الاحداث - زار صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، دير المخلّص (الكُرَيْم) في غوسطا، يرافقه كل من المطران حنا علوان، المطران الياس نصار، المطران أنطوان عوكر، المطران بولس صياح، المطران يوحنا رفيق الورشا، المطران أنطوان نبيل العنداري وكهنة الدائرة البطريركية.
واحتفل الراعي بصلاة مساء عيد ختانة الرب يسوع ويوم السلام العالمي، بمشاركة الأم ماري أنطوانيت سعادة، الرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات، وعدد من الراهبات.
وبعد قراءة الإنجيل المقدس، كان للبطريرك الراعي كلمة جاء فيها: “”سلامًا أستودعكم، سلامي أُعطيكم”. إخوتي السادة المطارنة، قدس الرئيس العام، الرئيسات العامات، الآباء والراهبات، أيها الإخوة والأخوات الأحباء، نحتفل اليوم بيوم السلام العالمي، ذلك اليوم الذي أسّسه البابا القديس بولس السادس، واختار له الأول من كانون الثاني من كل سنة، لأن الإنجيل يقول: “دُعي اسمه يسوع”، فأراد أن يقترن باسم يسوع يوم السلام العالمي. ونحن أيضًا نربط السلام باسم يسوع، الذي يقول لنا اليوم: “سلامًا أستودعكم، سلامي أُعطيكم”. ومعنى قوله: “سلامًا أستودعكم” أنه يهبنا سلامه، وهو السلام الجوهري والحقيقي لحياة كل واحد منا. وحين يفيض فينا هذا السلام، يقول لنا: “سلامي أُعطيكم”، أي أعطيكم سلامي لكي توزّعوه. إذًا، السلام قبل أن يكون سلامًا خارجيًا، هو سلام داخلي: سلام مع الله بكل أبعاده، مصالحة معه، إصغاء لكلمته، عيش في حضرته، في مخافته وتقواه. إن العلاقة بين الإنسان والله هي أساس كل شيء. فإذا لم تكن العلاقة بالله علاقة سلام، يصبح من الصعب، بل من غير الممكن، أن نبني السلام مع الآخرين”.
وأضاف الراعي: “هذه هي المسؤولية الكبرى التي نحملها اليوم انطلاقًا من كلام الرب يسوع: “سلامًا أستودعكم، سلامي أُعطيكم”. هذا هو دورنا كمسيحيين: رهبانًا وكهنةً وأساقفةً وراهبات، وكذلك كعلمانيين. كلنا ننشد السلام، لكن لا سلام اجتماعيًا، ولا سلامًا في الجماعات، ولا في العائلات، ولا في البلدان والأوطان، إن لم يكن السلام أولًا سليمًا مع الله. هذا ما نلتمسه دائمًا: سلامٌ يتجلّى علنًا بالتواضع، ويظهر خارجيا في الإنسان الفقير الذي لا ينتظر إلا عطايا الرب في حياته. فالسلام يجعل الإنسان وديعًا متواضعًا، وهذه من علامات السلام الداخلي. وحين يمتلك الإنسان هذا السلام يستطيع أن يهبَه لغيره. لذلك، لا يمكن، بل يستحيل، بناء سلام داخل جماعة، سواء كانت عائلة صغيرة، أم جماعة رهبانية أو مدنية أو وطنية، إن لم يبدأ السلام من قلب كل واحد منا”.
واستطرد: “هذه الكلمة عظيمة قالها الرب يسوع في الإنجيل، وهي تعطي معنى لحياتنا: أن نكون حَمَلة سلام المسيح وصانعي سلامه. لذلك نصلّي اليوم كي نكون جماعة منفتحة على سلام المسيح بكل مقتضياته، فنعيشه في العائلة الصغيرة والكبيرة. ويسرّني اليوم، مع السادة المطارنة، أن نهنّئكم، قدس الأب العام، وأن نهنّئ مجلسكم والجمعية بهذا اليوم الجميل، ونعايدكم بالأعياد: عيد الميلاد المجيد ورأس السنة، ونهنئكم بالسلام الذي هو أعظم هدية منحنا إياها الله. نصلّي من أجل الجمعية كي يباركها الرب ويعضدها ويوجّهها دائمًا إلى الأمام. وأنتم اليوم مجلس جديد، نتمنى لكم التوفيق في خدمتكم ورسالتكم. وككل مجلس، أنتم بحاجة إلى جماعة تزرعون فيها السلام، جماعة رهبانية، أو عائلية، أو مدنية، أو وطنية، فهي تحتاج إلى من يعمل من أجل السلام. هذه مسؤوليتنا جميعًا، ومسؤولية كل واحد منا. وهي المسؤولية التي تعطي المعنى لحياتنا، وإلا فلا نستطيع أن نحلم بسلام. إنه سلام المسيح: فإذا استقر سلام المسيح في قلب كل واحد منا، نستطيع أن نبني سلام الجماعة”.
وتابع: “ندعو لكم، وللجمعية، ولكل الرهبانيات، أن تعيش هبة سلام المسيح وتعمل معًا لبناء هذا السلام. وعبثًا نقول إن السلام قائم إذا لم يكن هناك سلام داخلي، وسلام اجتماعي، وسلام اقتصادي، وسلام سياسي، عندها لا يمكننا أن نحلم بسلام”.
وختم الراعي قائلا: “يا رب، نشكرك لأنك وهبتنا ذاتك، أنت السلام. في هذا اليوم الجميل، كن سلامَنا الداخلي الأول. ونشكرك لأنك ترسلنا كي نبني هذا السلام. لك المجد مع أبيك وروحك القدوس إلى الأبد”.
وفي ختام الزيارة، دوّن الراعي في السجل الذهبي للدير، كلمة جاء فيها:
“بفرح كبير، لبيت دعوة الرئيس العام الجديد قدس الأب الياس سليمان ودعوة رئيس الدير حضرة الأب جورج الترس الى هذا اللقاء الاخوي: الصلاة ومائدة المحبة. بذات الفرح لبى الدعوة السادة المطارنة في الصرح البطريركي. نتمنى لجمعية الآباء المرسلين اللبنانيين دوام الازدهار، وللسلطة الجديدة النجاح في مهمتها: ادارة الجمعية والسعي الى تقديس أعضائها والعمل على نموها. مع بركتي الرسولية ومحبتي ودعائي.
دير الكريم في 30 كانون الاول 2025
كل عام وانتم بخير وسنة جديدة 2026 مباركة
الكاردينال بشارة بطرس الراعي بطريرك انطاكيا وسائر المشرق”.