الاحداث- واصلت إسرائيل، يوم الأحد، شن ضرباتها الجوية داخل إيران، لليوم الثالث على التوالي، مستخدمة قوة أكبر في العاصمة طهران، في حين تمكنت بعض الصواريخ الإيرانية من تجاوز الدفاعات الجوية وضربت مباني في عمق الأراضي الإسرائيلية، مما أدى لمقتل العشرات في البلدين. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن السلام سيعمُّ بين طهران وتل أبيب قريباً، وحذّر إيران من قصف أهداف أميركية.
ودوَّت، الأحد، أصوات انفجارات جديدة في وسط ومحيط العاصمة طهران، مع مواصلة سلاح الجو الإسرائيلي شنّ ضربات في مناطق عدة من إيران، وبعد ساعات قليلة شنت طهران ثالث موجة من ضربات صاروخية واسعة على تل أبيب.
وقالت السلطات الإسرائيلية إن فِرق الإنقاذ مشّطت أنقاض مبانٍ سكنية مدمَّرة في الغارات، بالاستعانة بالمصابيح والكلاب المدرَّبة؛ للبحث عن ناجين، بعد مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص؛ بينهم أطفال. وقالت إيران إن ما لا يقل عن 138 شخصاً قُتلوا جراء الهجمات الإسرائيلية منذ الجمعة، من بينهم 60 شخصاً، نِصفهم أطفال، سقطوا، أمس السبت، عندما دمَّر صاروخ مبنى سكنياً من 14 طابقاً في طهران. وقالت السلطات الإسرائيلية إن 10 أشخاص، على الأقل، قُتلوا ليلاً، بينهم ثلاثة أطفال، وأُصيب أكثر من 140 آخرين بسبب صواريخ سقطت على منازل في شمال ووسط إسرائيل.
وللمرة الثانية منذ اندلاع الحرب، استهدفت إسرائيل الجانب العسكري من مطار مهر آباد في غرب طهران، علاوة على تنفيذ ضربات على مقرات لـ«الحرس الثوري» في منطقة ماهيدشت غرب طهران، وأظهرت مقاطع الفيديو تصاعد الدخان في منشأة رادار ببلدة قدس المحصَّنة بين طهران وكرج.
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن هجوماً استهدف مبنى تابعاً لمقر البرلمان الإيراني في منطقة بهارستان، وسط طهران، كما استهدف هجوم جوي مطاراً عسكرياً قرب البرلمان في شارع بيروزي الذي ينتهي شرقاً بمقرات رئيسية لقيادة «الحرس الثوري» والجيش الإيراني.
وأشارت أيضاً إلى دويِّ انفجارات في محيط میدان ولیعصر وسط طهران، بينما سُمعت أصوات انفجارات عنيفة في ميدان فاطمي ومحيط وزارة الداخلية. وذكرت وكالة «فارس» أن مقذوفَين يشبهان الصواريخ سقطا في منطقتين قرب شارع طالقاني وشارع كشاورز بوسط طهران. واستهدف هجوم مبنى في منطقة نياوران، أُفيد لاحقاً بأنه تابع لوزارة الاستخبارات. وأكدت الشرطة الإيرانية، في بيان، تعرُّض مقر شرطة العاصمة في منطقة ونك شمال العاصمة لهجوم.
أما صحيفة «سازندكي» فقد وصفت، عبر حساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي، الأوضاع، بعد هجماتٍ وقعت في محيط مقرها بمنطقة باسداران، وقالت: «شنّت المقاتِلة هجوماً أولياً، ثم عادت مجدداً ونفّذت هجوماً آخر على المبنى نفسه، ما تسبَّب باهتزاز المباني المجاورة، بما في ذلك مبنى الصحيفة، وتحطم نوافذ عدد من المباني».
وغطّت سُحب الدخان شوارع وسط العاصمة طهران، وأظهرت مقاطع فيديو سقوط قتلى وجرحى ومبانٍ مدمَّرة، وجاء ذلك بعدما أبلغت وسائل إعلام إيرانية، في بداية ساعات المساء، بتفعيل الدفاعات الجوية في أغلب مناطق طهران ومحيط شرقاً وغرباً، حيث تنتشر قواعد عسكرية كبيرة. ولم يتضح، على الفور، حصيلة القتلى.
