Search Icon

القضاء اللبناني يختبر الاستقلالية ومكافحة الفساد
انفجار مرفأ بيروت والملفات المالية في صدارة التحديات

منذ ساعتين

من الصحف

القضاء اللبناني يختبر الاستقلالية ومكافحة الفساد
انفجار مرفأ بيروت والملفات المالية في صدارة التحديات

الاحداث- كتب يوسف دياب في صحيفة الشرق الاوسط يقول:"تنطلق السنة القضائية الجديدة في لبنان، الثلاثاء، وسط تحديات كبرى تواجه السلطة القضائية وقدرتها على معالجة ملفات صعبة ومعقّدة، خصوصاً أن التعيينات التي شملت كل المواقع الشاغرة في هرمية القضاء، والتشكيلات القضائية الشاملة التي صدرت قبل شهر، فكّكت كل الألغام التي حالت في السنوات الماضية دون قيام القضاء بعمله.

تشكّل رعاية رئيس الجمهورية جوزيف عون، بحضور أركان الدولة، افتتاح السنة القضائية باحتفال رسمي حاشد يقام في قصر العدل في بيروت، رسالة سياسية وقضائية بالغة الدلالة، تعكس موقفاً داعماً للقضاء ولدوره، والبتّ بالملفات العالقة وإطلاق ورشة مكافحة الفساد بعيداً عن الضغوط والعراقيل التي عطّلت مسار العدالة.

التفاف حول القضاء

الرعاية الرسمية لافتتاح السنة القضائية، لا تعبّر عن دعم عهد الرئيس عون القضاء فحسب، بل تعكس التفاف الدولة بكل مؤسساتها حول القضاء واستقلاليته وحمايته من التدخلات السياسية التي لطالما أنهكت العدالة وأوصلتها إلى الشلل والتعطيل. ويؤكد مرجع قضائي بارز أن «القضاء مقبل على مرحلة واعدة من الإنجازات».

ويوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنها «المرّة الأولى منذ انتهاء الحرب الأهلية التي يشعر القضاء بأنه متحرر من قبضة أهل السلطة، وهذا ما ترسّخ بمسألتين: الأولى التعيينات في المواقع القضائية الحساسة، واختيار القاضي المناسب للمكان المناسب، والأخرى إصدار التشكيلات القضائية، بالصيغة التي وضعها مجلس القضاء الأعلى بكامل أعضائه، من دون أن تطلب السلطة السياسية إدخال أي تعديلات عليها ولا حتى وضع ملاحظات»، معتبراً أن «أداء القضاة في المرحلة المقبلة سيكون خاضعاً لمراقبة ومتابعة دقيقة من مجلس القضاء وهيئة التفتيش القضائي، حتى ينجحوا في امتحان استعادة ثقة اللبنانيين بمؤسسة العدالة».

ملف مرفأ بيروت

كل العهود السابقة والبيانات الوزارية المتعاقبة أعلنت التزامها دعم القضاء، لكنّ الممارسة لم تتطابق بالمطلق مع التعهدات، ويعترف المرجع القضائي بأن «معركة القضاء في مواجهة الفساد ليست سهلة على الإطلاق، لا سيما أن ملفات الفساد اعتادت أن تكون مشمولة بالغطاء السياسي، لكن الوضع القائم يبشّر بدخول القضاء مرحلة جديدة».

ويشدد على أن «ملف انفجار مرفأ بيروت، يمثّل ذروة التحدي لدور العدالة في لبنان، إذ إن هناك الكثير من الألغام التي تواجه مهمة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، أبرزها عشرات الدعاوى القضائية التي ما زالت قائمة ولم يجر البتّ بها».

ويشير إلى أن «الهيئة العامة لمحكمة التمييز بدأت بعقد جلسات متتالية كل يوم اثنين للبتّ بدعاوى مخاصمة البيطار، كما أن محاكم التمييز باتت أمام مسؤولياتها للفصل في دعاوى الردّ والنقل التي أقيمت ضدّ البيطار، لإتاحة المجال أمام الأخير لإصدار قراره الاتهامي في أسرع وقت ممكن».

ملفات الفساد

قد يكون ملفّ المرفأ أقلّ وطأة من الملفات التي ستفتح على مصراعيها في السنة القضائية الجديدة، أبرزها ملفات الفساد الإداري، والتحويلات المالية وسرقة أموال المودعين، وإنهاء قضية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، الذي لم يُخلَ سبيله رغم مضيّ أكثر من عام على توقيفه من دون إجراء محاكمة أو إصدار حكم، بالإضافة إلى محاكمة وزير الاقتصاد السابق أمين سلام، الموقوف منذ أربعة أشهر، والسير قدماً بقضية وزارة الصناعة التي يلاحَق فيها الوزير السابق النائب الحالي جورج بوشكيان، بقضايا فساد، من دون إغفال ملفات أساسية فُتحت ولم تنتهِ التحقيقات فيها بعد، أبرزها ملفّ أدوية السرطان المزورة، والهدر في كهرباء لبنان والسدود، والفساد في كازينو لبنان والدوائر العقارية ومصلحة تسجيل السيارات والمركبات وغيرها من القضايا العالقة.

امتحان حقيقي

تكاد المرّة الأولى التي يحظى فيها القضاء بعناية غير مسبوقة من رأس الدولة، وهذا ما تعهّد به الرئيس جوزيف عون في خطابه، والتزمت به حكومة الرئيس نوّاف سلام في البيان الوزاري، فجرى اعتماد المعايير التي وضعها وزير العدل عادل نصار في اختيار قضاة محددين للمناصب العليا، وأيضاً في التشكيلات القضائية، بالإضافة إلى ردّ الرئيس عون لقانون استقلالية السلطة القضائية، بعد أن لقي اعتراضاً واسعاً من القضاة الذين رأوا أن هذا القانون «لا يحقق الاستقلالية المنشودة للقضاء».

كل ذلك يضع القضاء أمام الامتحان الحقيقي وقدرته على التحرك باستقلالية، وفتح ملفات الفساد على مصراعيها دون خضوع لأي ضغوط أو ابتزاز، لا سيما أن قضاة لبنان لا تنقصهم الجرأة إذا ما تأمنت لهم الحصانة الفعلية.