Search Icon

سلامة: الاستشراق موضوع قديم جديد والانتماء الى ثقافة واحدة لا يعني بالضرورة التشارك في نفس الافكار

منذ 4 ساعات

سلامة: الاستشراق موضوع قديم جديد والانتماء الى ثقافة واحدة لا يعني بالضرورة التشارك في نفس الافكار

الاحداث - رأى وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة "ان موضوع الاستشراق قديم - جديد، قديم بمعنى أن موضوع مساجلة المستشرقين بدأت منذ زمن، وأخذت طابعا عالميا مع صدور كتاب إدوارد سعيد عام 1972، ولكن هناك استشراق جديد موجود في مؤسسات أخرى مثل مراكز البحوث واللوبيات والشركات التجارية العملاقة، ويتم إيصال أفكاره من خلال وسائل جديدة، يحمل أحيانا نفس الصور النمطية، ولكن يضيف إليها الصورة، والصورة تضيف الكثير للرسالة النصية، لذلك فإن فاعلية الاستشراق الجديد لا يستهان بها.

وقال في حديث مع جريدة" الشرق القطرية"، لمناسبة مشاركته كمتحدث رئيسي في المؤتمر الدولي للاستشراق في الدوحة تحت شعار "نحو تواصل حضاري متوازن": "ان المفاهيم لم تتغير بصورة أساسية لكن وسائل التعبير عن الاستشراق تنوعت لاسيما من خلال وسائل الاتصال الحديثة وسبل التواصل أصبحت أوسع بكثير مما كانت عليه قبل أربعين عاما". والاستشراق ليس الوحيد الذي يستفيد من هذه الثورة الرقمية".

وحول اهمية طرح هذا الموضوع الاشكالي، قال الوزير سلامة :" موضوع الاستشراق ما زال مفتوحا. ربما لدي رأي في هذا الموضوع، ولقد عبرت عنه في المؤتمر. الرأي الغالب أن هناك غربا مستشرقا ونحن مادة بحثهم وبالتالي إما عن سوء نية أو عن جهل هذا الاستشراق يكتب عنا أشياء لا يمكن أن نتقبلها وأعتبرها خاطئة أو مغرضة أو لها طابع السيطرة السياسية التي تختبئ وراء الدراسات الأكاديمية، ولقد عبر كثيرون في هذا المؤتمر كما عبر قبلهم كثيرون عن تأففنا وغضبنا من عدم دقة المستشرقين في عملهم، أو عدم موضوعيتهم في ما ينقلون، أو أحيانا في استعمال معرفتهم بالمنطقة لأهداف سياسية، هذا كلام بات كلاسيكيا عن الاستشراق ولا أجده جديدا. أعتقد أنه علينا أن نسبر أغوار هذه الظاهرة أكثر، ونضعها في السياق التاريخي الذي أنا مقتنع به، وآمل أني أقنعت بعض العاملين في هذا المجال، وأنه في كل مرحلة تاريخية تضعف أو تنهار فيها الأيديولوجيات الكبرى تحل مكانها ظاهرة الثقافوية"

أضاف :"ونحن في نهاية القرن العشرين خصوصا مع انتهاء الحرب الباردة ومع انفجار ظاهرة العولمة رأينا تماما ذلك. رأينا انهيارا لأيديوليوجيات القرن العشرين، وأعني بذلك الاشتراكية والشيوعية والقومية العنصرية على الطريقة الهتلرية.. عندما تهبط الأيديولوجيات يتغير السؤال الأساسي وهو: ما هو رأيك؟ ولقد شاهدنا في عدد كبير من النزاعات أنه داخل العائلة الواحدة قد تكون الثقافة المشتركة، ولكن في عصر الأيديولوجيات قد تكون الأفكار مختلفة داخل العائلة الواحدة. مثلا عندما انفجرت الثورة الأهلية اليونانية عام 1947 هناك دراسة قيمة جدا تشير إلى أن العائلات انقسمت قد يكون أخ إلى جانب الشيوعيين وأخ آخر إلى جانب الملكيين، وحدث نفس الشيء في الثورة الإسبانية الأهلية وفي أماكن أخرى كثيرة ولاسيما في الصين، إذا الانتماء إلى ثقافة واحدة لا يعني التشارك في نفس الأفكار بالضرورة، بينما الثقافوية أي المبالغة في إعطاء الثقافة دورا في تكوين الوعي السياسي تشير إلى شيء آخر وهو أن السؤال المهم ليس: ما هو رأيك؟ لكن السؤال: ما هو لون بشرتك؟ أو ما هو دينك؟ أو ما هو مذهبك؟ أو ما هو جنسك؟ أو ما هي مهنتك؟ لأن كل هذه العناصر تشكل هويتك وبالتالي أن أسير هذه الهوية وأفكارك ليست مهمة لأن السؤال المهم بالنسبة للثقافويين هو من أنت؟ وليس بماذا تفكر؟