جاءت هذه التطورات بينما أشارت رواية للجيش الإسرائيلي إلى أنه ضرب «أكثر من 80 هدفاً» في طهران، فجر الأحد. وقال، في بيان، إن الضربة نُفّذت «على مدار الليل»، واستهدفت «أكثر من 80 هدفاً، من بينها مقر وزارة الدفاع الإيرانية، ومقر المشروع النووي، وأهداف إضافية كان النظام الإيراني يُخفي فيها الأرشيف النووي».
وأصدر الجيش الإسرائيلي تحذيراً للإيرانيين الذين يعيشون بالقرب من منشآت الأسلحة يطالبهم بالإخلاء، بعدما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وترمب إن الهجمات لن تهدأ، بل ستزداد كثافة.
وقال مسؤول إن إسرائيل لا تزال لديها قائمة طويلة من الأهداف في إيران، وأحجم عن تحديد إلى متى ستستمر الضربات. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان: «سيقصف الجيش الإسرائيلي هذه المواقع... في طهران وغيرها، مستهدفاً القدرات النووية وأنظمة الأسلحة».
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن عزمه على ضرب «كل مواقع النظام» في إيران، في إطار الهجوم الذي تشنه إسرائيل، منذ الجمعة، واستهدف، على وجه الخصوص، مواقع عسكرية ونووية.
ومع إعلان إسرائيل أن عمليتها قد تستمر لأسابيع، وحثّ نتنياهو الشعب الإيراني على الانتفاض على حكامه من رجال الدين، تزداد المخاوف من تصعيد في المنطقة يستقطب قوى خارجية.
وجاءت الضربات على طهران، في حين بدت السلطات عاجزة عن توفير ملاجئ لسكان العاصمة. وأعلنت الحكومة أن المساجد ومحطات المترو والمدارس سيجري استخدامها ابتداءً من مساء الأحد، لتكون ملاجئ. وقالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني إن «المساجد هي من ضِمن الملاجئ المتوافرة للشعب، وسيجري تجهيز محطات المترو، الليلة، وفتحها للاستخدام»، مشيرة إلى أن المدارس هي أيضاً «أماكن آمنة».
وأضافت مهاجراني أن «العدوان الإسرائيلي موجَّه ضد الشعب الإيراني، وليس منشآت عسكرية كما يدَّعي، ويجب أن نتكاتف ولا نُصدّق الشائعات».
وفي وقت سابق، نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن مهدي تشمران، رئيس مجلس بلدية طهران، قوله إنه «يجب أن نستخدم الملاجئ التي بُنيت خلال حرب الثمانينات»، معرباً عن أسفه لافتقار طهران ومدن أخرى للملاجئ المؤهَّلة. وقال: «كل من محطات المترو، ومواقف السيارات متعددة الطوابق التابعة للوزارات، والمباني الشاهقة، تُعد أماكن مناسبة يمكن تجهيزها لمواجهة الأزمات الخاصة». وقال إن استخدام صالات التخزين لا يُعد خياراً مناسباً لمواجهة الأزمات.
يقدم إيرانيون المساعدة لرجل أُصيب في ضربة إسرائيلية استهدفت شارع كشاورز بوسط طهران (أ.ف.ب)
يقدم إيرانيون المساعدة لرجل أُصيب في ضربة إسرائيلية استهدفت شارع كشاورز بوسط طهران (أ.ف.ب)
وقُتل اثنان من عناصر الدفاع الجوي في مفاعل خنداب (أراك) للمياه الثقيلة، على أثر هجوم جوي على الموقع، وفق وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري». وتصدَّى الدفاع الجوي في قم، جنوب طهران، لطائرات مُسيّرة إسرائيلية حاولت استهداف أنظمة رادار، وفقاً لمسؤول أمني محلي.
واتسع بنك الأهداف الإسرائيلية، مساء السبت، من المواقع الاستراتيجية العسكرية والنووية ليشمل البنية التحتية الاقتصادية والمدنية، وبدأت الهجمات في ضربةٍ شنّتها طائرة مُسيّرة على منشأة غاز في محافظة بوشهر، قبالة الخليج العربي. كما تعرَّض مدخل مصفاة عبادان لهجوم، في وقت لاحق، وقالت إيران إن مستودع النفط في شهران بالعاصمة استُهدف في هجوم إسرائيلي، لكن الوضع تحت السيطرة. وأفادت وكالة «تسنيم»، الأحد، بأن حريقاً اندلع بعد هجوم إسرائيلي على مصفاة للنفط، قرب العاصمة، وأن الغارات الإسرائيلية استهدفت أيضاً مبنى وزارة الدفاع في طهران، مما أدى إلى وقوع أضرار طفيفة.
