Search Icon

التشكيلات القضائيّة: انقلاب وتصفية حسابات سياسيّة؟

منذ 12 ساعة

من الصحف

التشكيلات القضائيّة: انقلاب وتصفية حسابات سياسيّة؟

الاحداث- كتبت صحيفة الاخبار تقول:"بعد نحو ثماني سنوات على صدور آخر تشكيلات قضائية شاملة، يعمل مجلس القضاء الأعلى منذ أكثر من شهرين على إعداد مسودة جديدة للتشكيلات، يفترض إحالتها إلى وزير العدل عادل نصّار خلال الأيام المقبلة. يأتي ذلك وسط وعود أطلقها نصّار بالتزام مضمون المسودة كما سيقرّها المجلس، من دون إدخال تعديلات على الأسماء المقترحة. غير أن هذا الالتزام لا يبدو حاسماً، في ظلّ ما يجري تداوله عن «فيتوات» يضعها الوزير على بعض الأسماء، ما تسبّب في تأخير صدور التشكيلات، في موازاة إصرار رئيس المجلس القاضي سهيل عبود على أسماء قضاة محسوبين عليه.

وإذا كان بعض القضاة يشيرون إلى أنّ مجلس القضاء الأعلى يحرص على إحاطة مسودته بالسريّة والتكتم، يؤكّد آخرون أنّ بعض المراكز الحساسة باتت شبه محسومة ومعروفة، ومن بينها:

- القاضي زاهر حمادة نائباً عاماً استئنافياً في الجنوب (هناك تأكيدات بأن مجلس القضاء لا يزال يجري مقابلات حول هذا المركز ما قد يطيّر الاتفاق مع رئيس مجلس النوّاب نبيه ويهدّد مصير التشكيلات).
- القاضية نجاة أبو شقرا نائباً عاماً استئنافياً في النبطية.
- القاضي رجا حاموش نائباً عاماً استئنافياً في بيروت.
- القاضي مارسيل حداد نائباً عاماً استئنافياً في البقاع.
- القاضي كلود غانم مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة.
- القاضي زياد أبو حيدر قاضي تحقيق أوّلَ في جبل لبنان.
- القاضي فادي عقيقي قاضي تحقيق أوّلَ في الشمال.
- القاضي بلال ضناوي قاضي تحقيق أوّلَ في بيروت (أو القاضي ربيع الحسامي في حال لم يتسلّم محكمة الجنايات في جبل لبنان).
- القاضية سمرندا نصار رئيسة إحدى غرف الهيئة الاتهامية في جبل لبنان (مكان القاضي بيار فرنسيس).
- القاضي كمال نصار رئيس إحدى الغرف الاتهامية في بيروت (مكان القاضية ندى دكروب).

صراع على جبل لبنان

إلى ذلك، يستمر الكباش حول بعض المناصب الحساسة، لا سيما في المحكمة العسكرية وبعض المراكز في بيروت، إضافةً إلى النيابة العامة الاستئنافية في الشمال، حيث تبرز أسماء ثلاثة مرشحين للمنصب، وهم القضاة وائل الحسن وأحمد رامي الحاج وزياد الشعراني (المكلف حالياً). وتشير الترجيحات إلى أن الحسن هو الأوفر حظاً نظراً إلى أقدميته وابتعاده عن الاصطفافات السياسية.

غير أن الصراع الأشد يتركز على مركز النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان، في ظل تباين في المواقف بين نصّار وعبود ورئيس الجمهورية جوزيف عون.

إقصاء لقضاة محسوبين على المستقبل والتيار 
وتركيز على 
«شيعة لايت»

وتتنافس على هذا المنصب أسماء عدة، أبرزها القاضي سامر ليشع بدعم من عبود بعدما ورد اسمه في التشكيلات السابقة التي لم تقر، وسامي صادر بدعم من نصّار باعتباره الأكبر سناً ودرجةً وتم تكليفه بهذا المنصب بعد إحالة القاضية غادة عون على التقاعد، إضافة إلى القاضية دورا الخازن بدعمٍ من رئيس الجمهوريّة بعدما لمع اسمها في موجة التوقيفات الأخيرة الصادرة عن النيابة العامة المالية، بينما يشير هؤلاء إلى أنّ حظوظها تعد الأقل.

