
بعبدا ما بعد أورتاغوس: إصلاح وسحب سلاح؟
الاحداث- كتب آلان سركيس في صحيفة نداء الوطن يقول:"لا يحتمل كلام نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس أي تأويل، وما حاول البعض تفسيره على أنه تعاطٍ إيجابي أو سلبي دحضته تصريحاتها ووضعت لبنان الرسمي أمام ساعة الحقيقة.
يمكن البناء على كلام أورتاغوس لمعرفة اتجاه الأمور في المرحلة المقبلة. لقد حسمت واشنطن قرارها وأبلغت المسؤولين بانتهاء فترة السماح، وضرورة اتّخاذ خطوات صارمة ومقنعة لا الاكتفاء بالتصاريح.
يبدو الحمل ثقيلاً على كاهل رئيس الجمهورية جوزاف عون. وكانت الخلوة مع أورتاغوس هي الأساس، حيث سلّمته السرّ الذي حملته من الإدارة الأميركية. وتطالب واشنطن بسحب كل السلاح غير الشرعي وتطبيق القرارات الدولية وضبط الحدود، وتأليف لجان دبلوماسية للتفاوض مع إسرائيل وتحقيق الإصلاح الشامل.
تسلّم عون المطالب الأميركية التي هي في الأساس مطالب داخلية، والموضوع الأهم هو طريقة التعامل مع سلاح "حزب الله" والسلاح غير الشرعي. وأطلق عون بعد زيارة أورتاغوس مواقف تؤكد على حصرية الدولة للسلاح من خلال الحوار.
ولا يزال القصر الجمهوري يدرس كيفية التعامل مع هذا الموضوع، والثابت حتى الآن عدم رغبة رئيس الجمهورية في نزع السلاح بالقوة والدخول في معارك داخلية. في المقابل لا يمكن للرئيس صرف النظر عن المطلب الأميركي.
لم تضع بعبدا حتى الساعة أي إطار للحوار حول السلاح الذي تحدّث عنه الرئيس، وما إذا كان سيستنسخ نمط الجولات السابقة التي فشلت، أو سيقود حواراً ثنائياً بينه وبين "حزب الله" يصل في النهاية إلى إقناع قيادة "الحزب" بالتخلي عما تبقّى من سلاح.
ويتسلّح عون في هذا المجال بالاتفاق الموقّع في 27 تشرين الثاني والذي أنهى القتال، وسيعمل على تطبيقه، كما يعلن تمسّكه بخطاب القسم الذي ينصّ على حصر السلاح بيد الشرعية. وتعطى التعليمات إلى الأجهزة الأمنية لاستكمال ما تقوم به وتعزيز الانتشار، واتّخاذ التدابير الصارمة في منطقة جنوب الليطاني وفق مقررات 1701 واتفاق الهدنة. ولا مشكلة في هذه المنطقة، في حين يبحث عون عن أفضل السبل لحلّ السلاح شمال الليطاني دون الوصول إلى صدام مع "حزب الله".
وقعت الدولة اللبنانية في مأزق حقيقي نتيجة عدم تسليم "حزب الله" لسلاحه، ويحاول لبنان الرسمي تطبيق إجراءات صارمة في المطار عبر تغيير الطاقم الذي كان يتبع لـ "حزب الله" لتأمين أمن المطار، والأمر ذاته ينطبق على مرفأ بيروت، مع وجود بعض علامات الاستفهام، وهذه العلامات ناتجة عن وضع "الحزب" يده على الدولة طوال السنوات الماضية وزرع أزلامه في كل مفاصلها. وانطلاقاً من كل ذلك، تنتظر الدولة ورشة عمل طويلة من أجل تحريرها من قبضة "الحزب".
ربطت أورتاغوس ملف المساعدات وإعادة الإعمار، بنزع سلاح "الحزب" وتحقيق الإصلاح الداخلي. وأكّد الرئيس عون للموفدة الأميركية الرغبة الداخلية في الإصلاح قبل الخارج. وسيحاول في المرحلة المقبلة، تسريع الخطط الإصلاحية بعد تعيين قادة جدد للأجهزة الأمنية وحاكم مصرف لبنان وإعداد الخطط الاقتصادية والمصرفية لإقرارها في الحكومة، ويتجه مجلس الوزراء في الأسبوع المقبل، حسب المعلومات، إلى تعيين رئيس جديد لمجلس الإنماء والإعمار وملء مراكز شاغرة في الدولة، ويضغط الرئيس عون في مجلسي الوزراء والنواب لتسريع إقرار وتطبيق القوانين المطلوبة.
يعتبر الإصلاح ضرورياً، وبعد إجراء التعيينات في المراكز الحساسة التي تعتبر أساس السلطة، وبعد إقرار التعيينات القضائية بعد الأمنية، تسقط كل الحجج ويشرّع باب محاربة الفساد على مصراعيه، لكن الخوف من اقتصار التغيير على الأشخاص والمراكز ويبقى الأداء كما هو.
يضع عون الجميع أمام مسؤولياتهم، فمثلما استدعى رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى بعبدا أمس الأول وأبلغه ضرورة التحرّك برلمانياً، للإسراع في إقرار القوانين الإصلاحية وفعل شيء ما في ملف السلاح، استقبل رئيس الحكومة نواف سلام أمس ووضعه والحكومة أمام المسؤولية التاريخية في حال لم يقم لبنان بما هو مطلوب منه، لذلك الحراك السريع هو عنوان المرحلة المقبلة لكي لا يقع لبنان في المحظور.