الأحداث - صدر للشاعر والصحافي والناقد الأدبي والأستاذ الجامعي عقل العويط سيرة روائيّةٌ شعريّة بعنوان "كتاب الغرفة"، وهو الإصدار الثامن عشر في مسيرته. وقد شغل العويط منصب مدير تحرير الملحق الثقافي في جريدة "النهار" منذ عام 1996، وما زال يكتب فيها حتى اليوم. كما تولّى تدريس الأدب والصحافة في جامعة القديس يوسف في بيروت.
أصدر العويط مجموعاتٍ شعريّة عدّة، تُرجِم معظمها إلى لغاتٍ عديدة، منها الفرنسية والإنكليزية والإسبانية والإيطالية والألمانية. كما نُشرت له مختارات وأنطولوجيات في مجلاتٍ أدبيّة مختلفة، وصدر له عام 2006 أنطولوجيا عن دار ميريت للنشر.
أما إصداره الحديث، فهو كتابٌ يولد من غرفة، وسيرةٌ روائيّةٌ شعريّةٌ يكتبها شاعرٌ يودّع غرفةً شيّدها وأثّثها كآدم في أعقاب سقوطه من الجنّة.
وهو كتابٌ يصنع جنّته الأدبيّة، فيما هو يستغرق في كتابة سيرةِ كائنٍ فردٍ يتفرّد في استحضار العالم والكون والكينونة إلى غرفةٍ وطاولةٍ للكتابة ومكتبةٍ وسريرٍ وسائر أشياء الحياة وكائناتها.
وهو كتابُ سيرةِ جيلٍ لبنانيّ ولد في مطالع الخمسينات من القرن العشرين.
وهو كتابٌ عن لبنان الحلم والدم والحرب والمأساة والخراب. عن العزلة والوحدة والتقشّف والرضا. عن المرأة والحبّ والجنس والموت. عن الطفولة ورعونة الشباب. عن الألم والمرايا. عن الجامعة اللبنانيّة وكلّيّة التربية وحركة الوعي ولبنانها الذي جعله السلاح والقتل مستحيلًا. عن القهوة وفنجان القهوة الصباحيّ. عن الكتب والمكتبة والموسيقى والرسوم. عن الليل وبيروت ورأس بيروت والصحافة و"النهار" و"ملحق النهار" الثقافيّ واللغة العربيّة.
عندما بدأ المؤلّف كتابةَ هذا النصّ، حيث العيشُ والمكتب والكتاب والمكتبة والسرير والشرفة البحريّة، والذات والعالَم والأنا والآخر، كانت الغرفة هي جسده وكيانه ومتّكأه وبطلته.
لم يخطر في باله أنّه قد يتوغّل في ما يشبه "الانهيار الثلجيّ" الذي تتدفّق معه فصولٌ وملامحُ من لغته وأسلوبه وأناه، وذكرياتِ حياته والحوادث والأزمنة والأمكنة، والتأمّلات والتداعيات والاستدعاءات والخواطر والمشاعر.
حالةٌ في الكتابة توازي انكشافَ فجوةٍ غائرةٍ في الكيان، في الزمن، في تأليف اللغة، وقد طفتْ بجموحٍ على السطح.
اكتشف الكاتب أنّ التشلّق الثلجيّ لا يتوقّف، وأنّ السيل الكتابيّ يجرف في مساره الحالات والاستذكارات نحو نوعٍ من الانسياب السرديّ الصوفيّ الأليف. حيث لا فوضى، بل اجتماعٌ استحضاريٌّ، قوامُهُ الوئامُ والمكاشفةُ والرحابةُ والتضامنُ والاتّحادُ القلبيُّ – العقليُّ – اللغويُّ – الأسلوبيّ.
كاجتماعِ الذاتِ مع الذات.
كانضمامها على نفسها، بما فيها من متناقضاتٍ وندوبٍ وكسورٍ، وأملٍ وحبٍّ وعدمٍ ويأسٍ، وعيشٍ وموتٍ ورفضٍ للموت.