وهل هذا يشير الى  وجود  فجوة ثقافية كبيرة مع رحيل زمن الأيديولوجيات؟ أجاب سلامة :""نحن دخلنا في عصر الثقافويين التي عبرت عن نفسها في عدة تعابير مثلا فكرة الإمبريالية الثقافية لم تكن موجودة، الاستشراق هو نفسه، والقول بصراع الحضارات أو بتحالفها أو حوارها هو أيضا تعبير ثقافوي لأنه يعتبر أن الحضارات حلت مكان الدول، وأصبحت تتصارع وتتصالح. أنا لا أعتقد أن الحضارات لاعب دولي، بل هي مخزن من القيم والذكريات والأفكار التي نعود إليها لنستقي منها جزءا من هويتنا. لذلك لم أسر في التيار الثقافوي رغم أني وزير الثقافة. أعتقد أن المبالغة في إعطاء الثقافة هذا الدور في تكوين أفكارنا أمر خطير لأنه يقلل من قدرة الفرد على اختيار أفكاره واختيار مواقفه.

وعن اجواء لقاءاته مع المسؤولين في دولة قطر، لفت سلامة الى انه لمس لديهم الاستعداد لدعم ومساعدة لبنان وترحيب واهتمام بعدد من الأفكار التي طرحها. كما ان لبنان امام عدد من التحديات المهة والكبيرة والتي يصعب عليه مواجهتها بمفرده".

أضاف :"وقطر يمكن أن تساعدنا اقتصاديا وتنمويا واستثماريا، ويمكن لها أن تساعد سياسيا ودبلوماسيا ولدينا في هذا المجال  مناطق ما زالت محتلة من قبل إسرائيل وعمليات تقوم بها إسرائيل بين الحين والآخر رغم وجود القرار 1701 وترتيبات نوفمبر الماضي ونحن بحاجة إلى دعم دبلوماسي في القواسم الكبرى كما في المنظمات الدولية من قبل الدول الشقيقة و بالذات من قطر .

ورأى سلامة ان "الحرب على غزة تجاوزت ازدواج المعايير الى انعدامها وفي هذه الحرب سمح لإسرائيل ما لم يسمح لأحد غيرها فهي تقتل، تدمر، تهجر، تشرد الناس، تستبيح كل شيء.  وهذا لا نسميه ازدواج المعايير، هذا انعدام المعايير". وقال :" نحن نشهد إزالة المعايير التي كانت سائدة في العالم لعقود، لا بل لقرون، وبذلك وضعت القوانين الدولية والأعراف الدولية في الثلاجة. ولكن توخيا للدقة نقول إننا لم نجد من الدول العربية والشعوب الشقيقة للشعب الفلسطيني ما كان يمكن أن نتوقعه من تضامن لكي نعوض هذا التساهل الغربي مع إسرائيل. ربما التساهل الغربي مع إسرائيل ليس جديدا لكن في السابق كنا نرى تضامنا عربيا وإسلاميا يعوض بعض الشيء هذا التساهل الغربي. وهذا مؤسف أننا لم نلمس هذا التضامن خلال الحرب المستمرة على غزة".

وحذر وزير الثقافة  من  ا"ستمرار علاقة انعدام الثقة، ومن التصادم، ومن الاختلاف المتكرر داخل مجلس الأمن وداخل المنظمات الأخرى بين الدول الكبرى لان الدول الصغرى ستدفع الثمن ". لافتًا الى انه "عند  تعطل قلب النظام الدولي وهو مجلس الامن ونادي الدول الكبرى فإن تداعياته نراها في كل مكان حتى في قرية كونجولية نائية".