Search Icon

عاصمة شمال لبنان تخرج من الانتخابات المحلية بلا أكثرية مطلقة
غياب النساء والتمثيل المسيحي عن مجلس بلدية طرابلس

منذ 3 ساعات

من الصحف

عاصمة شمال لبنان تخرج من الانتخابات المحلية بلا أكثرية مطلقة
غياب النساء والتمثيل المسيحي عن مجلس بلدية طرابلس

الاحداث- كتبت صحيفة الشرق الاوسط تقول:"استفاقت عاصمة شمال لبنان، مدينة طرابلس، على مشهد سياسي جديد، كشف عن تناقضات المدينة وهشاشة خياراتها الانتخابية.

بعد 75 ساعة من الفوضى والتأخير والشكاوى، أعلنت لجنة القيد العليا نتائج انتخابات البلدية، التي شهدت فرزاً مضنياً، وأخطاءً في المحاضر، وأداءً متعثراً لرؤساء الأقلام، إضافة إلى اتهامات طالت محافظ المدينة رمزي نهرا، ما دفع مجلس الوزراء إلى وضعه بتصرّف وزير الداخلية.

جميع هذه الظروف شكّلت خلفية مأزومة لنتائج أحدثت «زلزالاً» سياسياً واجتماعياً في مدينة تغلي على حافة الأزمات.

وفاز في الانتخابات 12 مرشحاً من لائحة «رؤية طرابلس» المدعومة من النواب: فيصل كرامي وأشرف ريفي وطه ناجي وكريم كبّارة، و11 مرشحاً من لائحة «نسيج طرابلس» المدعومة من النائب إيهاب مطر، ومرشح وحيد من «حراس المدينة» (المجتمع المدني). وبحسب هذه النتائج، لم يتمكن أي طرف من الحصول على الأغلبية المطلقة، ما ينذر بشلل إداري وصراعات محتملة على التوازنات والتحالفات.

سقوط العرف

وكان لافتاً سقوط العرف فيما يتعلق بالتمثيل المسيحي والعلوي في المدينة؛ إذ درجت المجالس على ضم ثلاثة أعضاء مسيحيين (أرثوذكسيان وماروني)، وعضوين علويين و19 عضواً من السنّة.

فعلى الصعيد العلوي، نجح عضو هو عادل عثمان من لائحة «رؤية طرابلس»، فيما غاب التمثيل المسيحي بالكامل ولم ينجح أي من المرشحين الخمسة المنتمين للطائفة المسيحية.

ويقول إلياس برصان، أحد المرشحين المسيحيين الذين انسحبوا من خوض الانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»: «193 صوتاً فقط شكلت الفارق بين المرشح المسيحي رشيد شبطيني وآخر الفائزين، ما يثبت أن طرابلس لم تصوّت طائفياً، بل إن المشكلة الحقيقية كانت في تدنّي نسبة الإقبال المسيحي على التصويت».

ويضيف: «ترشح خمسة فقط من المسيحيين للمجلس البلدي يعكس غياب الحماسة، وربما شعوراً بالتهميش، إذاً من أصل أكثر من 16 ألف ناخب مسيحي، صوّت نحو ألف وخمسمائة فقط، وهذا نتيجة لتراكمات شعور بالإقصاء».

ويتابع برصان: «لا يمكن المطالبة بعيش مشترك في طرابلس من طرف واحد فقط. المسيحيون يدفعون اليوم ثمن عقلية الغلبة التي تحكم البلد منذ سنوات. المطلوب اليوم خطاب وطني جامع لا يقتصر على العاصمة، بل يشمل كل المناطق ويعيد الاعتبار للأقليات ودورها. نحن، كمسيحيين، نحب طرابلس ونريد أن نكون جزءاً من مستقبلها، لكن لا يمكن أن نبقى على الهامش، وكأن وجودنا تجميلي أو رمزي فقط».

عقلية إقصائية

إضافة إلى ذلك، أسفرت الانتخابات عن مجلس بلدي مؤلف فقط من الرجال، وهي المرة الأولى منذ عام 2004 التي تغيب فيها المرأة عن عضوية المجلس البلدي في طرابلس، رغم الدعم الرمزي وبعض الحملات الإعلامية. وحلّت المرشحة رنا العلي في المرتبة الـ30، تلتها رويدا الرافعي في المرتبة الـ33، ما يعكس ضعف التصويت الذاتي للنساء وانعدام الحماسة الشعبية لتغيير التمثيل التقليدي.

أكدت المحامية جودي فتفت، مسؤولة قسم «المراقبة طويلة الأمد في الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات»، أن نتائج الانتخابات كشفت مشهداً مثقلاً بالتحديات، خصوصاً على صعيد مشاركة المرأة.

وقالت فتفت لـ«الشرق الأوسط»: «غياب التمثيل النسائي الكامل في المجلس البلدي لا يمكن اعتباره إخفاقاً انتخابياً عابراً، بل مؤشر بارز على تراجع ديمقراطي في مدينة كانت تاريخياً تعددية ومنفتحة». وأضافت: «بعد دورات سابقة شهدت حضوراً نسائياً متفاوتاً، انخفض عدد النساء في دورة 2025 إلى الصفر، مما يدل على أن تقدم المرأة اصطدم بجدار من العقلية الإقصائية».

وأوضحت فتفت أن الإقصاء لم يكن نتيجة نقص الكفاءة، بل خيارات سياسية متعمدة من قوى نافذة تجاهلت مبدأ الشراكة، مشيرة إلى أن أسماء نساء سُحبت من اللوائح أو تم تقزيم حضورهن بشكل رمزي في عدد من الأحياء، ما يعكس خللاً عميقاً في التفكير.

وشددت على أن «هذا الغياب يعبر عن حاجة ملحة لإقرار كوتة نسائية فعلية تضمن وصول النساء إلى مواقع القرار، خصوصاً في البيئات المحافظة التي لا تزال تحكمها صور نمطية تقليدية». أما بالنسبة للتعدد الطائفي، فأكدت أن القانون الانتخابي لا يكرّس المحاصصة الطائفية، وأن الحديث عن التوزيع الطائفي داخل المجلس يشكل خطوة إلى الخلف، مع ضرورة تشجيع المشاركة الشاملة بعيداً عن الأسس المذهبية.

تحديات متجذرة

عبّرت المرشحة مروة ملقي عن خيبة أملها الكبيرة بسبب غياب التمثيل النسائي في المجلس الجديد. وأوضحت في حديثها مع «الشرق الأوسط»، أن دعم النساء كان شكلياً أكثر منه فعلياً، وأن المعركة الانتخابية كانت محصورة في صراعات رجال الأعمال والقوى السياسية حول رئاسة البلدية، مع إغفال تام لقضايا النساء وقيادتهن.