كما وردت تقارير عن تعرض مصفاتيْ أصفهان (وسط) وكرمانشاه (غرباً)، لهجمات. وقالت وزارة النفط الإيرانية إن مصفاة أصفهان تعمل بشكل مستقر، ووصفت التقاريرَ عن تضررها بـ«الشائعات». وأفادت وكالة «تسنيم» بأن هجوماً إسرائيلياً استهدف مقر شركة «شيراز» للصناعات الإلكترونية.
وقالت الوكالة إن دخاناً كثيفاً يتصاعد من موقع الشركة في مدينة شيراز بجنوب البلاد، عقب استهدافها بقذيفة، مشيرة إلى عدم ورود أنباء عن وقوع إصابات جرّاء قصف مقر الشركة.
وأعلن قائد حرس الحدود الإيراني رصد وتدمير 44 طائرة مُسيّرة صغيرة الحجم تابعة لإسرائيل على حدود البلاد، خلال 48 ساعة. وقال جهاز استخبارات الشرطة الإيرانية إن قواته في محافظة البرز، شمال غربي طهران، اعتقلت «اثنين من أعضاء خلية إرهابية تابعة للموساد، كانا يصنعان قنابل ومواد متفجرة وفِخاخاً إلكترونية في منزلٍ بمدينة ساوجبلاغ»، وانتشر فيديو في المواقع الإيرانية يزعم أنه في منزلٍ داهمته القوات الأمنية ويُظهر مُعدات وموادّ.
ولاحقاً، ذكرت وكالة «دانشجو»، التابعة لقوات «الباسيج»، أنه «جرى اعتقال شخصين من عناصر مُعادية يُشتبه بتنفيذهما عدة أعمال تخريبية في طهران، الأحد»، وذلك في وقتٍ ترددت فيه أنباء عن تفجير خمس سيارات مفخخة، خلال الساعات الماضية، في طهران.
ودعا أحمد رضا رادان قائد الشرطة الإيرانية المواطنين للإبلاغ عن «أي أمر مشبوه أو تحركات غريبة». وقال، في تصريحات عبر التلفزيون الرسمي، إن «بعض هؤلاء الخونة يستخدمون تحليق طائرات صغيرة مُسيّرة بهدف إشغال منظومة الدفاع الجوي في البلاد». وأضاف: «جرى ضبط عدة مركبات كانت تحمل طائرات مُسيّرة وتكتيكية، بعد أن أبلغ عنها المواطنون».
وفي وقت لاحق، قال وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب إن «الأجهزة الأمنية ستتعامل بشكلٍ حازم مع العناصر الخائنة والمتسللة القليلة التي تتعاون مع العدو».
وفي تصريحٍ له، على هامش اجتماع مجلس الوزراء، أدان خطيب استهداف المناطق السكنية، مؤكداً أن «جنود الإمام المهدي المجهولين (مسمى ضباط الاستخبارات في إيران) يقفون بقوة في الميدان دفاعاً عن الشعب والوطن». وشدد على أن «أي تعاون من قِبل عناصر خائنة مع العدو سيُقابَل بردٍّ حازم ودون تهاون».
وجاء في بيان للمدعي العام الإيراني: «كل من يتعاون أو يتواطأ مع إسرائيل أو يساهم في ترهيب الشعب، سيواجه أشد العقوبات القانونية، في ظل استمرار شرور الكيان الصهيوني» ضد إيران.
وفي غضون ذلك، قرر «الحرس الثوري» تأجيل مراسم تشييع قتلى الهجمات الإسرائيلية، من الثلاثاء إلى موعد غير مسمي. وقال رئيس «الهلال الأحمر الإيراني» للتلفزيون الرسمي إن الهيئة قدّمت شكوى رسمية، عبر الاتحاد الدولي للصليب الأحمر، على أثر مقتل أحد عناصر هيئة الهلال الأحمر الإيراني في تبريز، في هجوم بطائرة مُسيّرة إسرائيلية، خلال عمليات الإغاثة.
