عن المساحة المشتركة في مشروع نعمة افرام
الاحداث- كتبت نادين فارس
شغل النائب المستقّل نعمة افرام عندما انتخب للمرّة الأولى عام 2018 منصب رئيس اللجنة البرلمانيّة للاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط. ومن أجل تجنّب الانهيار الماليّ والاقتصاديّ الذي توقّعه وحذّر منه في وقت مبكر من العام 2015، وضع مع اللجنة التي يرأسها خطّة لمدّة 5 سنوات لتصفير العجز تمّ تجاهلها، الأمر الذي حمل عواقب وخيمة على الدولة وعلى الشعب معاً.
في آب 2020، استقال افرام احتجاجاً على الفساد وعدم إنتاجيّة المنظومة السياسيّة اللبنانيّة التي أدت إلى الانهيار الماليّ وانفجار مرفأ بيروت عام 2020، ليعاد انتخابه نائباً للمرة الثانية في أيار 2022.
اليوم، ومع تردّد إسمه كمرشّح رئاسيّ، والكلام عن المساحة المشتركة التي يتمحور حولها مشروعه الانقاذيّ ورؤيته للخروج من الأزمة، بات من المجدي تظهير بعض من عناوينها وهي قائمة على الإجابات على سلسلة من الأسئلة.
من بين هذه الأسئلة، كيف يمكن إنقاذ لبنان وشعبه؟ أليس المطلوب خطّة تعافٍ ماليّة - اقتصاديّة، تسبقها عمليّة إرساء الحماية الاجتماعيّة الشاملة؟
ولتنجح هذه الخطّة، ألا بدّ من إصلاح إداري شامل قائم على تحرير المؤسّسات من التدخّلات السياسيّة؟
وهذا الإصلاح الاستراتيجيّ ومهما كان متطلّباً أو صعباً وقاسياً، أليس كفيلاً بأن يدخل لبنان في الإنتاجيّة بدل الشلل والاستسلام للإنهيارات؟
برأي افرام، لتسهيل التوافق حول هذه المساحة المشتركة وزيادة فرص نجاحها، لا بدّ من أن تبنى على العقد الاجتماعيّ أوّلاً بالتوازي مع تثبيت العقد الوطنيّ.
فلسفيّاً وواقعيّاً، ألم تقم كلّ دول العالم على هذا الأساس؟ ألا يدخل لبنان عندها في حال النجاح بإعادة بناء العقد الاجتماعيّ إلى مرحلة استقرار ممتّدة على المستقبل الرحب، ما يمنح الفرصة ببناء العقد الوطني؟ وحينها وبالتوازي تتمّ مناقشة وإقرار ما على اللبنانيين إقراره من المواضيع البنيويّة كاللامركزيّة الموسّعة ومجلس الشيوخ، واستقلاليّة القضاء وقانون الإنتخابات وسياسة الأمن القومي...؟
أمّا عمليّاً، وكون خارطة طرق التنفيذ متشعبّة، إلاّ أنّ الأساس هو في الإصرار على ثابتة أنّ لا مجال لتحديد المساحة المشتركة بين اللبنانيين من خارج الوجع وضرورة معالجته. والمعالجة تقوم على الحماية الاجتماعيّة وإدارة الانهيار الماليّ عبر توزيع عادل للخسائر، ومنع افلاس المصارف حمايةً للعلاقة بين المودع والدولة، ولاستعادة أموال المودعين من جهّة ولعدم التسبّب بعزلة لبنان عن النظام المصرفي العالمي من جهّة ثانية، وتثمير أصول الدولة اللبنانيّة، التي يمكنها إعادة إنتاج دورة اقتصاديّة سليمة بعيداً عن البيع أو الخصخصة، لتدار بالحوكمة الرشيدة بشفافيّة وخبرة مع الإشراف والرقابة.
وكما وحدها شبكة الأمان الاجتماعيّ المسبقة تكفل جعل اللبنانيين يتحملّون الأوجاع الظرفيّة الموضعيّة لعملية الإصلاح الشاملة، كذلك المطلوب رفع يد السياسيين والسياسة عن إدارات الدولة. هكذا تنصرف هذه الإدارات إلى أداء دورها في تأمين أفضل خدمة للمواطن، على أساس الإنتاجيّة والكفاءة والاحتراف، وعلى قواعد النزاهة والاستقامة وتكريس المواطنة حقوقاً وواجبات.
ورشة العمل في هذا الاطار تتطلّب هيكلة وتنظيم كافة مؤسّسات وإدارات الدولة الرسميّة، في إصلاح مقاوم للزبائنيّة وللفساد، ومحبّذ للشفافيّة على كلّ المستويات. إصلاح واضح المسؤوليّات والصلاحيّات، ينصاع للقانون ويخضع للرقابة والمساءلة وقابل للتصحيح وللتطوير. إصلاح يمتثل لقضاء كامل الاستقلاليّة.
افرام بالخلاصة استند في مشروعه على المعرفة الواسعة والعميقة بالحياة السياسيّة اللبنانيّة والوضعيْن الإقتصاديّ والإجتماعيّ والتوازنات والمتاهات والتعقيدات كما المساحات المشتركة، وبالقدر عينه، عيشه للعولمة ومنهجيّات التفكير والعمل في العالميْن العربيّ والدوليّ.
وهو بالتالي يملك الأهليّة للتواصل وللإقناع، من خلال مخاطبة شعبه والجماعات السياسيّة والمكوّنات المجتمعيّة لوصل ما انقطع من خلال العمل على المساحة المشتركة، وبالقدر عينه مخاطبة العالميْن العربيّ والدوليّ، وإحداث الصدمة الإيجابيّة المطلوبة للشروع بالإنقاذ.