Search Icon

عقدة النائب العام المالي حلّت و"الورشة القضائية" تنطلق

منذ 10 ساعات

من الصحف

عقدة النائب العام المالي حلّت والورشة القضائية تنطلق

الاحداث- كتب طوني كرم في صحيفة نداء الوطن يقول:"زيارة، هي الأولى بالشكل والمضمون، قام بها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى العدلية، حاملاً رسالة دعم واضحة للقضاء في توقيت بالغ الدقة، مع تصاعد استدعاءات وملاحقات تطال وزراء وموظفين كبارًا. وتزامنت الزيارة مع فك عقدة تعيين النائب العام المالي وانكباب مجلس القضاء الأعلى على إنجاز ورشة تشكيلات شاملة، تكرّس مشهدًا قضائيًا استثنائيًا بعد مسار طويل من التجاذبات السياسيّة.
نجحت الاتصالات الحميدة في إخراج موضوع تعيين النائب العام المالي من دائرة التحدي، بعد لقاءات هدفت إلى تذليل التشنجات بين وزير العدل عادل نصار ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي حرص بدوره وفق معلومات "نداء الوطن" على ضمان الانتظام المطلوب في العدلية، ما أفضى إلى توافق على توجّه وزير العدل إلى طرح تعيين القاضي ماهر شعيتو، الذي حظي بتزكية، من بين عدد من زملائه الكبار، نائبًا عامًا ماليًا داخل مجلس الوزراء، منهيًا بذلك مرحلة مراوحة كادت تؤخر تعيين نائب عام مالي بالأصالة.

التعيينات التي تمكَن وزير العدل عادل نصار من إقرارها في مجلس الوزراء، ساعدت في إعادة إطلاق حركة مجلس القضاء الأعلى بعد جمود طويل. بموازاة انشغال السلطة التنفيذية بتعيين سبعة أعضاء في مجلس القضاء الأعلى، بينهم مدّعي عام التمييز القاضي جمال الحجار ورئيس هيئة التفتيش القاضي أيمن عويدات، استطاع مجلس القضاء الأعلى برئاسة الرئيس الأول سهيل عبود، القيام بتشكيلات جزئية شملت تعيين رؤساء غرف محاكم التمييز ورؤساء غرف الاستئناف. وقد استكمل الرئيس الأول عبود عقد المجلس بكامل أعضائه، بدعوة إلى انتخاب رئيسَيْن من بين رؤساء محكمة التمييز، في إطار سعي واضح لإعادة انتظام عمل مجلس القضاء الأعلى، ووضعه على السكة الصحيحة.

هذه الخطوات، وعلى أهميتها، رأى فيها مصدر قضائي في مقاربته التحديات لا بل التطورات التي يشهدها مرفق العدالة مع "نداء الوطن"، بأنها تشكّل ركيزة "ورشة تأسيسية" حقيقية تهدف إلى إنجاز تشكيلات قضائية شاملة (خلال أيام)، تهدف إلى وضع القاضي المناسب في المكان المناسب، وإطلاق عمل المحاكم بفعالية مع بداية السنة القضائية في 15 أيلول المقبل. تلك الورشة تهدف أيضاً إلى تفعيل مبدأ التنقية الذاتية داخل القضاء، وتعزيز قدرته على ملاحقة ملفات الفساد وسائر القضايا التي تتصل بمسؤوليته، بما يضمن تطبيق القانون وحماية حقوق المتقاضين من دون أي اعتبارات سياسية أو تدخلات.

ويظهر من المؤشرات التي تلوح في المشهد القضائي أنّ هذه الورشة بدأت تعطي ثمارها بالفعل، سواء على صعيد التعيينات الجزئية المنجزة أو عبر حركة الملاحقات القضائية التي انطلقت، في ملفات الفساد أو في مسار التنقية الذاتية.

هكذا، جاءت زيارة الرئيس عون إلى العدلية يوم الجمعة في الرابع من تموز، لتترجم دعمًا مباشرًا للسلطة القضائية وتشجيعها على الاستمرار بخطواتها الإصلاحية بلا تردد، في ظل رهان واضح على دور القضاء كمرتكز أساس لمحاربة الفساد. كما أن تزامن الزيارة مع التحضيرات الحثيثة لإنجاز التشكيلات الشاملة، بعد سنوات من تعطيلها وعرقلتها، زاد من رمزيتها وأهميتها في تثبيت استقلال القضاء.

ووفق معلومات "نداء الوطن"، فإن مجلس القضاء الأعلى يعقد اجتماعات مفتوحة بوتيرة عالية، حتى خلال عطلات نهاية الأسبوع والعطل الرسمية (حيث سُجل اجتماعه يوم أمس، الإثنين، رغم إقفال الإدارات لمناسبة عاشوراء)، في إطار سباق مع الوقت لإنجاز ورشة كاملة للنهوض في القضاء، وتفعيل عمله مع وضع التشكيلات القضائية الشاملة موضع التنفيذ، خلال الأيام القليلة المقبلة، على أن لا يتجاوز تاريخ صدور التشكيلات العشرين من تموز الجاري، تمهيداً لمواكبة فتح ومتابعة التحقيقات في الملفات الحساسة التي يلاحقها القضاء، لا سيما تلك المرتبطة بشبهات هدر المال العام والفساد مع إطلاق انتظام عمل المحاكم مطلع السنة القضائية في منتصف أيلول.

من هنا، يمكن القول إن زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى العدلية لم تكن حدثاً بروتوكولياً عابراً، بل تأكيدًا عمليًا أن مكافحة الفساد لا يمكن أن تتحقق إلا بقضاء مستقل وفاعل ومتحرر من الضغوط، في توقيت دقيق يشهد تحولات مفصلية داخل السلطة القضائية، وخطوات هيكلية ستحدد مسار العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب في لبنان لسنوات مقبلة.