وقال قائد الجيش الجديد أمير حاتمي، في رسالة للمرشد علي خامنئي، إن «الجيش سيوجه ضربات مؤثرة وحاسمة لإسرائيل».
وأكد كل من الحكومة والبرلمان دعم القرارات التي يتخذها قادة القوات المسلّحة. وقال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، في رسالة لقادة عسكريين جرى تعيينهم خلفاً لقادةٍ قضوا في اليوم الأول من الهجمات، إن دعم البرلمان للقوات المسلّحة مستمر كما هو في السابق.
وقال ممثل المرشد الإيراني، علي سعيدي، للتلفزيون الرسمي، إنه «منذ الليلة الماضية، لُوحظ تغير واضح في لهجة المسؤولين الأميركيين، حيث شعروا بأنهم ارتكبوا خطأ، والكيان الصهيوني باتَ في موقف ضعيف، وهو يواجه، الآن، الواقع الفعلي للقدرات الدفاعية والهجومية لإيران».
وأضاف سعيدي أن «صواريخ إيران القديمة جعلت ليلة تل أبيب صعبة». وتابع «في عملية (الوعد الصادق 3) كان جزء من الصواريخ المستخدمة من الأجيال القديمة، ولو جرى استخدام التكنولوجيا الأحدث، لأدرك الكيان الصهيوني، حينها، القوة الحقيقية لإيران».
وقال عضو البرلمان الإيراني، النائب مجتبى زارعي، عبر منصة «إكس»: «حان الآن دور الهجوم على ديمونا؛ فهو مركز نووي للمجرمين. لقد هاجمتم منشآتنا النووية، وسنهاجم منشآتكم النووية، ولكن هذه المرة برأسٍ حربي يزن طِنَّين».
في السياق نفسه، قال نائب تبريز في البرلمان روح الله متفكر آزاد، لوكالة «إيلنا»، إن الهجمات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل 31 شخصاً، معظمهم من العسكريين، مشيراً إلى أن تبريز تعرضت لأضرارٍ «قابلة للتعويض».
وتهيأت المنطقة لصراع طويل الأمد، بعد أن شنت إسرائيل، يوم الجمعة، قصفاً مفاجئاً على مواقع نووية وعسكرية داخل إيران، ما أسفر عن مقتل عدد من كبار الجنرالات والعلماء النوويين.
وعبّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن دعمه الكامل للإجراءات الإسرائيلية، محذراً إيران من أنها لن تتجنب الدمار إلا من خلال القبول باتفاق نووي جديد.
أعمدة الدخان تتصاعد من مدرج مطار مشهد (شبكة تلغرام)
أعمدة الدخان تتصاعد من مدرج مطار مشهد (شبكة تلغرام)
من جانبه، حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إيران من أنها ستواجه «كامل قوة» الجيش الأميركي إذا هاجمت الولايات المتحدة، مؤكداً أن واشنطن «لا علاقة لها» بالضربات الإسرائيلية على طهران. غير أن نظيره الإيراني مسعود بزشكيان قال إن «واشنطن ضالعة بشكلٍ مباشر في اعتداءات إسرائيل». وأضاف، في اجتماع أسبوعي للحكومة، أن «الولايات المتحدة تلعب دوراً مباشراً في الهجمات الإسرائيلية». وقال: «ما نشهده، اليوم، يجري بدعم مباشر من واشنطن، رغم محاولاتها إخفاء ذلك إعلامياً».
وأضاف بزشكيان أن «إيران لم تسْعَ إلى الحرب، لكنها ستردُّ بقوةٍ أكبر إذا استمر العدوان، كما فعلت قواتها المسلّحة حتى الآن». وأضاف: «إيران ستردّ بـ(شكل أكثر حسماً وشدة) إذا تواصلت الاعتداءات»، مضيفاً أن الهجمات الإسرائيلية التي أودت بحياة قادة عسكريين ومدنيين «تؤكد تجاهل تل أبيب القوانين الدولية».
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأحد: «لدينا دليل قاطع على دعم القوات الأميركية والقواعد الأميركية في المنطقة لهجمات القوات العسكرية للكيان الصهيوني». وأضاف: «إذا توقفت الضربات الإسرائيلية على إيران، فستتوقف ردودنا أيضاً». وأكد أن «الولايات المتحدة شريكة في هذه الهجمات، ويجب أن تتحمل المسؤولية».