كانضمامِ وقائعَ وحوادثَ وإخوةٍ وأخواتٍ وأحبابٍ، من أزمنةٍ وأمكنةٍ وأعمارٍ وحالاتٍ مختلفة، حول مائدة البيت، وهي مائدة الغرفة.
حصل ذلك كما في زمنٍ واحدٍ تتداخل فيه الأزمنة، ويتواءم فيه الليل والنهار، ويتكاثف اختلاطهما، حدّ الإحساس بأنّ التدفّق يحصل في لحظةٍ واحدةٍ، حيث الحاضر والماضي معًا، وحيث ينغمس الماضي والحاضر في الآن نفسه، وفي الإناء نفسه.
وقد استنتج الكاتب بعد أشهرٍ كتابيّةٍ متلاحقةٍ من صيف 2016 وخريفه، أنّ ما ظنّه، بدايةً، محضَ فصلٍ أو مقطع، هو في حقيقته شيءٌ من حالةٍ سرديّةٍ، من سيرةٍ، من نصٍّ مفتوحٍ، ومن كتاب. لذا، رأى أنّه يجوز استدخالُ نصوصٍ متوائمةٍ أخرى فيه، كُتِبتْ في مراحل لاحقة.
وهذا ما كان.
عندما قرأتْ مخطوطتَه امرأةُ المدفأة والنبيذ والجبنة الفرنسيّة قالت إنّه نصٌّ مفتوح. بل سيرةٌ، سيرةٌ ذاتيّة، أو بعضُ محطّاتٍ وشذراتٍ منها، بما فيها من أزمنةٍ متداخلةٍ ومتنامية، وتأمّلاتٍ وجوديّة، على هوى السرد الروائيّ.
الآن، ماذا يسمّي الكاتب هذه الحالة الكتابيّة؟ نصًّا مفتوحًا؟ سردًا متداخلَ الأزمنة؟ سيرةً ذاتيّة؟ أم أوانيَ مستطرقة؟
أهو كتابُ الغرفة؟ أهو سيرتُها؟ أم بعضُ لغته وأسلوبه وعمره وسيرته...؟
إنه كتاب الكائن البشريّ، وهو نصٌّ، كعشاءٍ سرّيٍّ ليس فيه خائنٌ.
من باب الاصطلاح والتجاوز، رأيناه يسمّيه "كتاب الغرفة".
إنه كتاب الكائن البشريّ وسيرة سقوطه في الزمن "مثلما يسري رحيق المطلق في الهنيهة" الشعريّة والروائيّة.
للشاعر:
1. كتاب الغرفة، هاشيت/أنطوان، بيروت، 2025.
2. السيّد كوبر وتابعُهُ، هاشيت/أنطوان، بيروت، 2023.
3. البلاد (بالعربيّة والفرنسيّة)، هاشيت/أنطوان، 2022.
4. آب أقسى الشهور يشعل الليلك في الأرض الخراب، دار نلسن، بيروت، 2021.
5. الرابع من آب، شرق الكتاب، بيروت، 2020.
6. L’échapée - l’Orient des livres – Beyrouth - 2016
7. سكايبينغ، هاشيت/أنطوان، بيروت، 2013.
8. وثيقة ولادة، دار الساقي، بيروت، 2011.
9. إنجيل شخصي، دار النهار للنشر، الدار العربيّة للعلوم ناشرون، بيروت، 2009.
10. سماء أخرى، مختارات شعريّة، دار ميريت، القاهرة، 2002.
11. سراح القتيل، دار النهار للنشر، بيروت، 2001.
12. افتحي الأيام لأختفي وراءها، دار النهار للنشر، بيروت، 1998.
13. مقام السروة، دار النهار للنشر، بيروت، 1996.
14. لم أدعُ احدًا، دار الجديد، بيروت، 1994.
15. تحت شمس الجسد الباطن، دار النهار للنشر، بيروت، 1991.
16. قراءة الظلام، دار بيبلوس للنشر والتوزيع، بيروت، 1986.
17. المتكئة على زهرة الجسد، المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت، 1985.
18. ماحيًا غربة الماء، دار النهار للنشر، بيروت، 1981.