كما تتباين الآراء حول منصب رئيس إحدى الهيئات الاتهامية في جبل لبنان (كان يرأسها القاضي ربيع الحسامي)، إذ رشّح عبود بدعمٍ من «نادي القضاة» القاضي حمزة شرف الدين، بينما تُحاول بعض الأحزاب فرض اسم القاضي زياد دغيدي.

مصادر قضائية أكّدت أن كل ما يتردد عن انتهاء التدخلات السياسية في القضاء «مجرّد وهم، والواقع يظهر عكس ذلك تماماً، مع استمرار محاولات الاستئثار بالسلطة القضائية وتقاسم المواقع».

ولفتت المصادر إلى سعي «القوات اللبنانية» إلى الاستئثار بالتعيينات بدعم من عبود، ومحاولات لإقصاء القضاة القريبين من تيار المستقبل بهدف إرضاء رئيس الحكومة نواف سلام. كما يطال التهميش قضاة محسوبين على التيار الوطني الحر, إذ تمّ تعيين بعضهم في مراكز غير مهمّة بعدما كانوا في مواقع بارزة، ومن بينهم القاضي طوني الصغبيني الذي كان يتولّى مركز محامي عام استئنافي في جبل لبنان، إضافةً إلى كونه مستشاراً لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون، والقاضي ميشال فرزلي الذي كان يتولّى مهمّة محامي عام في جبل لبنان.

وتؤكّد المصادر أن عبود ينسق بشكل دائم مع نصّار في ما يتعلق بالتفاصيل، لجعل هذه التشكيلات بمنزلة انقلاب على العهد القضائي القديم وتصفية حسابات مع عددٍ من القضاة المحسوبين على حزب الله وحركة أمل. ويشير هؤلاء إلى أن المسودة تشمل إقصاء أي قاضٍ ولو كان على علاقة شخصية بسيطة بحزب الله، وانتقاء قضاة شيعة «لايت» لتعبئة المراكز الشاغرة.

هذا المناخ يضاعف مخاوف عدد من القضاة واستياءهم من نفوذ عبود داخل المجلس وتأثيره على غالبية أعضائه، إلى جانب علاقاته الوطيدة بالنائب العام التمييزي القاضي جمال الحجّار ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي أيمن عويدات، خصوصاً أنّ الحجّار يتصرّف مع عبود على طريقة «رد الجميل» باعتبار أن الأخير أوصى باسمه ليكون في منصبه الحالي.

ويشير القضاة إلى أن الحجّار وعويدات يحرصان على عدم فتح أي إشكال مع عبود، ما يدفعهما إلى مسايرته في غالبية القرارات، ومنها مسودة التشكيلات التي لعب فيها عبود الدور الأبرز، كما بدا جلياً في مرسوم التشكيلات الجزئية الذي صدر في بداية أيار الماضي.

ويؤكد هؤلاء أن التشكيلات الجزئية الأخيرة شهدت تعيين قضاة أقل درجة وكفاءة من زملائهم، بعضهم متأخر عن زملائه بأكثر من خمس درجات، من دون الأخذ بمبدأ الثواب والعقاب الذي يطالب به القضاة. إذ تم إبعاد من أثبتوا جدية والتزاماً في عملهم، وأُسندت مناصب إلى قضاة معروفين بتغيبهم وتقصيرهم، ما يكشف بوضوح استمرار التدخلات السياسية والطائفية في الجسم القضائي، على عكس ما يُروّج في التصريحات الرسمية.

وهو ما حصل مع عددٍ من القضاة الذين أحيلوا إلى هيئة التفتيش القضائي لعدّة مرات، ومن بينهم محامٍ عام استئنافي حالي، قبل أن تمنع التدخلات السياسيّة عنهم الإجراءات التأديبيّة. إلا أن المفاجأة هي بقاؤهم في مناصبهم، حتّى في مسودة «مجلس القضاء» الذي يعد بالإصلاحات ومحاربة الفساد، بينما «تطير رؤوس» قضاة آخرين بذرائع سياسيّة!