسار القانون لا يزال ضبابياً، خصوصاً انّه يحمل صفة العجلة من الحكومة، ما يفرض وضعه على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب خلال أسبوعين كحدّ أقصى من تسلّمه اللجنة المختصة، وإذا بتت او لم تبت به ففي كلا الحالتين يحال إلى اللجان النيابية المختصة ومنها إلى الهيئة العامة، كأولوية. وأضاف المصدر، انّ المرحلة الثانية تأخذ مسارين لا ثالث لهما، اما أن تُعقد جلسة تشريعية وتتمّ تلاوة مشروع القانون، وحتى إذا لم يبت به، فإنّ الحكومة تستطيع إصداره بمرسوم خلال 40 يوماً، شرط ان تتمّ تلاوته بحسب المادة 38 من النظام الداخلي لمجلس النواب والمادة 58 من الدستور، وأما الّا تُعقد جلسة تشريعية ويبقى معلقاً...وعليه، فإنّ القانون أخذ مساراً إجرائياً، ويبقى رهن التوافق في اللجان. لكن، وبحسب المصدر، أصبح التوافق صعباً والحلول الوسطى غير ممكنة، بسبب السقوف العالية التي وضعها كل فريق في وجه الآخر.

واشار المصدر، إلى انّ المعركة تحولت إلى «قضية حياة او موت»، ولا أفق للحل حالياً، في انتظار كلمة السرّ الخارجية التي ربما تأتي مع الموفد السعودي الامير يزيد بن فرحان في زيارته المرتقبة، والمرجحة اليوم.

وعلمت «الجمهورية»، أن لا جلسة تشريعية سيدعو اليها رئيس مجلس النواب في المدى المنظور، خصوصاً بعد تعطيل الجلستين السابقتين بفعل المقاطعة.

 

لجنة إعادة الإعمار

إعمارياً، اجتمعت أمس اللجنة الوزارية لإعادة الإعمار والتعافي برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام، وحضور الوزراء ومسؤولي المؤسسات المعنية. وبحث المجتمعون في آلية تحديد ودفع المساعدات والتعويضات عن الأضرار اللاحقة بالوحدات السكنية وغير السكنية الناتجة من العدوان الإسرائيلي بعد 8 تشرين الأول 2023، وكذلك الأضرار الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت. وناقشت اللجنة ضرورة تصنيف المتضررين وتحديد أولويات التعويض استناداً إلى حجم التمويل المتاح، وتمّ التوافق على الآتي:

1- إنهاء أعمال مسح الأضرار والكشوفات الميدانية من قبل الهيئة العليا للإغاثة ومجلس الجنوب.

2- استكمال عملية التحقق من تقييم الأضرار من خلال جهة استشارية مستقلة ذات اختصاص فني.

3- البدء بترميم المباني المتضررة إنشائياً.

4- إعطاء الأولوية لإصلاح الوحدات السكنية المتضررة جزئياً، بهدف تأمين عودة الأسر إلى منازلها في أسرع وقت ممكن.

5- اعتماد مقاربة «إعادة البناء بشكل أفضل» (Build Back Better) في إعادة إعمار القرى الجنوبية التي تعرّضت لدمار واسع.

6- تشكيل فريق تقني متخصّص يتولّى متابعة تنفيذ هذه البنود، ويضمّ ممثلين عن رئاسة مجلس الوزراء، مجلس الإنماء والإعمار، الهيئة العليا للإغاثة، مجلس الجنوب، ووزارة المهجّرين.

وسيُستكمل النقاش في الاجتماع المقبل، تمهيداً لرفع المقترحات النهائية إلى مجلس الوزراء لإقرارها.