الاخداث- بعد زيارة تاريخية أولى إلى البيت الأبيض، ولقائه الرئيس دونالد ترامب، أجرى الرئيس السوري أحمد الشرع مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست.
وفي حوار استمر ساعة، ناقش الشرع، أهمية إعادة بناء علاقة سوريا بالولايات المتحدة. كما قدّم تقييمات صريحة للمحادثات الجارية مع إسرائيل، وللعنف الطائفي الذي أعقب الحرب، ولرحلته غير المتوقعة من متمرد متمركز في العراق وزعيم للمتمردين في سوريا إلى أول رئيس دولة سوري يلتقي رئيساً أميركياً في واشنطن. هنا نص المقابلة:
العقوبات والعلاقات مع الولايات المتحدة
التقيتَ اليوم بالرئيس دونالد ترامب وأعضاء الكونغرس. أتساءل إن كان بإمكانك التحدث معنا عن أهدافك من الرحلة، وهل خرجتَ منها وقد التقيتَ بهم؟
الهدف الأهم هو البدء في بناء العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة، لأنها لم تكن جيدة على الإطلاق خلال المئة عام الماضية.
كنا نبحث عن مصالح مشتركة بين الولايات المتحدة وسوريا، ووجدنا أن لدينا العديد من المصالح المشتركة التي يمكننا البناء عليها، مثل المصالح الأمنية والاقتصادية. سيؤثر استقرار سوريا على المنطقة بأسرها، كما أن عدم استقرارها سيؤثر عليها أيضاً.
الاستقرار مرتبط بالاقتصاد، والاقتصاد — أو التنمية الاقتصادية — مرتبط برفع العقوبات. هذا النقاش مستمر منذ أشهر، وأعتقد أننا حققنا نتائج جيدة، لكننا ما زلنا ننتظر القرار النهائي.
أوستن تايس
اختفى زميلنا أوستن تايس في سوريا. أتساءل إن كان بإمكانك إخبارنا بما تعرفه عن البحث عنه ومكان وجوده، وهل كنت تتواصل بشأنه مع البيت الأبيض وجهات أخرى في واشنطن؟
خلال الحرب التي شنّها النظام السابق على الشعب السوري، لدينا حوالي 250 ألف مفقود سوري. يشمل هذا العدد بعض الأشخاص الذين يحملون جنسيات أخرى، مثل أوستن تايس.
تمكّنّا من إطلاق سراح مواطن أميركي من السجون عند وصولنا إلى دمشق، وسلّمناه فوراً إلى السلطات الأميركية. أنشأنا لجنةً للمفقودين، وهناك تركيز على الأشخاص الذين يحملون الجنسية الأميركية وفُقدوا في سوريا، ونعمل بتنسيق مع السلطات الأميركية.
التقيتُ ببعض عائلات المفقودين، ومن بينهم والدة أوستن تايس. إنها امرأة عظيمة. والدتي كانت لها قصة مشابهة. فُقدتُ لسبع سنوات، وظنّ الجميع أنني قُتلت باستثناء والدتي، التي كان لديها إيمان راسخ بأنني سأعود يوماً ما.
ماضي الشرع كمقاتل في سوريا والعراق
ماذا تقول لأميركي عادي يتحدث مع عضو في الكونغرس ويناقش هذه العقوبات، فيقول: "لماذا نرفع العقوبات عن رجل قاتل ضد الولايات المتحدة؟"
بدايةً، القتال ليس عيباً إذا كان لأهداف نبيلة، خاصة إذا كان دفاعاً عن أرضك وعن شعب يعاني من الظلم. أعتقد أن هذا أمر جيد يستحق الإشادة. لقد خضت حروباً كثيرة، لكنني لم أتسبب قط في مقتل شخص بريء.
وعندما ينخرط شخص ما في القتال، يجب أن تكون لديه خلفية أخلاقية راسخة. لقد تأثرت المنطقة بالسياسات — السياسات الغربية والسياسات الأميركية — واليوم لدينا الكثير من الأميركيين الذين يتفقون معنا على أن بعض هذه السياسات كانت خاطئة، وأنها تسببت في حروب كثيرة لا طائل منها.
العنف الطائفي والأقليات في سوريا
في ظل النظام السابق، كانت هناك محاولات لتأليب مختلف الجماعات ضد بعضها البعض، لكن بعض هذه الجماعات لا يزال يقاتل. كيف تردّ على منتقديك الذين يقولون إنكم لم تبذلوا جهداً كافياً للحد من هذا النوع من العنف، وما هي خطتكم لضمان عدم استمرار الهجمات على الأقليات؟
خرجت سوريا لتوّها من حرب ضروس، وكانت تعيش في ظل ديكتاتورية ونظام قاسٍ سيطر على البلاد لمدة ستين عاماً. نمر حالياً بمرحلة انتقالية، وفي هذه المرحلة تختلف الأوضاع والظروف والقوانين عن الدول المستقرة.
على سبيل المثال، بعد الحرب الأهلية في الولايات المتحدة، هل كانت الأمور مستقرة بعد عام واحد؟ أم أنها استغرقت سنوات عديدة بعد الحرب؟ نحن في مرحلة إعادة بناء الدولة واستعادة القانون. لكنني لا أقول إنه لا توجد مشاكل في سوريا — ليست هذه نهاية القصة.
هناك مصالح فردية لبعض الجماعات التي تسعى إلى الاستقلال أو الحكم الذاتي. بعض هذه الأطراف تسعى لإيجاد مبرر لمصالحها، فتستخدم طائفتها أو عقيدتها كغطاء.
يتحدثون عن تهديد وجودي لطائفتهم أو عقيدتهم، لكن في سوريا نعيش في تعايش مع جماعات دينية مختلفة منذ أكثر من 1400 عام، وما زلنا موجودين، وما زال هذا التنوع قائمًا.
-يقول الأميركيون إن سبب وجودهم هو محاربة تنظيم الدولة الإسلامية. هل يمكنك التحدث معنا عن وضع اتفاقكم مع قوات سوريا الديمقراطية ومع الجماعات الكردية، وهل تعتقد أن الولايات المتحدة وهذه الجماعات لا تزال ضرورية كقوة؟
خضنا حرباً مع داعش لمدة عشر سنوات، وفعلنا ذلك دون تنسيق مع أي قوة غربية أو أي دولة أخرى.
سوريا اليوم قادرة على تحمّل هذه المسؤولية. إن إبقاء سوريا مقسّمة، أو وجود أي قوة عسكرية خارج سيطرة الحكومة، يمثل البيئة المثلى لازدهار داعش.
أعتقد أن الحل الأمثل هو أن تُشرف القوات الأميركية الموجودة في سوريا على دمج قوات سوريا الديمقراطية في قوات الأمن التابعة للحكومة المركزية. وستكون مهمة حماية الأراضي السورية من مسؤولية الدولة.
إسرائيل وسوريا
تعرضت سوريا لهجمات متكررة من الجيش الإسرائيلي، كما أنها تحتل أراض سورية، ويبدو أنها تُغذّي الطائفية، لا سيما داخل الطائفة الدرزية. كيف تُخططون لحماية السيادة السورية ليس فقط من القوى الداخلية، بل من القوى الخارجية أيضًا؟
دخلت سوريا في حرب مع إسرائيل قبل خمسين عاما، ثم، في عام 1974، كان هناك اتفاق لفك الاشتباك.
دام هذا الاتفاق خمسين عاما، ولكن عندما سقط نظام الأسد ألغت إسرائيل هذا الاتفاق، ووسّعت وجودها في سوريا، وطردت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام، واحتلت أراض جديدة.
لقد شنّوا أكثر من ألف غارة جوية في سوريا منذ الثامن من كانون الأول، شملت قصف القصر الرئاسي ووزارة الدفاع. لكن لأننا نريد إعادة إعمار سوريا، لم نردّ على هذه الاعتداءات.
إنّ التقدم الذي أحرزته إسرائيل في سوريا لا ينبع من مخاوفها الأمنية، بل من طموحاتها التوسعية.
لطالما ادعت إسرائيل أن لديها مخاوف بشأن سوريا لأنها تخشى التهديدات التي تمثلها الفصائل الإيرانية وحزب الله، نحن من طردنا تلك القوات من سوريا.
نحن منخرطون في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، وقد قطعنا شوطًا طويلًا في طريق التوصل إلى اتفاق. لكن للتوصل إلى اتفاق نهائي، يجب على إسرائيل الانسحاب إلى حدودها التي كانت قائمة قبل الثامن من كانون الاول.
الولايات المتحدة معنا في هذه المفاوضات، والعديد من الأطراف الدولية تدعم وجهة نظرنا في هذا الصدد. واليوم، وجدنا أن الرئيس ترامب يدعم وجهة نظرنا أيضًا، وسيدفع بأسرع وقت ممكن للتوصل إلى حل لهذه المسألة.
هل توافق سوريا على نزع السلاح من المنطقة جنوب دمشق؟
الحديث عن منطقة منزوعة السلاح بالكامل سيكون صعبًا، لأنه في حال حدوث أي نوع من الفوضى، فمن سيحميها؟ إذا استُخدمت هذه المنطقة منزوعة السلاح من قبل بعض الأطراف كمنصة انطلاق لضرب إسرائيل، فمن سيكون مسؤولًا عن ذلك؟
وفي نهاية المطاف، هذه أراضٍ سورية، ويجب أن تتمتع سوريا بحرية التصرف في أراضيها.
احتلّت إسرائيل مرتفعات الجولان لحماية إسرائيل، وهي الآن تفرض شروطًا في جنوب سوريا لحماية مرتفعات الجولان. لذا، بعد بضع سنوات، ربما ستحتل وسط سوريا لحماية جنوب سوريا. سيصلون إلى ميونيخ عبر هذا المسار.
العلاقة مع روسيا
الزعيم السوري السابق موجود في موسكو محميا بشكل أساسي من حكومة فلاديمير بوتين. هل أثرتم هذه القضية مع الروس؟ هل طالبتم بإعادته للمحاكمة على الجرائم التي ارتكبها؟
كنا في حرب ضد روسيا لعشر سنوات، وكانت حربا قاسية وصعبة. أعلنوا أنهم اغتالوني عدة مرات.
نحتاج إلى روسيا لأنها عضو دائم في مجلس الأمن، ونحتاج إلى صوتها ليكون إلى جانبنا في بعض القضايا، ولدينا مصالح استراتيجية معها. لا نريد دفع روسيا إلى اتخاذ خيارات بديلة أو أخرى في التعامل مع سوريا.
قضية بشار الأسد تُشكّل إشكالية بالنسبة لروسيا، وعلاقتنا بها ما زالت في بداياتها. سنحافظ على حقنا كسوريين في المطالبة بمحاكمة الأسد.